03-20-2012, 05:31 PM
|
|
|
|
لوني المفضل
Cadetblue
|
رقم العضوية : 15 |
تاريخ التسجيل : Apr 2011 |
فترة الأقامة : 4822 يوم |
أخر زيارة : 04-23-2023 (08:33 PM) |
المشاركات :
4,993 [
+
]
|
التقييم :
10 |
بيانات اضافيه [
+
] |
|
|
|
من منكم لم يذنب...!
بسم الله الرحمن الرحيم
خرج الإمام علي عليه السلام والحسن والحسين عليهما السلام ذات يوم في الكوفة لإقامة الحد على أحد الأشخاص ممن اقترفوا معصية وذنبا يعد من الكبائر.. شاع الخبر في الكوفة فأخذ كل رجل وشاب في يده حجرا وراحوا يمشون خلف الأمير والحسنين سلام الله عليهم.
أوقف الأمير سلام الله عليه الحسنين والرجل المذنب.. والتفت إلى الناس قائلا لهم: ما بالكم.. قالوا له يا أبا الحسن: لقد جئنا معكم لنرجم هذا الرجل المذنب.
نظرا الأمير سلام الله عليه إلى أعين القوم قائلا لهم: من منكم لم يقترف ذنبا ولا معصية فليأتي معنا.
دب السكون وبلغت القلوب الحناجر وحل الطير على رؤوس القوم.. فألقوا الحجارة من أيديهم ورجعوا جميعا.. ولم يبق إلا الأمير والحسنين سلام الله عليهم والرجل المذنب.
يمكننا هنا أن نحسب عدد كلمات هذه الحادثة.. بالتأكيد سوف لن تتجاوز خمسين كلمة ربما أقل أو أكثر.. ولكن لو تمعنا في مضمونها سوف نحتاج إلى مجلدات ومجلدات لفهم فلسفة الأمير سلام الله عليه حين سأل القوم من جهة.. وفي ردة فعلهم عندما لم يتفوه أحدا منهم ولم يجب عن سؤاله سلام الله عليه من جهة أخرى.
مما يؤسف له حقا.. لقد أصبح الإنسان يتغاضى عن مكنون شخصيته ويتعقب ويراقب الناس.. بل ويبيح لنفسه الغيبة والنميمة بحق من يعتقد أنهم يستحقون ذلك.
إن الترفع والسمو بالنفس يحتم على المرء ألا ينجر في هذا المنزلق الخطير.. فقد جاء في دعاء مكارم الأخلاق: (وَلا تَـرْفَعْنِي فِيْ النَّاسِ دَرَجَـةً إلاّ حَطَطْتَنِي عِنْدَ نَفْسِي مِثْلَهَا، وَلا تُحْدِثْ لِي عِزّاً ظَاهِرَاً إلاّ أَحْدَثْتَ لِي ذِلَّةً بَاطِنَةً عِنْدَ نَفْسِي بِقَدَرِهَا).
ما نستطيع فهمه ولمسه من كلمات الإمام زين العابدين سلام الله عليه في مناجاته رب العزة – والخطاب موجه إلينا نحن في كيفية مناشدة وسؤال الله سبحانه – هو يا ربي مهما عملت أنا صالحا وخيرا أجعله في عيني وقلبي عملا بسيطا حتى لا يأخذني العجب والغرور.. ولا أحس بأني أرفع وأسمى من غيري فتذهب أعمالي وحسناتي أدراج الرياح بفعل الرياء والعجب.
كما أن الذلة الباطنية رغم العز الظاهري أمام العيان تخلق لدى الإنسان مساحة من السكينة.. لأن النفس ساعتها دائما ما تشتاق إلى الخالق العزيز وتسعى جاهدة لكسب رضاه ومرضاته.. فنراها تشمئز وتبتعد عن كل الصفات الذميمة حتى مع علمها بواقع الأمر.. ولكنها حبا وطمعا في التقرب إلى الله تترفع عن الإتيان بها وإطلاق أحكامها في حق الغير.. ولأن النفس تشعر بمدى ذلتها أمام عزة الخالق نراها تدع الخلق للخالق.. وتعمل هي على حماية وصيانة نفسها من الزلل والوقوع في الخطأ وتجاهد على تحصين مناعتها ما أمكن.. وبذلك يكون الإنسان قد أوجد توازنا فعالا بين ما يجب أن يقوله وهو يعلم حقيقته وما لا يستحب أن يقوله وهو يعلم بأحقيته.
نظرة تفاؤل نسال الله تعالى التوفيق لخدمة محمد وال محمد الطيبين الطاهرين
ولكم مني خالص الدعاء تحياتي العطرة نورجهان |
|