كیف نحصّن أنفسنا في عصر الظهور؟؟

بسم الله الرحمن الرحيم
اللَهٌمَ صَل ِعَلى مُحَمْدٍ وَآل ِ مُحَمْدٍ الْطَيّبْينَ الْطَاهِرّيْنَ

كيف نحصّن أنفسنا في عصر الظهور؟؟





لا بدّ من أن نبحث عن العوامل و الأسباب التي تحصّننا في هذه المسيرة من السقوط و تعصمنا من الشّيطان ،و من ضعف أنفسنا ، ووسائل التحصّن و العصمة في حياة العاملين كثيرة.و أهمّا أربعة يذكرها القرآن:

1ـ الاستعانة بالصّبر و الصّلاة:
يقول تعالی: « و استعينوا بالصّبر و الصّلاة»( البقرة: 45).
و يقول تعالی:« يا ايها الذين آمنوا استعينوا بالصّبر و الصّلاة»
(البقرة : 153).
و في سورة هود يشدّ الله علی قلب رسوله (ص) في وسط المعركة الضارية، التی كان يخوضها مع أئمة الشّرك في الجزيرة، فيقصّ له قصّة مسيرة التوحيد الطويلة. ثمّ يقول تعالی لرسوله (ص) بعد استعراض هذه المسيرة الطويلة:« فاستقم كما أمرت و من تاب معك و لا تطغوا إنّه بما تعملون بصير* و لا تركنوا إلی الذين ظلموا فتمسّكم النّار و مالكم من دون الله من أولياء ثم لا تنصرون *و أقم الصّلاة طرفي النّهار و زلفا مّن الّيل إنّ الحسنات يذهبن السّيئات ذلك ذكری للذّاكرين * و اصبر فإنّ الله لا یضیع أجر المحسنين» (هود : 112ـ115).

و الصّبر هو الثبات لسنن الله تعالی . و تجري المعارك بموجب سنن الله . و الذي يريد أن يربح المعركة لا بدّ من أن يعرف هذه السّنن و يثبت لها و يقابلها بما يكافئها و يقابلها في سنن الله. و إعداد القوّة المكافئة لقوّة العدوّ في ساحة المعركة، أو في الساحة السياسية ،أو الإعلام... من الصّبر.
إنّ الصّبر ليس بمعنی أن يتحمّل الإنسان العدوّ، بل بمعنی أن يقاوم و يثبت للعدوّ ،و لا ينهار و لا ينسحب من مواجهته ، حتّی يتمكن من ردعه و دفعه بقوّة مكافئة لقوّته ،و هو المعنی الإيجابي للصّبر.

و الصّلاة تمثّل الارتباط بالله و ذكره ،و الإنسان المسلم في وسط المعركة لابدّ من أن يستعين بالله و ذكره ذكراً كثيراً، و يستمدّ القوة و العزم من الله ـ و يشدّ حبله بحبل الله ـ فإذا وصل الإنسان حبله بحبل الله تعالی في ساحة المعركة ، فإنّه لا يخاف و لا يجبن و لا يضعف ،و هذا هو معنی الصّبر و الصّلاة.


2ـ الولاء
المسلمون نسيج واحد ، بعضهم من بعض ، تربط بعضهم ببعض علاقة عضوية متينة هي علاقة الولاء. وهذا الولاء هو الولاء علی الخط الأفقي في مقابل الولاء لله تعالی و رسوله و أولياء الأمور ،و هو الولاء علی الخط العمودي في نسيج المجتمع الاسلامي. و إلی هذه العلاقة العضوية التي تشدّ الأمّة المسلمة بعضها ببعض،و تكوِّن منها كتلة مترابطة واحدة تشير الآية الكريمة :« و المؤمنون و المؤمنات بعضهم أولياء بعض»( التوبة : 71).
و هذا الولاء يتضمّن التحابب و التناصر التضامن و التكافل و التعاون و التسالم و التناصح .

و الأمة التي يرتبط بعضها ببعض بهذه الوشائج القوية أمّة متماسكة قوية في ساحة المعركة ، و لأمرٍ ما يجعل الله تعالی أساس العلاقة بين أطراف هذه الأمّة و أعضائها علی أساس الولاء . فإنّ علاقته أمتن علاقة في الأسرة الواحدة.

و لمّا كانت مهمّة هذه الأمّة الأولی هي المواجهة و التحدّي في ساحة الصّراع ، فلا بدّ من أن تتمتّع ببناء داخلي قويّ و نسيج محكم و متين ، لتستطيع أن تقاوم ضراوة المعركة الحاسمة الـتي تدخلها هذه الأمّة. و من دون هذا الولاء المتين الذي يشدّ بعض المسلمين إلی بعض لا تستطيع هذه الأمّة أن تقاوم جبهة الكفر و النفاق في هذه المعركة المصيرية. و هذه الأمّة مجتمعة تعتصم بحبل الله ،و هي كتلة واحدة ،و مجموعة واحدة ،و أسرة واحدة ، في مواجهة أئمة الكفر« و اعتصموا بحبل الله جميعا و لا تفرّقوا»2.

و في هذه الآية يأمرهم الله تعالی بالاعتصام أوّلاً بحبل الله في ساحة المعركة ، و أن يكون هذا الاعتصام من قبل الجميع (جميعاً) . فإنّ الصراع يتطلّب من كلّ من الطرفين المتصارعين أن يستحضر كلّ قوّته. و قوّة هذه الأمّة في أمرين : في اعتصامها بالله و في اجتماعها و وحدة كلمتها في هذا الاعتصام.
أطيب تحياتي للجميع
نورجهان