|
#1
|
||||||||||
|
||||||||||
![]() • أوقات السواك، والسواك للصائمقد تقدم ما يدل على استحباب السواك عند كل وضوء، وعند كل صلاة.. وإذا أراد أن ينام ويأخذ مضجعه، ووقت السحر، وفي كل مرة قام من نومه، وحين طلوع الشمس والخ.. أما الصائم فإنه يستاك أي النهار شاء(71). وكان الإمام علي (عليه السلام) يستاك في أول النهار وفي آخره، في شهر رمضان(72). ولكن لم يرجع له الاستياك بسواط رطب أيضاً(73).. ولعل ذلك من أجل أن لا يجعل الصائم في حرج من جهة صومه، مع الحرص على القيام بعملية السواك حتى في حال الصوم.. ونحن نشير هنا إلى أن وفود الجراثيم إلى الفم لا ينحصر في تخمر فضلات الطعام فيه، لأن من الممكن أن تصل إلى الفم عن طريق ملامسة بعض الأجسام الأخرى غير الطعام.. بل ومن الطعام نفسه إذا كان ملوثاً بما هو خارج عنه.. كما أن من الممكن أن تتوافد إلى الفم عن طريق الهواء غير النقي، الذي يصل إلى الفم، وإلى غيره من أجهزة الجسم عن طريق التنفس. ولأجل هذا.. فقد اختلفت الميكروبات التي يعاني منها الفم وتنوعت، ولا يضاهيه في اختلافها وتنوعها أي عضو آخر في الإنسان على الإطلاق.. وهو أكثر الأعضاء قابلية لاستقبالها، وهو المكان الأمثل لنموها وتكاثرها.. لأن اللعاب الذي يتدفق باستمرار - وإن كان في حالة سلامة الجسم - يمكنه أن يقضي على كثير من أنواع الميكروبات(74) ، إلا أنه في غير هذه الحالة يمثل الدرع الواقي والغطاء الطبيعي لها، الذي يمكنه أن يحميها من كثير من العوارض: بل إنه يمثل الغذاء لها لو حرمت الغذاء.. وإذا لاحظنا مدى حساسية هذا العضو - الفم - بالنسبة لسائر أجهزة الجسم الأخرى.. فإننا نعرف السر في تجويز الاستياك للصائم.. وفي دعوة الإسلام للاستياك في الأوقات المختلفة المتقدم ذكرها.. أضف إلى ذلك: أن بقاء محيط الفم لعدة ساعات في حالة هدوء معناه أنه إذا كان فيه شيء من الفضلات المتبقية فإن التخمير يتم فيه بيسر وسهولة حينئذٍ، كما أنه لو كانت بعض الجراثيم متخلفة في الفم فإنها تستطيع مهما كانت ضئيلة ومحدودة أن تقوم بنشاط واسع من دون وجود أي وازع أو رادع. فإذا استاك قبل النوم فإنه يقضي بذلك على كل ذلك، ولا يبقى ثمة فرصة لنشاط الجراثيم، ولا لتخمر الفضلات.. كما أن السواك بعد النوم يقضي على الجراثيم الوافدة إلى الفم عن طريق التنفس وغيره. ويقول البعض: (إن تدفق اللعاب باستمرار في الفم عامل مهم في منع إصابة الأسنان بالتسوس والخراب، لأن اللعاب يؤثر في تنظيفها ميكانيكياً، وحيث أنه يقل تدفق اللعاب ليلاً، فإن قابلية الأسنان للتعرض للخراب تزيد طبعاً، وهذا ما يؤكد الحاجة للسواك بعد النوم كما قلنا)(75) .. كما أن السواك يقضي على الميكروبات التي يمكن أن تكون قد نشطت أثناء النوم، وعلى بعض الفضلات لو فرض تخلفها في تجاويف الفم، فيما لو كان السواك قبل النوم غير فعال، بسبب التقصير في الاستقصاء فيه.. نعم.. ولعل ما ذكرناه يلقي بعض الضوء على ما تقدم من قولهم (عليهم السلام): لو علم الناس ما في السواك لأباتوه معهم في لحاف.. وهذا ما يؤكد لنا عظمة الإسلام، وانسجامه مع الحاجات الطبيعية، التي تكتنف وجود هذا الكائن، وتهيمن عليه.. ويلاحظ هنا: أن جرح اللثة بالسواك ثم تعفنها غير وارد هنا بالنسبة للإنسان السليم.. وذلك لأن الفم يتمتع بمناعة خاصة ضد تعفن جراحة الفم، ولعل هذا هو السر في اعتبار الإسلام الفم طاهراً، مطهراً، بحيث لو ظهر فيه دم فإنه يطهر بنفسه بمجرد ذهاب آثاره.. كما أن اللعاب نفسه قاتل للميكروب لدى الرجال الأصحاء، كما قدمنا(76). ولكن ذلك لا يعني عدم تولد ملايين الجراثيم في الفم بفعل التخمر الذي تغلفه أغشية تمنع من تأثير اللعاب في مكافحتها عادة.. كما أشرنا إليه من قبل.. هذا.. ونجد أن الرضا (عليه السلام) يستاك في كل مرة بأكثر من مسواك واحد، ولعله لأجل أن تلافى ما يمكن أن يعلق بكل واحد منها أثناء عملية السواك هذه، ثم يمضغ الكندر بعد سواكه.. فقد ورد أن الرضا (عليه السلام) كان إذا صلى الفجر جلس في مصلاه إلى أن تطلع الشمس، ثم يؤتى بخريطة فيها مساويك، فيستاك بها واحداً بعد واحد، ثم يؤتى بكندر فيمضغه الخ(77) . ولعل مضغة للكندر بهدف تطييب رائحة فمه، صلوات الله وسلامه عليه وعلى آبائه أجمعين.. • السواك.. والتلوثات الخارجيةلقد ورد عن الصادق (عليه السلام) أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان إذا صلى العشاء الآخرة أمر بوضوئه وسواكه، فيوضع عند رأسه مخمراً، فيرقد ما شاء الله، ثم يقوم، فيستاك الخ(78). كما.. وتقدم أن الرضا (عليه السلام) كان وهو بخراسان إذا صلى الفجر جلس في مصلاه إلى أن تطلع الشمس، ثم يؤتى بخريطة فيها مساويك، فيستاك بها واحداً بعد واحد، ثم يؤتى بكندر الخ.. وهذا يعكس رغبة النبي (صلى الله عليه وآله) والإمام (عليه السلام) بالمحافظة على المساويك، ولو بجعلها في خريطة، أو الاحتفاظ بها مغطاة إلى وقت الحاجة.. حتى لا يصل إليها أي من أنواع الجراثيم من أي سبب كان، حتى من الهواء، فضلاً عن ملامسة أي شيء آخر لها.. وهذا هو منتهى الدقة في المحافظة على سلامة البدن.. ولاسيما إذا لاحظنا أن الرضا (عليه السلام) نفسه يجعل لكل صلاة مسواكاً خاصاً بها، من أجل أن لا يبقى في المسواك حين استعماله للمرة الثانية أي أثر للرطوبة من العملية السابقة، لأن الرطوبة يمكن أن تنسجم مع حياة بعض الجراثيم التي ربما تعلق بها(79)، ويكون اللعاب حاجزاً من تأثير المواد التي في المسواك في إهلاكها وإبادتها.. ![]() |
![]() |
|
|
|