#1
|
|||||||
|
|||||||
![]() عدم خروج الزوجة من البيت إلاّ بإذن الزوج هناك حكم شرعي يقول : المرأة الزوجة لا يجوز لها الخروج من بيتها إلاّ بإذن الزوج في غير ما يجب فيه الخروج عقلاً وشرعاً ، وهذا المنع ليس متفرّعاً على وجوب التمكين ، وإنّما هو تكليف مستقلّ ، فلا يجوز لها الخروج من البيت إلاّ بإذن الزوج وإن لم يستلزم من ذلك تفويت حقّ الزوج في الاستمتاع ، وقد دلّ على هذا الدليل الشرعي من النصوص الصحيحة . وهنا نبحث هذا الحكم ، وهل يعتبر مخالفاً لكون الزوجية سكناً ومعاشرة بالمعروف؟ وهل يكون هذا الحكم تقييداً للزوجة الإنسانة وحدّاً من حريتها؟ وهل يكون هذا الحكم مخالفاً لسلطنة المرأة الزوجة على نفسها وأفعالها؟ والجواب : أوّلاً : يجب علينا أن نفهم أنّ هذا الحكم لا يشمل الخروج الواجب من البيت ، كما إذا كان الخروج لمراجعة الطبيب أو للمداواة أو لأداء واجب كأداء فريضة الحج ، كما أنّه لا يشمل الخروج الضروري الذي يحكم به العقل ، فالخروج الواجب الشرعي والعقلي لا يتوقّف على إذن الزوج بحال من الأحوال . ثانياً : لابدّ من معرفة حدود هذا الحكم ، فهل يشمل هذا الحكم صورة تحكّم الزوج في منعه الزوجة من الخروج من البيت؟ قال البعض : لا يجوز تحكّم الزوج في منع زوجته من الخروج من البيت ; لأنّ ولايته عليها في هذا الشأن وتسلّطه (إن جعلناه تسلّطاً) إنّما هو لتكميل نقص الزوجة المولّى عليها ، فيكون المنع دائماً في صالحها . أمّا في صورة التحكّم فليس المنع في صالحها ، فتسقط ولاية الزوج عليها في منعها من الخروج من البيت . ولكن هذا التصوّر باطل ; لأنّنا لانعترف بنقص المرأة ، بل هي كاملة في إنسانيتها وخلقتها وعقلها وفي أداء وظيفتها ، ولو كانت ولاية الزوج عليها في المنع من خروجها من البيت لنقص فيها للزم جعل هذا الحقّ قبل زواجها للأب أو للأخ ، وبما أنّه لا توجد ولاية على المرأة البالغة الرشيدة قبل زواجها للأب ، بل الولاية جعلت للزوج فقط ، فيفهم أنّ الولاية للزوج في منع زوجته من الخروج من البيت ليس لتكميل نقص المرأة المدعّى . والجواب الصحيح أن نقول : 1 ـ إنّ هذا الحكم محدود بحدود تبجيل واحترام وتعظيم الزوج ، فهو حكم خاص بالزوج ، ويكشف عن هذا الأمر الكلمات الموجودة في بعض الروايات ، كعنوان الطاعة وعنوان عدم العصيان ، فيكون الحكم بعدم خروجها من بيت الزوج إلاّ بإذنه هو تعبير ثان عن إطاعة الزوجة للزوج ، وهذه الإطاعة واجبة في عدم خروجها إلاّ بإذن الزوج ، فلو خرجت بدون إذنه عدّ ذلك مخالفاً لاحترام الزوج ، ولذا جاز لها الخروج لأداء واجب أو للضرورة حيث يكون الخروج في هاتين الصورتين منسجماً مع احترام الزوج . وعلى هذا سيكون الرضى الباطني لخروج الزوجة من البيت كافياً لخروجها ، بمعنى أنّ الزوجة لو كانت تعلم بأنّها لو سألت الزوج في خروجها من البيت لوافق على ذلك فيجوز لها أن