|
#1
|
|||||||
|
|||||||
![]()
قِفْ بوادي الطُّفوفِ، واسمعْ شَجاهُ * واسجدِ القلبَ ثَمَّ (1)، والثمْ ثَراهُ
وَتَجلّدْ، وما أراكَ فَلسْتَ الصَّـ * ـخرَ قلباً، وقد بَدا عَرْشاهُ (2) طُفْ به خاشعاً فتلك عُروشٌ * دونها للهُداةِ خرّت جباهُ ليتَ شِعري، ماذا أقول بوادٍ * وعليٌّ يَستافُ (3) بَعرَ ضِباهُ وبه أُسمِعَ الكليمُ نداءَ الـ * ـوحيِ ليلَ التكليمِ: إنّي اللهُ فاخلعِ النّعلَ ـ يا ابن عِمران ـ هذا * وادي قدسٍ (4) أَنّى بنعلٍ تَطاهُ؟ جُبِلتْ طينةُ النبيّينَ طُرّاً * مِن ثَراه، وبورِكتْ أرجاهُ وعلا شأنُه بأنباءِ صِدقٍ * فَسأُنبيك، فاستَمِعْ أنباهُ أيّها الطّاعنون صدراً، تجلّى (5) * فيه ربُّ العُلى، فَعزَّ عُلاهُ لَسْتُ أنساه ظامِئاً، وهو يَسقي * من كؤوسِ الوصالِ صَرعى هواهُ صاولَتْهُ معاشِرٌ حَتْفُهمْ في * راحتَيه، فإنْ يَشَأْ أمضاهُ طَعنوه كَرهاً أم اجرى سَماحاً * من سَماهُ، فلاحَ في سِيماهُ؟ ذاك سِرُّ الهوى طواهُ حسينٌ * إذ تَجلّى يومَ الطّفوفِ اللهُ طالَما حاولتْ سَماه رُقيّاً * أولياءٌ وأنبياءٌ.. فتاهوا إذْ دَنا من حَبيبه.. فَتَدَلّى * قابَ قوسَيْنِ دونَه، فرآهُ (6) (والذي حارتِ البَريَّةُ فيه (7)) * هو سِرٌّ في كربلاءَ جَلاهُ والذي بسِينا تجلَّى: شُعاعٌ * مِن سَناهُ، فَدَكَّه مَرْآهُ (8) وإذا بالكليم خَرَّ صَريعاً * حَسْبُهُ من وِصالِه نَجواهُ ما سَقَوا للكليم كأساً، ولكِنْ * مِن رذاذاتِه، فدارتْ رَحاهُ فرأى الكائناتِ سَكْرى حَيارى * لا تُطيقُ الدُنوَّ من كِبْرياهُ «أرِني» (9) قال والهاً.. فأجابَتْ * وهي تَرْثي لحاله: لَنْ تَراهُ! كان جِبريلُ منك أقوى وِصالاً * وهو من صَفْوِ نوره قد بَراهُ ما دَناه، ولو دنا لاستحالت * هالةُ النّورِ مارجاً يَصْلاهُ مَن عسى جَبْرَئيلُ حتى يُطيقَ الـ * ـقربَ من نورِ وجههِ؟!.. مَنْ عَساهُ؟! «لو دنوتُ احترقتُ» قال، فَدَعْني * أيّها المصطفى، وتِهْ في فَناهُ (10) قد طوى الشوقَ والوفا فهو صَبٌّ * بين جِنحَيْهِ وجْدَه أخْفاهُ مُذ رأى خاتِم الولايةِ غنّى * وهو نَشْوانُ: لا فتى إلّا هو (11) ذاك أعلى الكمالِ، وهو عليٌّ * وحسينٌ ختمُ الكِساءِ فَتاهُ (12) عَمرَك الله، يا كليمُ، أتنسى * أربَعينَ المَتاهِ في صَحْراهُ؟! أنت بالتِّيهِ كنتَ منه بمَرأىً * ليتَ شِعري: أتائِهاً.. وَتَراهُ؟ كيف تَرْجو وَصْلاً بِهَجْرٍ، وهذا الـ * ـلّوْح ألقيتَه بما أوحاهُ (13)؟ هو شَرْعُ الهوى، فَهَلّا قرأتَ السَّـ * ـطرَ فيه وما قـضى في هواهُ؟ فَلَه العِلمُ فيك قبلاً وبَعْداً * وَهُوَ الحقُّ إذ قَـضى ما قضاهُ خَفّفِ الوَطْءَ، إنّما أنت صَبٌّ * لستَ تقوى إذا غشاكَ بَهاهُ كيف تسطيعُ أن تَراهُ عِياناً * ولقد تُهْتَ قبلُ في سِيناهُ؟ بَلْ بحورُ الغَرامِ أقسى عُباباً * ما بصَحْرا سِينا لها أشْباهُ جبَلُ الطّور ما استقرّ مكاناً * إذ غَشاهُ مِنْ نورِه ما غشاهُ كتمَ الشوقَ لِلّقاء دهوراً * ولَئن كان سالياً ما سَلاهُ (14) ما جنى الطّورُ في الغَرام.. أيصلى * نار (ذنب الهوى) وموسى أتاهُ قد تلقّيتَ شِرعة الحُبِّ طَوْعاً * وهْوَ مُذْ أبــصَرَ العَنــاءَ أباهُ فَحَمَلْتَ الهوى ظَلُوماً جَهولاً * وأبَحْتَ الـسرَّ الذي قد طواهُ سائلِ الطورَ مُشْفِقاً لأساهُ: * هل سَطا نورُه بهِ فمحاهُ؟ أمْ رَمَتْه عَيْنُ الحبيب بسهمٍ * فَتَّ منه الصَّفا، ودَكّ عُراهُ؟ فتهاوى موسى وسبعونَ مختا * راً دَهاهُمْ مِن وَصْله ما دهاهُ جَهرةً ما رأوه، لكنْ تجلّى * لهمُ بعضُ مَنْ سَقتْ يُمناهُ (15) أيّها اللائمون بالسِّبْط.. قولوا * أين صَرعى الكليم مِن صَرعاهُ؟ فإذا كان قد أفاق كليمُ الـ * ـلّه يرجو لِلعَفْو عمّا جَناهُ فصِحابُ الحسينِ مُذ فارقوهُ * عايَنوهُ.. تقدّستْ أسماهُ فإذا ما عجبتَ، فاعجبْ لوصلٍ * مِن فراقٍ توطّدت أرجاهُ! فاز جَونُ الحسين (16) منه بوَصْلٍ * أينَ منه الكليمُ إذ ناجاهُ؟ * * * * * أيّهذا الناعي حُسَيْناً، أتنعى * مَنْ أدامَ الحياةَ من مَحياهُ؟ أنت تبكي مَيْتاً، وأبكيه حيّاً * فكلانا يبكي على ليلاهُ قَذِيتْ عينُ مَن يراه فقيداً * هَجَر الدار، والبِلى قد طواهُ! فهو عَيْنُ الله الغنيّ، وَفِينا * بالعطايا مبسوطتانِ يَداهُ أيّهذا الناعي أتنعى مَلِيكاً * ساختِ الأرضُ والسَّما لَوْلاهُ؟! (17) وله الموتُ والحياةُ والاولى * ولَدارُ الأُخرى بَقاها بَقاهُ مَلَكَ الكائناتِ ظهراً وبطناً * وطوى النورَ حيث (طه) طَواهُ (18) وغشى سِدْرةَ المنتهى، فاستنارتْ * عندها جنّةٌ بمأوى حِماهُ قد سرى جدُّه الحبيبُ بليلٍ * وحُسَيْنٌ في يومِه إسْراهُ وَرَقى جدُّه البُراقَ عروجاً * وحسينٌ بُراقُة مِن دِماهُ ومن المسجدِ الحرامِ ابتَداهُ * وحسينٌ بدا بكربِ بَلاهُ في فلسطينَ جدُّه أقصاهُ * وحسينٌ في طفّه أقصاهُ وتَحَيَّرْتُ: كيف صار عروجاً * وهو يُخفي مَبْداهُ في منتهاهُ؟ كلُّ يومٍ يُطلُّ عاشوراهُ * كلُّ أرْضٍ تُقِلُّنا كربلاهُ فَكأنَّ السَّبْعَ الطِّباقَ زَوَتْها * تحتَها ساعةَ اللقا أخْمَصاهُ وكَطيّ السجلّ يَطوي دُهوراً * يومُه العاشرُ الحرام حِماهُ بأبي مَنْ تحيَّر (الروحُ) فيه * ليس يدري أُولاه من أُخراهُ رَجَعَ الفكرُ خاسئاً وحسيراً * كَرَّتَينِ وما وعى معناهُ * * * * * أيُّهذا الرّاجي عسى أن يراهُ * لستَ في الطــفّ إذ قـضى ما قضاهُ حيث سبعون حوله كبُدورٍ * أشرقتْ في سماءِ شَوْقٍ لقاهُ وَشَكتْ وَجْدَها له، وتغنَّت * طَرَباً في وصاله: هو؟!.. لا.. هُو! فقـضى السِّبطُ: من أراد لَقاءَ الـ * ـلّه فينا تقطّعتْ اشلاهُ فَلِقانا لقاؤه.. ورضانا * من رضاه، ومن رآنا رآهُ ثَمِلَ القومُ في هواهُ ولولا * أن يخافوا لوماً لقالوا الله! وَصحَوا للهوى.. ولكنْ سُكارى * إذ سقاهم عتيقَ خمرِ فِداهُ فَلَئِنْ قُطّعتْ أيادٍ بحسنٍ * فلقد قطَّع القلوبَ هواهُ (19) أذّنَ السِّبطُ فيهمُ لصلاةٍ * خُتمتْ بالبَقا بسيفِ فَناهُ (20) خَشَعوا للحسين فَرْضاً ونفْلاً * عفّروا النحرَ ـ سجَّداً ـ من ثراهُ ثمّ وَلّوا الوجوهَ شطرَ مقامٍ (21) * بيدَيهْ ربُّ الخليلِ بناهُ قد حوى من نفائِسِ السِّــرّ ما لمْ * يحوِ من قبلُ مسجدٌ ما حواهُ هو للحقِّ قِبْلَةٌ يرضاهُ * وهو عينُ الإلهِ جَلَّ عُلاهُ لَمْ يُؤذَّنْ في الناسِ بالحجّ إلّا * بعد أنْ أُسمِعوا أذانَ وِلاهُ فَلَئِنْ أَمَّهُ الحجيجُ رجالاً * فحسينٌ زَحْفاً أتى أولياهُ ولَئِن فُجِّرتْ شراباً لإسما * عيلَ عينٌ.. و «زَمزَمٌ» قد سَقاهُ فالرضيع الذي استشاط أُواماً (22) * حُلَمُ النَّبلِ أرْضَعَتْهُ رَداهُ وإذا ما الخليل فدّى بـ «ذبحٍ» * فحسينٌ خيرُ البنين فِداهُ تاهَ فكري، وحارَ في معناهُ * وتساءلتُ مشفِقاً من قِلاهُ (23): أَبِسَمْعٍ من الحسينِ ومرأىً * حين أوحى للعبدِ ما أوحاهُ؟ وإذا بالنِّداء من كلّ حَدْبٍ * وبروحي تردَّدَتْ أصداهُ: ما أراهُ سواه، وهو أمينٌ * لم يكذّبْ فؤادُه ما رآهُ لم تَزغْ عينُه ولم تَطْغَ، حاشا * حين كُبرى الآياتِ (24) كَشْفاً أراهُ إذْ رأى السِّبْطَ نَزْلةً بَعْدَ أخرى (25) * أتُمارونه على ما يراهُ؟! فحسينٌ منهُ وهُو مِنْ حسينٍ * وهما إسمُه الذي ما جلاهُ فَلَكُ الكائناتِ قامَ بخَمْسٍ * وحسينٌ والمصطفى طَرَفاهُ لهمُ العالَمون خَلْقاً وأمراً (26) * وبهم بَدْءُ أرضِه وسَماهُ إذ دعا المصطفى بِبُردٍ (27)، وآوى الـ * ـحَسَنَيْنِ وفاطماً وأخاهُ فَهُوَ البَدْءُ والحسينُ خِتامٌ * وخِتامُ الأرقام مِنْ مُبتداهُ (28) وبه المبتدا، وللسِّبْطِ خَتْمٌ * من بنيهِ (محمّداً) أسماهُ تسعةٌ للهدى إذا غابَ منهم * كوكبٌ.. شعّ كوكبٌ بضياهُ فَهُمُ حجّةُ الإلهِ على الخلـ * ـقِ، وهُمْ أهلُ سرِّهِ ووِعاهُ كان ربُّ الأربابِ كنزاً خفيّاً * فَبَراهم: بِهِم جَلاءُ خَفاهُ (29) * * * * * برّحَ الوجدُ في الفؤادِ، وكاد الـ * ـخطبُ تُودي بمهجتي ذكراهُ ولَئِن كنتُ ناسياً كيف أنسى * عَرْصةَ الطَّفّ حيث أبلى بلاهُ؟ يومَ قام الحسينُ فرداً ينادي * فأجابت سيوفُ بغيٍ نِداهُ فانبرى كالهِزَبْرِ فيهم لِوترٍ * وَهُوَ الوَترُ ما تَرى شُفَعاهُ (30) فترى هامَهم يطيرُ امتثالاً * لِشَفيرِ الصّمْصامِ قبلَ انتضاهُ لِوْ تَراه يومَ الطفوفِ مَليكاً * وأبو الفَضْلِ حامِلٌ لِلواهُ قلتَ: هذي الأحزابُ جاءت وهذا الـ * ـمصطفى ينتـضي عليّاً أخاهُ فكما كان حيدرٌ سَيْفَ (طه) * فأبو الفَضْلِ سَيفُهُ ووِقاهُ وكما كشَّفَ الكروبَ عليٌّ * عن أخيه يومَ اللِّقا ووَقاهُ فأبو الفَضْلِ كاشفٌ لكروبِ السّـ * ـبطِ يومَ الطفوفِ، إذ فدّاهُ جادَ بالنَّفْسِ باذلاً لحسينٍ * وعلى الـحَرِّ والظِّما واساهُ وَهُوَ (31) الغيثُ، لو أتَتْه بقاعُ الـ * أرضِ تشكو المُحولَ سَحَّتْ مِياهُ وَهُوَ البَحْرُ كلَما قَصَدتْهُ * أُمَّةٌ للنّوالِ.. فاضتْ يَداهُ وَهُوَ الغوثُ، مِلؤه عَزَماتٌ * ما استغاث المكروبُ إلّا كَفاهُ إن دَعاه المضْطَرُّ يوماً لِخَطْبٍ * عَزّ فيه المجيبُ.. لبّى دُعاهُ ولَئِنْ كانتِ البحارُ مِداداً * نَفِدَت، قَبْلَ عَدِّها آلاهُ حَيْدريٌ بهمّةٍ لا تُجارى * بعلوٍّ، محمّديٌ هُداهُ فاطميٌّ برقَةٍ وصفاءٍ * حَسَنيٌّ بجودِه ونَداهُ وَهْوَ مَن أخدمَ الجليلُ بحقٍ * جبرئيلَ (الرّوحَ الأَمينَ) أباهُ إنْ تَعُدّوا نُعماهُ لا تُحصوها * فهْو عينُ النَّدى وقطبُ رَحاهُ لو تَراءَت حقائقُ الفَلَكِ الأقـ * ـصى سواءً مَجراه أو مَرساهُ وحكَتْ سدرةُ المنتهى من حديث السِّـ * ـرِّ لَيْلَ المعراجِ إذْ ناجاهُ قلتَ: إنّ الفَضا، ومَن دارَ فيه * لحسينٍ قِنٌّ (32)، وهُوْ مَولاهُ ما استقرت عَوالِمُ الخَلْقِ إلّا * حِينَ أَلوتْ زِمامَها يُمناهُ فاستدارت افلاكُها مُذْ رأتْهُ * فهي وَلهى تطوفُ حول ضِياهُ لَبِسَتْ من صَفائح النّورِ إحرا * ماً ولبّتْ: «حاشاه، ليس سِواهُ» وسرى في سُرادِق الغيبِ يسعى * سِرْبُها بين مَرْوةٍ وصَفاهُ جُذِبتْ في مَسالكِ العِشْقِ تَشْدو * نَيّراتٍ بذِكْرِهِ وَثناهُ لو تَشَمّمْتَ عِطْرَها في مَدارِ الـ * ـحُبِّ يَحْكي.. ألفيتَه ريّاهُ (33) فهو أصلٌ لطيبِ أغصانِ طُوبى * حيثُ أرستْ جذورَها في رُباهُ سَلْ عتيقَ الحسينِ (34) يُنبئْك أنّ الـ * ـخلْقَ طُرّاً بحبِّهِ أُسَراهُ ما رقى فِطْرسٌ من الأَسرِ إلّا * بعدَ أَنْ دانَ في هوى مَن شفاهُ يومَ أن زارَه كَسِيرَ جناحٍ * مَسَّ من طِيبِ مهدِه.. فَبَراهُ طيبُه طيّبَ الجنانَ، وزانتْ * أعْيُنَ الحورِ بالصَّفا عيناهُ (35) فحسينٌ زَينُ السَّماواتِ (36) والأر * ضِ ومصباحُ هَديِها من هُداهُ (37) وحسينٌ فُلْكُ النَّجاةِ، فمن جا * ءَ بقلبٍ يُحبُّه.. أنجاهُ وحسينٌ حقُّ الصِّـراطِ، فلا تَرْ * جُ جوازاً عليه دونَ رضاهُ وهْوَ زيتونةٌ تُـضيءُ، ولَوْ لَمْ * تَمْسَسِ النارُ زَيْتَها.. حاشاهُ فهو نورُ الأنوارِ.. أنَّى تمسُّ الـ * ـنّارُ زيتاً مِن نحرِه أجْراهُ؟ شَجَرُ النّورِ، لا لشـرقٍ وغربٍ * مُنتماه، بل للعوالي انتماهُ ثَبُتَ الأصلُ، والفروعُ تسامت * كُلَّ حِينٍ تأتيه يُؤتي جَناهُ فاضَ صُبحُ الآزالِ منهُ بنورٍ * فسقى اللهُ رشْحَهُ أنبياهُ فَسَقَوْا كربلاهُ فيضَ مآقٍ * عَلَّ بَرْدَ الثرى يَبُلُّ ظَماهُ * * * * * خلِّ عنك التطوافَ في مَعناهُ * فهو سرٌّ ينالُه مَن يشاهُ (38) وَدَعِ القلبَ طائفاً حَوْلَ عَرشٍ * عرجَ السبطُ منه في كربلاهُ (39) واسْمِعَنْ قُبّةَ العُلى عَبَراتٍ * فهي عشُّ الهوى ووكْرُ بَلاهُ واسق ذاك الثَّرى الدموعَ سِجالاً (40) * فابنُ خَيْرِ النِّساءِ كربٌ بَلاهُ وإذا المعصِـراتُ ضَنّتْ (41) بماءٍ * فدماءٌ، فقد سقاه دِماهُ مزِّقِ القلبَ حسـرةً: فحسينٌ * أطلعَ السَّهمُ قلبَهُ من قفاهُ أزهقِ الرّوحَ بالبكا؛ فحسينٌ * إذ هوى نازفاً.. بكاهُ (42) اللهُ هشِّم الصَّدر جازعاً؛ فحسينٌ * هشَّمت صدرَهُ خيولُ عِداهُ وارْعَ فيه السِّنينَ.. هل مرَّ خطبٌ * بنبيٍّ كخطبِ عاشوراهُ؟! * * * * * أيّهذا العزيزُ.. صَبٌّ مُعنّى * مسّهُ الضـرّ، فاستمع شكواهُ ما لديه بضاعةٌ غيرُ وَجْدٍ * ما رأى فيه سامراً، فطواهُ إن صحا لِلّقا تقاضاهُ سُكرٌ * من كؤوسٍ عبيرُها.. فغشاهُ أوْفهِ الكيلَ في الهوى، وتصدّقْ * بوصالٍ، فَقَتْلُهُ في جفاهُ عَلَّهُ من جوى هواك يُداوى * أَوَ يشقى عشْقاً وأنت شفاهُ؟ واعْذرَنْه إذا استمرَّ عليلاً * كيف يبرا مَن داؤه في دَواهُ؟! كيف يبرا وللهوى جمراتٌ * أودعوها يومَ الطفوفِ حشاهُ؟ * * * * * أيُّ سبطٍ يا صاحبَ الأمر يُنسى * ودماهُ فَوّارةٌ من ثَراهُ؟ خَصَّكَ اللهُ بالبقاءِ لثأرٍ * قَرَّحَ الجفنَ بالبُكا أولياهُ فمتى يا بَقِيَّةَ الله تَشْفي * صدرَ أمِّ الحسينِ في أعداهُ؟ إشفِ صدراً لبنتِ ياسينَ، واجبر * كَسْـرَ ضلعٍ باءَت به خُلَفاهُ! كيف تسطيعُ يا مداوي كلوم الـ * ـدّينِ صبراً عمّاً أتى أدعياهُ؟ حَسْبُ «يوم المسمارِ» عاراً لقومٍ * هدموا بعدَ أحمدٍ ما بناهُ لم يدعْ فيهمُ الوصيةَ.. حتّى * صَيّرتْها سقيفةً خُصَماهُ فَهَلِ ارتابَ مـعشرٌ في عليٍّ * إِذْ أقاموا شورى حَوَتْ سُفَهاهُ (43)؟ حَسْبُهم في خَساسةِ الرأي ليثٌ * قَرَنَتْـهُ ـ في الزَّعْمِ ـ منهم شياهُ فطوى دونها على الرُّغْمِ كَشْحاً * يومَ طالتْ أعناقُها الأشباهُ نَكَثوا بَيْعةَ الغدير بِخُمٍّ * ثمّ وَلَّوا عبداً على مولاهُ! فِتْنةً بيعةُ السقيفَةِ كانت * لعنَ اللهُ قُطْبَها ورَحاهُ (44) عَجَباً! كيف ساغَ إرثُ نبيٍّ * حرَمُوا منه بِنْتَهُ وأخاهُ؟! وَرِثَ القومُ للرسولِ مقاماً * واستحلّوا من بعدُ سفكَ دماهُ!! نَصَبوا اللّاتَ والعزى ومَناةً * بعد إقرارِهم بِعَقْدِ وِلاهُ هل أتاهم دينٌ خلا شرعَ (طه) * فأطاعوا فيه نبيّاً سواهُ؟! أمْ أتى السامِريُّ منهم بعجْلٍ * من حُليٍّ، فقال هذا الإلهُ؟! فَأقاموا عليه عُمْياً عُكوفاً * فهو صِنْوٌ لِلاتهِ ومَناهُ أُشْرِبوا في قلوبهم عِجْلَ غَيٍّ * وَضَلالٍ من بعد (طه).. فتاهوا فهل اللّاتُ والعُزى غَيْرُ عِجْليـ * ـن تَبَدّا للحقِّ ما أضْمَراهُ أَمِنا ناسِفَ العُجولِ (45)، فَضَلّا * عن هُداهُ، يا بِئْسَ ما أَتَياهُ لَمْ يُوالوا لسانَ صدقٍ عَلِياً (46) * حَسَداً منهمُ على ما أتاهُ لَوْ تَوَلَّوْهُ لاستقاموا، ولكنْ * شطَّ فيهم غَويُّهم بِهَواهُ هو فتحُ اللهِ المُبينُ، ومِنْهُ * يشهدُ الفتح خالِصاً أولياهُ كَتِفٌ حطَّ كفَّهُ اللهُ فيه * وعليٌّ حُطّتْ به قدماهُ (47) سَلْ به الكتفَ حيثُ حُطّتْ يمينُ الـ * ـلّه لَيْلَ المعراجِ مَن ذا رقاهُ؟ أيُّ سرّ طواه حين استقرت * فوقَ أَكتافِ أحمدٍ أخْمَصاهُ (48) لو أراد الفَخارَ يوماً عليهم * حَسْبُه بابُ خيبرٍ إذْ دحاهُ * * * * * إيهِ يا صاحبَ الصّــراط.. أصَبْراً * وابنُ نَخّاسَ يَسْتحثُّ خُطاهُ؟ قمْ، وجَرِّدْ للثأر فيهم حُساماً * أَمِنَ الكفرُ في الطّعانِ مضاهُ أيُّ وترٍ يا صاحبَ الأمر تُغضـي * دونَه الطَّرْف، لو ترى وُتراهُ (49)؟ أَرَضيعُ الحسين ظامٍ تَلَظّى * طوَّقَ السَّهمُ جيدَه من دِماهُ؟ أمْ عليٌّ شبيهُ (طه) جمالاً * وكمالاً.. تناثرتْ أشلاهُ؟ قال: يا آل هاشم احملوه فلا طا * قَةَ أبقى لحملهِ مرآهُ!! أم أبو الفَضْلِ بالعمود فَضيخٌ * وعلى الماء قُطِّعت كفّاهُ؟ فقأوا عينَه، ولم يُطْفَ نورُ الـ * ـلّهِ فيها، وخابتِ الأَفْواهُ فهي عينُ التّوحيدِ أنّى ينالُ الـ * ـشرك سِرّاً بها طواه اللهُ أم سليلُ الأنوار «قاسمُ» نجلُ الـ * ـمجتبى يستغيثُ: «يا عمّاهُ» فأتاه كالصقر ينقضُّ، لكِن * سَبَقَتْ للقضا سيوفُ عِداهُ زُفَّ بين الصفّينِ يزهو لعُرسٍ * خُضّبت فيه بالدما وجْنَتاهُ لم تُمَتَّعْ من قبل «جَسّام» (50) عينٌ * بعريسٍ من نَحْرهِ حِنّاهُ! أمْ سفيرُ الحسين يُردى أسيراً * من على قصـرهم، فيلقى رداهُ؟ أمْ عليٌّ زينُ السجودِ أسيراً * نَزَفَتْ من قيودِهم أعضاهُ؟ أم بناتُ الزهراءِ تُهدى سباياً * لزنيمٍ تعدّدت آباهُ؟ أم خمارٌ يماطُ عنهنَّ قسـراً * بيَدِ الغدرِ، ما لهنّ سواهُ؟ أم صراخُ الايتامِ.. فَرّوا حيارى * في البوادي.. وليس مأوىً تراهُ؟ أم سُبابُ الزهراءِ يقرعُ جهراً * سمعَ أبنائها فما أقساهُ؟ أم أثيمٌ يسبُّ زينبَ بنتَ الـ * ـمرتضى، لا تطيقُ دفعَ أذاهُ؟ أم زيادٌ بالسّوطِ يقرعُ ثغراً * طالما قبّلَ الرسولُ شفاهُ؟ أم عزاك الأمَرُّ: صدرُ حسينٍ * وهو عارٍ، خيولُ بغيٍ تطاهُ؟ أم يزيدُ الخُمورِ أوْلاهُ دَيْناً * يومَ بَدرٍ أشياخُه.. فقضاهُ (51)؟ أم وليدُ البَغِيِّ شمرٌ، تَثَنّى * فوق صدر الـهُدى يسبُّ أباهُ؟ قابضاً.. ويحَه! على شَيْبِ حَمْدٍ * فقضـى ما أراد!! شُلّتْ يداهُ هُدّ ركنُ الهدى حسين! فليت الـ * ـكونَ ـ إذ ذاك ـ قُوِّضتْ أرجاهُ! (52) * * * * * ----------------------------------------------------------------------- (1) ثَمّ: هناك، والمقصود وادي الطفوف. (2) المراد بالعرشين: حرم الإمام أبي عبد الله الحسين وحرم أبي الفضل العباس . (3) يَستاف: يَشَمّ. جاء في كتاب (الأمالي) للشيخ الصدوق في رواية طويلة، عن ابن عبّاس: كنتُ مع أمير المؤمنين في خرجته إلى صفّين، فلما نزل بـ (نينوى)، وهو بشطّ الفرات، قال بأعلى صوته: «يا ابن عباس! أتعرف هذا الموضع؟! هذه أرض كرب وبلاء، يُدفن فيها الحسين وسبعة عشر رجلاً من ولدي وولد فاطمة»، ثمّ قال لي: «يا ابن عباس، أُطلب في حولها بَعر الظباء، فو الله ما كذبتُ ولا كُذِبتُ (أي أُخبرتُ كذباً)، وهي مُصفرّة، لونها لون الزعفران». قال ابن عباس: فطلبتها فوجدتها مجتمعة، فناديته: يا أمير المؤمنين، قد وجدتها، ثم قام يهرول إليها، فحملها وشمّها، وقال: «هي هي بعينها، أتعلم يا ابن عباس ما هذه الأبعار؟ هذه شمّها عيسى بن مريم وسأل الله أي يبقيها لي». (4) المراد بوادي القدس: الوادي المقدَّس الذي ذكره الله (تعالى) في القرآن الكريم، في مثل قوله تعالى: ﴿فلمّا أتاها نُوديَ من شاطئ الوادِ الأيمن في البقعة المباركة﴾. قال الامام الصادق : «شاطئ الوادِ الأيمن الذي ذكره الله (تعالى) في كتابه هو الفرات، والبقعة المباركة هي كربلاء...» [تفسير البرهان: 3 / 226]. (5) التجلّي: هو الظهور، والعوالم كلّها هي تجليّات إلهيّة، وأكمل التجليات الإلهية وأرفعها وأشرفها كان في النبي وأهل بيته المعصومين ، وقد كان سيّد الشهداء هو التجلي والظهور الإلهي الأكمل في يوم الطفّ. (6) إشارة إلى الآية الكريمة: ﴿ثمّ دنا فتدلى فكانَ قاب قوسَيْن أو أدنى﴾. (7) صدر البيت من (داليّة) أبي العلاء المعرّي المشهورة، حيث يقول: والذي حارتِ البَرِيّةُ فيهِ * حَيَوان مُسْتحدَثٌ من جمادِ وعجز البيت من هذه القصيدة معارضة للمعنى الذي ورد في عجز بيت أبي العلاء، ذلك أنّ الذي حارت البرية فيه ليس الحيوان المستحدث من الجماد، بل هو سرّ الحسين الذي جلاؤه يوم كربلاء. (8) في حديث الإمام الصادق : «إنّ الكروبيّين قومٌ من شيعتنا من الخلْق الأول، جعلهم الله خلف العرش، لو قُسِّم نور أحدهم على أهل الأرض لكفاهم»، ثمّ قال : «إنّ موسى لما سأل ربّه ما سأل.. أمَرَ واحداً من الكرّوبيين فتجلّى للجبل فجعله دكّاً» [يُنطر كتاب: بصائر الدرجات للصفّار، باب ما خُصّ به الأئمة من ولاية الملائكة]. (9) إشارة إلى قوله (تعالى) على لسان النبي موسى ؛ قال: ﴿رَبَّ أرِني أنظر إليك﴾. (10) ورد في حديث المعراج أن رسول الله حينما بلغ أحد المقامات العالية، توقف جبرائيل الذي كان برفقته في المقامات السابقة، قائلاً: «لو دنوتُ أنملةً لاحترقت»، والفِناء يراد به ساحة القدس الأحديّة، التي ما وطئها أحد غير رسول الله ولا يطؤها أحد بعده، وإلى هذه الحقيقة أشار رسول الله قائلاً: «.. فزجّ بي - أي جبرئيل ـ زجّةً في النور». (11) إشارة إلى نداء جبرائيل يوم أُحد: «لا سيف إلّا ذو الفقار ولا فتى إلّا عليّ»، حينما هبط بـ "ذي الفقار" على رسول الله وأعطاه عليّاً . (12) خَتْم الكساء: إشارة إلى حديث الكساء المشهور، وأن أبا عبد الله الحسين هو خامس أصحاب الكساء الخمسة (صلوات الله عليهم أجمعين)، فهو له كالختم. (13) إشارة إلى الآية الشريفة: ﴿وألقى الألواح وفي نُسختها هُدى﴾. (14) الضمير المستتر في الفعل "كَتَم" عائد إلى الجبل. (15) التعبير "سَقَتْ يُمناه"؛ يعود هاء "يُمناه" فيه إلى سيّد الشهداء ، وشيعته هم الذين سقاهم من شراب ولايته، وقد مرّ في الهامش رقم (8) ما يرتبط بهذا المعنى. (16) جون: هو جون بن حوي، كان عبداً أسودَ لأبي ذرّ الغفاريّ، إنضم إلى أهل البيت بعد أبي ذرّ، ثمّ كان مع أبي عبد الله الحسين عبداً في خدمته، واستُشهد فيمن استُشهد معه في كربلاء. (17) في الحديث عن الإمام الصادق أنه قال: «لو بقيت الارض بغير إمام لساخت»، وفي الخبر عن الإمام الباقر : «... ولا تبقى الأرض بغير إمام حجّة لله على عباده» [ينظر: الأصول من الكافي: 2 / 179]. (18) طوى البلاد طيّاً: قطعها بلداً عن بلد، وطوى اللهُ لنا البعد: أي قَرَّبَهُ. (19) إشارة إلى النسوة اللاتي قطّعن أيدهم لمّا رأين جمال يوسف . (20) في هذا إيماء إلى مقام "البقاء في الله" بعد "الفناء في الله"، وهو أرفع المقامات. (21) المقصود بـ (المقام) هنا هو الحسين . (22) الأُوام: شدّة العطش. (23) القِلى: البغض. (24) قال تعالى في سورة النجم: ﴿لَقد رأى من آيات ربّهِ الكبرى﴾. (25) عن ابن عباس أنَّ النبيّ ليلة المعراج رأى عليّاً وفاطمة والحسن والحسين في السماء، فسلّم عليهم، وقد فارقهم في الأرض [تفسير البرهان: 2 / 402]. (26) الخلْق والأمر؛ تعبيران مُستقيان من الآية الكريمة: ﴿ألا لهُ الخَلْق والآمر﴾، ويراد بالخلق الوجه الظاهر للكائنات، والأمر هو الوجه الباطن. في الحديث عن رسول الله : «لو لا نحن ما خلق الله آدمَ ولا حواء ولا الجنة ولا النار ولا السماء ولا الأرض... لأنّ أول ما خلق الله (عزّ وجل) خلق أرواحنا» [ينظر مثلاً: حِلية الأبرار: 1 / 458]. (27) البُرْد: هو الكساء، وفي البيت إيماءة إلى حديث الكساء. (28) إنّ أيّ عدد من الاعداء مهما كان، إنّما بدؤه الواحد الذي منه نشوء الأعداد، ويناسب هنا التذكير بقول رسول الله : «حسينٌ منّي وأنا من حسين». (29) في الحديث القدسيّ: «كنتُ كنزاً مخفيّاً، فأحببتُ أن أُعرف، فَخلقتُ الخلق لكي أُعرف»، ولا شكّ أنّ محمداً وآله (عليهم أفضل الصلاة والسلام) هم أكمل مظهر الهي في المخلوقات، وبهم يُعرف الله المعرفة المنجية من الشرك. (30) هِزَبْر: الاسد، والشفعاء: الشفع خلاف الوتر، وهو الزوج، تقول: كان وتراً فشفعته شفعاً، أي صيرته زوجاً، والمراد أنه لا نظير له. (31) الضمير (هو) في هذا البيت والبيتين بعده يعود على الإمام الحسين . (32) القِنّ: العبد. (33) الرَّيّا: الرائحة الطيّبة، والضمير في "ريّاه" عائد إلى سيّد الشهداء . (34) المراد بـ "عتيق الحسين" هو المَلَك فطرس. جاء في كتاب (الخَرايج والجرايح) للراونديّ: إن الله (تعالى) أمرَ جبرائيل أن يهبط في ملأ من الملائكة، فيهنّئ محمداً بمولد الحسين .. فمرّ بجزيرة فيها مَلَك يقال له: فطرس، بعثه الله في شيء فأبطأ، فكسر جناحه وألقاه في تلك الجزيرة، فعبد الله سبعمئة عام، فقال فطرس لجبرائيل: إلى أين؟ فقال: إلى محمد، قال: احملني معك لعلّه يدعو لي، فلمّا دخل جبرئيل وأخبر محمداً بحال فطرس، قال له النبيّ : «قل له: يتمسّح بهذا المولود»، فتمسّح فطرس بمهد الحسين ، فأعاد الله عليه في الحال جناحه، ثم ارتفع مع جبرائيل إلى السماء. وفي رواية أخرى: أنّ فطرساً كان بعدها يتباهى بين الملائكة بأنه عتيق الحسين . (35) في حديث طويل رواه أنس بن مالك عن رسول الله ، جاء فيه: «... فلما أراد الله بدوَ (أي: بَدْء) الصنعة، فتق نوري فخلق منه العرش...»، إلى أن يقول : «ثم فتق نور الحسين، فخلق منه الجنّة والحور العين، فنور الجنة والحور العين من نور الحسين، ونور الحسين من نور الله» [يُنظر: كتاب العوالم للشيخ عبد الله البحراني]. (36) ورد في الحديث عن رسول الله : «الحسن والحسين زين السماوات والأرض». (37) إشارة إلى حديث رسول الله : «إن الحسين مصباح الهدى وسفينة النجاة». (38) في الحديث عن الإمام الصادق : «إنّ حديثنا صعب مستصعَب شريف كريم ذكوان ذكيّ وعر، لا يحتمله مَلَك مُقرَّب ولا نبيّ مرسل ولا مؤمن مُمتَحَن»، قلت (أي الراوي): فمن يحتمله، جعلت فداك؟ قال: «مَن شئنا» [بصائر الدرجات: 1 / 22]. (39) العرش الذي عرج منه السبط ، يُراد به موضع قبره الشريف حيث استُشهد . (40) سِجال: جمع سَجْل، وهو الدلو العظيم الممتلئ. (41) ضَنّت: بخلت. (42) هذا تعبيرٌ على سبيل المجاز، يراد به بكاء الكائنات كلّها على سيّد الشهداء ، وهي تجليات إلهيّة مبثوثة في العالم.. وقد نصّت رواياتُ أهل البيت في مواضع عديدة على بكاء كلّ شيء ظهيرة عاشوراء [يُنظر مثلاً: بحار الأنوار: 40 / 201 ـ 219، والعوالم (الإمام الحسين): 455 – 499]. ولا شك أن الأفعال المنسوبة إلى المعصومين يصح نسبتها إلى الله فيما يليق بساحة قدسه، وفي القرآن الكريم إشارات كثيرة إلى هذه الحقيقة. قال تعالى: ﴿وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى﴾، ﴿وما ينطق عن الهوى إن هو إلّا وحي يوحى﴾، ومن هنا نستطيع القول أنّ بكاء الرسول وأهل بيته على الحسين هو بكاء الله تعالى، كما رود في الحديث القدسي: «عبدي، مرضتُ فلم تعدني!»، في معرض عتاب المؤمن الذي لا يزور المؤمن إذا مرض، فجعلَ مرضَ عبده المؤمن مرضه . (43) سُفَهاهُ: أي سفهاؤه، والضمير عائد إلى كلمة "معشر". (44) وقد قال الخليفة الثاني عن بيعة السقيفة: "إنّ بيعة أبي بكر كانت فلتة، وقى الله المسلمين شرّها، فمن عاد إلى مثلها فاقتلوه"، كما روى الطبري عن ابن عباس. (45) تعبير "ناسف العجول"، فيه إيماء إلى قول النبيّ موسى للسامريّ الذي أضلّ بني إسرائيل بالعجل الذي صنعه لهم من الذهب والحُليّ؛ ﴿وانْظر إلى إلهِكَ الذي ظَلْتَ عليه عاكِفاً لَنُحَرِّقَنّهُ ثمّ لَنَنْسِفَنَّهُ في اليَمّ نَسْفاً﴾، ولإخفاء أنّ المراد بـ "ناسف العجول" في هذا البيت هو الإمام أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب . (46) ورد في الآية الكريمة: ﴿وجَعَلْنا لهم لسانَ صدقٍ عليّاً﴾، وجاء في تفسير البرهان عن الامام الصادق : «ان إبراهيم كان قد دعا الله أن يجعل له لسان صدق في الآخرين، فقال الله (تعالى): ﴿ووهبنا له إسحاق ويعقوب وكلاً جعلنا نبيّاً * ووهبنا لهم من رحمتنا وجعلنا لهم لسان صدق عليّاً﴾، يعني علي بن أبي طالب [البرهان: 3 / 14]. (47) في البيت إشارة إلى صعود أمير المؤمنين علىٰ كتف رسول الله ، حينما حطّم الأصنام التي على ظهر الكعبة، ذلك الكتف الذي وضع الله (تعالى) يمينه فيه ليلة المعراج، كما في الرواية عن النبي قال: «فأحسستُ ببردِها في ثدييّ». (48) قال الإمام الصادق لمحمّد بن حرب، بعدما قال له زدني بياناً: «إنّك لستَ أهلاً للزيادة»، ثم قال : «لو أخبرتك بما في حمل النبيّ عليّاً عند حطّ الأصنام، لقلتَ: إنّ جعفر بن محمّد مجنون! فحسبُك من ذلك». (49) الوُتَراء: جمع الواتر، وهو القاتل. (50) جَسّام: اسم تحبيب من "قاسم". (51) تمثّل يزيد بن معاوية (لعنه الله) بعد قتله سيّد شباب أهل الجنّة بقول ابن الزِّبعرى بعد معركة أُحد: ليتَ أشياخي ببدرٍ شَهدوا * جَزَعَ الخزرجِ من وَقع الأسَلْ لأهَلّوا واستهلّوا فَرَحاً * ثمّ قالوا: يا يزيدُ لا تُشَلْ! لَعِبَت هاشمُ بالمُلْك فلا * خَبَرٌ جاءَ ولا وحيٌ نزل لستُ من خندِفَ إن لم أنتقم * من بني أحمد ما كان فَعَلْ (52) ورد في أخبار مستفيضة عن الأئمة ، أن السموات وما فيها من المخلوقات والجنةَ وما فيها من الحور والولدان والعرش وأصناف الملائكة، قد اضطربت وتزلزلت لقتل سيد الشهداء ، وأن الارض مادت والشمس كسفت، حتى كأن عُرى الكون أشرفت على الانفصام جزعاً لسيد الشهداء (عليه أفضل الصلاة والسلام).
آخر تعديل حنان محمد يوم
07-21-2011 في 08:50 AM.
|
![]() |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
|