|
#1
|
|||||||
|
|||||||
![]() والان انقل لكم نص تفسير الميزان للعلامة الطباطبائي رحمة الله عليه لكي نتيقن بان كل انسان هو مسؤول عن عمله ولا يمكنه ان يلقي المسؤولية على اي انسان اخر : الميزان في تفسير القرآن، ج13، ص: 54 قوله تعالى: «وَ كُلَّ إِنسانٍ أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ فِي عُنُقِهِ» قال في المجمع،: الطائر هنا عمل الإنسان شبه بالطائر و قال في المفردات،: تطير فلان و أطير أصله التفاؤل بالطير ثم يستعمل في كل ما يتفاءل به و يتشاءم «قالُوا إِنَّا تَطَيَّرْنا بِكُمْ» و لذلك قيل: لا طير إلا طيرك و قال: «إِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا» أي يتشاءموا به «أَلا إِنَّما طائِرُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ» أي شؤمهم ما قد أعد الله لهم بسوء أعمالهم و على ذلك قوله: «قالُوا اطَّيَّرْنا بِكَ وَ بِمَنْ مَعَكَ» «قالَ طائِرُكُمْ عِنْدَ اللَّهِ» «قالُوا طائِرُكُمْ مَعَكُمْ» «وَ كُلَّ إِنسانٍ أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ فِي عُنُقِهِ» أي عمله الذي طار عنه من خير و شر و يقال: تطايروا إذا أسرعوا و يقال إذا تفرقوا. انتهى. و بالجملة سياق ما قبل الآية و ما بعدها و خاصة قوله: «مَنِ اهْتَدى فَإِنَّما يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ» إلخ، يعطي أن المراد بالطائر ما يستدل به على الميمنة و المشأمة و يكشف عن حسن العاقبة و سوءها فلكل إنسان شيء يرتبط بعاقبة حاله يعلم به كيفيتها من خير أو شر. و إلزام الطائر جعله لازما له لا يفارقه، و إنما جعل الإلزام في العنق لأنه العضو الذي لا يمكن أن يفارقه الإنسان أو يفارق هو الإنسان بخلاف الأطراف كاليد و الرجل، و هو العضو الذي يوصل الرأس بالصدر فيشاهد ما يعلق عليه من قلادة أو طوق أو غل أول ما يواجه الإنسان. فالمراد بقوله: «وَ كُلَّ إِنسانٍ أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ فِي عُنُقِهِ» أن الذي يستعقب لكل إنسان سعادته أو شقاءه هو معه لا يفارقه بقضاء من الله سبحانه فهو الذي ألزمه إياه، و هذا هو العمل الذي يعمله الإنسان لقوله تعالى: «وَ أَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى وَ أَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرى ثُمَّ يُجْزاهُ الْجَزاءَ الْأَوْفى»: النجم: 41. فالطائر الذي ألزمه الله الإنسان في عنقه هو عمله، و معنى إلزامه إياه أن الله قضى أن يقوم كل عمل بعامله و يعود إليه خيره و شره و نفعه و ضره من غير أن يفارقه إلى غيره، و قد استفيد من قوله تعالى: «وَ إِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ ... إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَ عُيُونٍ» الآيات: الحجر: 45 أن من القضاء المحتوم أن حسن العاقبة للإيمان و التقوى و سوء العاقبة للكفر و المعصية و لازم ذلك أن يكون مع كل إنسان من عمله ما يعين له حاله في عاقبة أمره معية لازمة لا يتركه و تعيينا قطعيا لا يخطئ و لا يغلط لما قضي به أن كل عمل فهو لصاحبه ليس له إلا هو و أن مصير الطاعة إلى الجنة و مصير المعصية إلى النار. و بما تقدم يظهر أن الآية إنما تثبت لزوم السعادة و الشقاء للإنسان من جهة أعماله الحسنة و السيئة المكتسبة من طريق الاختيار من دون أن يبطل تأثير العمل في السعادة و الشقاء بإثبات قضاء أزلي يحتم للإنسان سعادة أو شقاء سواء عمل أم لم يعمل و سواء أطاع أم عصى كما توهمه بعضهم. قوله تعالى: «وَ نُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ كِتاباً يَلْقاهُ مَنْشُوراً» يوضح حال هذا الكتاب قوله بعده: «اقْرَأْ كِتابَكَ كَفى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً» حيث يدل أولا على أن الكتاب الذي يخرج له هو كتابه نفسه لا يتعلق بغيره، و ثانيا أن الكتاب متضمن لحقائق أعماله التي عملها في الدنيا من غير أن يفقد منها شيئا كما في قوله: «يَقُولُونَ يا وَيْلَتَنا ما لِهذَا الْكِتابِ لا يُغادِرُ صَغِيرَةً وَ لا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصاها»: الكهف: 49، و ثالثا أن الأعمال التي أحصاها بادية فيها بحقائقها من سعادة أو شقاء ظاهرة بنتائجها من خير أو شر ظهورا لا يستتر بستر و لا يقطع بعذر، قال تعالى: «لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هذا فَكَشَفْنا عَنْكَ غِطاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ»: ق: 22. و يظهر من