تخرج حينئذ ; لأنّ الاحترام للزوج المنسِّق للحياة الزوجية موجود بينهما . وأيضاً لو سافر الزوج سفرة طويلة ، وعند سفره لم ينهها عن الخروج من البيت لزيارة صديقاتها ، ثمّ أصبح منقطعاً عن أجواء زوجته وبيته ، بحيث لو سُئل عن إجازته لتصرّف زوجته بالخروج لزيارة صديقة معينة ، فلايتمكّن أن يجيب بنعم أو لا ، ففي مثل هذه الصورة لانقول بأنّ خروج الزوجة من البيت لهذا الأمر متوقّف على إجازة الزوج ; لأنّ الزوج محترم ، سواء خرجت لهذا الأمر أو لم تخرج . وكذا لو نشز الزوج (كما إذا ترك الحقوق الواجبة للزوجة) فهنا لانقول بأنّ خروجها من البيت منوط بإذن الزوج ; لسقوط احترامه بنشوزه . وكذا لو كان منع الزوج لزوجته من الخروج من البيت تحكّماً صارخاً وعناداً محضاً ، فهنا أيضاً لانقول بأنّ الخروج منوط بإذن الزوج . ثمّ إنّه إذا تحدّد خروج الزوجة من بيت زوجها في حدود احترام الزوج احتراماً واجباً ، فحينئذ لانفرّق بين أن يكون تصرّفها منوطاً بإذن الزوج لها أو بمنع الزوج لها ، فإنّ عدم الإذن أو المنع المعيّن إذا كان يجعل خروجها من البيت هتكاً للزوج ومخالفاً لاحترامه فهما على حدٍّ سواء . وكذا يتحدّد هذا الحكم في حدود احترام الزوج لنفسه ، فان كان ظالماً في منعه أو عدم اذنه للخروج أو متحكماً أو مخالفاً للشرع ، فلايكون الخروج متوقّفاً على إذنه أو عدم نهيه ومنعه ; لأنّ من يظلم الآخرين ويتعدّى عليهم فلايحترم أيضاً . ولهذا ورد في روايات صحيحة أنّه : "لا يمين للزوجة مع زوجها"(1) ، وهذا أيضاً محدّد بحدود احترام الزوج ، وأن لا يكون يمين الزوجة في مورد هتكاً للزوج ومخالفاً لاحترامه ، ونحن نتمكّن أن نقول إذا لم ياذن الزوج في يمين ، أو اذا نهى عن يمين معينة ، فإن اليمين لا ينعقد للزوجة في هذه الصورة حيث يكون يمين الزوجة هتكاً للزوج فلا يجوز . ولذا نتعدّى من اليمين إلى النذر والعهد فنقول : إنّ النذر والعهد من الزوجة بدون إذن الزوج أو مع نهيه لا يكون صحيحاً ; لأنّه يكون خلاف احترام الزوج الذي دلّت الروايات على وجوب احترامه هنا . ____________ 1- وسائل الشيعة 16 : باب 10 من كتاب الايمان ، حديث 2 . 2 ـ توجد نكتة اُخرى ـ غير احترام الزوج ـ وهي أنّ الإسلام رأى أنّ قيادة البيت إلى شاطئ السلامة وعدم الانحراف بيد الزوج ، والزوج قد يشكّ في مدى قدرة زوجته على حفظ نفسها من غير المحارم ، أو يشكّ في مدى قدرتها على عدم التميّع عند خروجها من البيت ، أو قد يرى الزوج أنّ هذا الخروج يستوجب دخول بعض الأشخاص في العلاقات الشخصية لحياتهم الزوجية ، وهذا كلّه يوجب عدم إسعاد الحياة المشتركة بين الزوجين ، ففي هذه الحالات يجوز له أن يمنع الزوجة من الخروج من البيت أو من دخول بعض البيوت المعيّنة التي يراها تؤثّر سلباً في إسعاد حياتهم الزوجية .
يتبع |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
|