عجيبة أفعالنا

بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على محمد وآله الطاهرين
عجيب أن يصدر منا نحن البشر ما يُغضب الله هذا الرب العظيم المتفضل علينا بأعظم نعمة ألا وهي نعمة الوجود ومن ثم بعظيم النعم التي لا نستطيع حصرها في عدد محدود
ما هذا الغرور الذي نحمله والجحود الذي نقابل به من بيده أمرنا ، وهو أقرب إلينا من حبل الوريد
كيف نهنأ بلذاتٍ وقتية وشهواتٍ شيطانية نغضب بها من جاد علينا بالعقل لنكون له عابدين وعن غيره حائدين ليُديم نعمه علينا ويختمها لنا بالإقامة الخالدة في جنات النعيم
لماذا جمدنا العقل الذي هو المنقذ لنا من وساوس ابليس والهادي لنا إلى التأمل في ملكوت الله والتدبر في آياته ومن ثم الإخلاص له بالطاعة لمعرفتنا بأنه هو من يستحق العبادة دون سواه
فأبدلناه بإحياء تلك النفس التي تأمرنا بالفحشاء وتحيد بنا عن جادة الحق لتُوقعنا في شراك الشيطان لنكون له تابعين يأمرنا بالمعاصي فننصاع طائعين ويجرنا إلى المهالك فنسير معه مُسلمين
ماذا جرى لنا ألم نكن بالأمس قد عاهدنا خالقنا حينما أَخَذَنا من ظهور آباءنا وأشهدنا على أنفسنا قائلاً ألستُ بربكم قلنا بلى لم ننكر ولم نجحد ، لِمَ اليوم نحن غارقون في المعاصي ، نتسابق إلى الذنوب ونُسرع إلى المهالك لنكون لجهنم حطباً ننادي طالبين العفو فنجاب بالمقامع تطرق رءوسنا والأغلال تحرق أيدينا وأرجلنا والقطران يملأ بطوننا وحر النار يذيب شحومنا
أهي الدنيا وما فيها من زخارف وزبارج أغرتنا بجمالها الزائف لنركن إليها طامعين نتكالب على بريق الذهب ، ونتصارع على حيازة المال ، لا نعبأ بأي طريق أخذناه وفي أي سبيل ننفقه
لٍمَ صرنا كالبهائم بل أضل سبيلاً ، لِمَ صارت قلوبنا كالحجارة بل أشد تصلباً
ما هذا الفساد وما هذا العبث ، ألم يخلقنا الله لعمارة الأرض وإصلاحها ، ألم يجعلنا خلفاء الأرض لماذا نسير بعكس ما هو مطلوب منا ليظهر على أيدينا الفساد وتضج الأرض مستنكرة لقبيح أعمالنا ، ومع ذاك نرى ذلك المنعم لم يعجل في عذابنا بل أمهلنا علنا نعود إلى رشدنا وحلم بلطفه علينا علنا نصحو من غفلتنا وستر بكرمه علينا حتى لا يطلع على عظيم الجرم أحدٌ سواه ، ليعطينا الفرصة للتوبة ليُمحى ذلك الجرم ولم يبقَ له اثر في حياتنا ، لكننا وللأسف قابلنا كل ذلك بالتمادي في فعل المعاصي حتى إذا ما أتت ساعة انتهاء الأجل وجاءنا الموت وانكشف لنا الغطاء انتبهنا من نومتنا لنندم ماضيعنا من فرص وهبها الله لنا قد قد أهملناها بغفلتنا وجهلنا ، حين ذاك نتمنى أن نعود إلى الدنيا لنعمل صالحاً غير الذي كنا نعمل فلا يُسمح لنا ونتمنى ان نكون تراباً لهول ما نطلع عليه من نار سجرها الله لغضبه ، نلتفت يمنة ويسرى فلا نجد من يقف في ذلك اليوم الرهيب أحدٌ معنا ، في ذلك اليوم الذي يفر فيه المرء عن أخيه وأمه وابيه وفصيلته التي تؤيه لكلٍ منا يومئذ شأن يغنيه ، أسأل الله أن يجعلنا من المنتبهين الغفلة قبل وقوع الطامة ومن العاملين بإخلاص قبل إثيالة الصاخة ومن المهتدين قبل يوم القارعة لنهنأ بالفوز العظيم وندخل في رحمة الله ونستقر في نعيم جنانه مع الأنبياء والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً
http://c.shia4up.net/uploads/13179396411.bmp
صــ آل محمد ــداح