قوله تعالى: «يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً وَ ما عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ»: آل عمران: 30 أن الكتاب يتضمن نفس الأعمال بحقائقها دون الرسوم المخطوطة على حد الكتب المعمولة فيما بيننا في الدنيا فهو نفس الأعمال يطلع الله الإنسان عليها عيانا، و لا حجة كالعيان. و بذلك يظهر أن المراد بالطائر و الكتاب في الآية أمر واحد و هو العمل الذي يعمله الإنسان و بالجملة في قوله: «وَ نُخْرِجُ لَهُ» إشارة إلى أن كتاب الأعمال بحقائقها مستور عن إدراك الإنسان محجوب وراء حجاب الغفلة و إنما يخرجه الله سبحانه للإنسان يوم القيامة فيطلعه على تفاصيله، و هو المعنى بقوله: «يَلْقاهُ مَنْشُوراً». و في ذلك دلالة على أن ذلك أمر مهيأ له غير مغفول عنه فيكون تأكيدا لقوله: «وَ كُلَّ إِنسانٍ أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ فِي عُنُقِهِ» لأن المحصل أن الإنسان ستناله تبعة عمله لا محالة أما أولا فلأنه لازم له لا يفارقه. و أما ثانيا فلأنه مكتوب كتابا سيظهر له فيلقاه منشورا. قوله تعالى: «اقْرَأْ كِتابَكَ كَفى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً» أي يقال: له: اقرأ كتابك «إلخ». و في الآية دلالة على أن حجة للكتاب قاطعة بحيث لا يرتاب فيها قارئه و لو كان هو المجرم نفسه و كيف لا؟ و فيه معاينة نفس العمل و به الجزاء، قال تعالى: «لا تَعْتَذِرُوا الْيَوْمَ إِنَّما تُجْزَوْنَ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ»: التحريم: 7. و قد اتضح مما أوردناه في وجه اتصال قوله: «وَ يَدْعُ الْإِنْسانُ بِالشَّرِّ» الآية بما قبله وجه اتصال هاتين الآيتين أعني قوله: «وَ كُلَّ إِنسانٍ أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ- إلى قوله- حَسِيباً» فمحصل معنى الآيات و السياق سياق التوبيخ و اللوم أن الله سبحانه أنزل القرآن و جعله هاديا إلى ملة هي أقوم جريا على السنة الإلهية في هداية الناس إلى التوحيد و العبودية و إسعاد من اهتدى منهم و إشقاء من ضل لكن الإنسان لا يميز الخير من الشر و لا يفرق بين النافع و الضار بل يستعجل كل ما يهواه فيطلب الشر كما يطلب الخير. و الحال أن العمل سواء كان خيرا أو شرا لازم لصاحبه لا يفارقه و هو أيضا محفوظ عليه في كتاب سيخرج له يوم القيامة و ينشر بين يديه و يحاسب عليه، و إذا كان كذلك كان من الواجب على الإنسان أن لا يبادر إلى اقتحام كل ما يهواه و يشتهيه و لا يستعجل ارتكابه بل يتوقف في الأمور و يتروى حتى يميز بينها و يفرق خيرها من شرها فيأخذ بالخير و يتحرز الشر. قوله تعالى: «مَنِ اهْتَدى فَإِنَّما يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَ مَنْ ضَلَّ فَإِنَّما يَضِلُّ عَلَيْها وَ لا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى» قال في المفردات،: الوزر الثقل تشبيها بوزر الجبل، و يعبر بذلك عن الإثم كما يعبر عنه بالثقل قال تعالى: «لِيَحْمِلُوا أَوْزارَهُمْ كامِلَةً» الآية كقوله: «وَ لَيَحْمِلُنَّ أَثْقالَهُمْ وَ أَثْقالًا مَعَ أَثْقالِهِمْ» قال: و قوله: «وَ لا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى» أي لا تحمل وزره من حيث يتعرى المحمول عنه. انتهى. و الآية في موضع النتيجة لقوله: «وَ كُلَّ إِنسانٍ أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ» إلخ و الجملة الثالثة «وَ لا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى» تأكيد للجملة الثانية «وَ مَنْ ضَلَّ فَإِنَّما يَضِلُّ عَلَيْها». و المعنى إذا كان العمل خيرا كان أو شرا يلزم صاحبه و لا يفارقه و هو محفوظ على صاحبه سيشاهده عند الحساب فمن اهتدى فإنما يهتدي لنفسه و ينتفع به نفسه من غير أن يتبع غيره. و من ضل عن السبيل فإنما يضل على نفسه و يتضرر به نفسه من دون أن يفارقه فيلحق غيره، و لا تتحمل نفس حاملة حمل نفس أخرى لا كما ربما يخيل لاتباع الضلال أنهم إن ضلوا فوبال ضلالهم على أئمتهم الذين أضلوهم و كما يتوهم المقلدون لآبائهم و أسلافهم أن آثامهم و أوزارهم لآبائهم و أسلافهم لا لهم. نعم لأئمة الضلال مثل أوزار متبعيهم، و لمن سن سنة سيئة أوزار من عمل بها و لمن قال: اتبعونا لنحمل خطاياكم آثام خطاياهم لكن ذلك كله وزر الإمامة و جعل السنة و تحمل الخطايا لا عين ما للعامل من الوزر بحيث يفارق العمل عامله و يلحق المتبوع بل إن كان عينه فمعناه أن يعذب بعمل واحد اثنان.(انتهى نص تفسير الميزان) |
![]() |
|
|
|