في سنه 1991 و بعد دخول قوات الحرس الجمهوري إلى مدينة كربلاء
و قمعها الانتفاضة الشعبانية و ضرب القبة الحسنية و الدمار منتشر في كل مكان
و الجثث منتشرة بين انقاض البنايات و آلة الموت الصدامية تسحق بجنازير الدبابات
كل شي يتحرك و القوات المختصة و اجهزتها الرهية تسوق الآلاف من الشباب الى المذابح
يقول صاحبنا الرجل الكبير السن
كنا حوالي ثلاث سيارات و الاجهزة تأخذنا لا نعرف إلى أين ؟!
و لكن باتجاه الصحراء خارج كربلاء ..
يقول : و في الطريق وجدنا قوات أخرى فحولوا مسارنا باتجاه طريق فرعي
و هناك أنزلونا في أرض مستوية تحيط بها التلال
و بركلات الجنود و الضرب باخمص البنادق و الشتائم القذره و جدنا أنفسنا وجها لوجه مع
المجرم جسين كامل فقلنا في أنفسنا : هذه هي نهايتنا
كان متغطرسا مشمئزا و كنا نتقصد التحديق في التراب لكي لا نرى بشاعة وجهه
و لكن بشاعة ألفاظه و عصبيتة تجبرنا النظر إليه و في كل لحظة نقول : سيصدر أمره
بإطلاق النار علينا و نعيد التشهد في كل لحظة
ثم قال ما خلاصته
من منكم مع صدام حسين و من منكم مع الحسين ..؟
يقول الرجل : ارتعدنا لهذه المقارنة و عشرات من فوهات البنادق مصوبه إلينا
و لم يطل تفكيرنا و خيارنا حتى نهض شاب في حوالي السادسة عشرة من عمره
و قال بصوت جرئ و ثابت:
انا مع الحسين
فقال له المجرم حسين كامل : اذهب و قف هناك..!
ثم ساد صمت رهيب و كان المجرم يتخطى فوق رقابنا و يتبختر ثم رفع يده
فاندفع احد كلابه و ناوله بندقية و هيأها للرمي فسددها باتجاه الشاب و افرغ
فيه طلقات البندقية كاملة .. فسقط الشاب مضرجا بدمائه ثم عاد و التفت إلينا و أعاد سؤاله ثانية
من منكم مع صدام حسين و من منكم مع الحسين..؟
فنهض شاب آخر بعمر الأول تقريبا و قال:
أنا مع الحسين
فقال له المجرم :
اذهب و قف هناك بجانب تلك الجيفه ( و طبعا يقصد الشهيد الذي اطلق النار عليه )
فذهب الشاب بخطوات ثابتة و لكن قبل أن يصل أطلق عليه النار
سقط هو الآخر مضرجا بدمع
يقول الرجل : كان حسين كامل مرعوبا ، رغم أنه هو الآمر النهي
و لم يكرر السؤال كيلا يتفاجأ بأن الجميع أن يكونوا مع الحسين
يقول الرجل : ثم انهال علينا بأفضع الشتائم و السباب في اعراضنا و شرفنا و نسائنا
ثم قال لنا : له و للوا .. أي اذهبوا
يقول الرجل : لم نصدق كلماته الأخيرة إلا حين انهالت علينا الركلات ثانية فنهضنا بأسرع ما يمكن
و هرولنا على غير هدى و نحن نتلفت مذعورين و نتفرس في وجهي الشهيدين لكي نحفظ ملامحهما جيداً
و لكي نعرف على الاقل من هما ..؟
يقول الرجل ساخرا من نفسه : ذهبنا نحن جماعة صدام حسين إلى بيوتنا و في الليل في عالم الرؤيل
رأيتالحسين العظيم قادما و من خلفه الشهداء بكل مهابة على خيولهم البيضاء
فتوقف الامام الحسين عند الشهيد الثاني فترجل و قبل الشهيد و حمله و وضعه على فرسه ثم قال للشهداء :
هذا الرجل يدفن معي في الضريح
ثم خطى باتجاه الشهيد الذي قتل اولا و قبله ايضا و حمله على فرس احد الشهداء و قال"
أما هذا فيدفن مع الشهداء في ضريحهم
فسأله احد الشهداء:
لماذا يا سيدي و الاثنان استشهدا في سبيل الله ..؟
فأجاب الامام :
نعم الاثنان استشهدا في سبيل الله ، و لكن الثاني رأى الموت بعينيه ثم قال :
انا مع الحسين
اللهم صل على محمد و آل محمد و عجل فرجهم و اهلك اعدائهم يا كريم نسال الله أن يهلك كل ظالم على وجه الارض
أمثال الطاغية صدام وجلازوته
بحق امير المؤمنين
ولكم مني خالص الدعاء
تحيااتي العطرة
نورجهان