الموقف السلبي من الظلمة

الموقف السلبي من الظلمة عندما يطبق الحاكم الإسلامي أحكام الله تبارك وتعالى وجب على المسلمين إطاعة وإعزاز شأنه وإعلاء أمره ولا يجوز مخالفته لأنّ مخالفته هدم للدين وتقوية للشيطان. ولكن عندما ينحرف الحاكم عن منهج الله تبارك وتعالى ويتبع سبيل الشيطان ويسلك طرق الطواغيت، على الناس محاربته حتى يفيء إلى حكم الله، فإن لم تستطع محاربته أو عزله فليس لهم إلاّ طريق واحد وهو الطريق الذي يؤدّي إلى عدم التعاون مع هذا الجائر ولو من بعيد. وأهل البيت (عليهم السلام) عند ما رأوا هذا الجور الطاغي على الأمّة كان من واجبهم تذكير الجائر بالانحراف عن المنهج الإلهي القويم والصراط المستقيم فلما لم يوفقوا إلى ذلك وازداد الظالم بغياً وعتواً نزلوا إلى ساحة الحرب وأعلنوا الحرب المسلحة عليه حتى أريقت دماؤهم وهتكت أعراضهم وسلبت نساؤهم وشرّدوا في كل بقاع الدنيا. ولدى فشل هذه المحاولات الكثيرة في كل الأرض المحكومة بالظلم والجور اتّخذوا أسلوباً آخر في مواجهة هذا الظالم لعلّه يرتدع عن ظلمه. وهذا الأسلوب كما ذكرنا هو عدم جواز التعاون معه بأي شكل من الأشكال. فالدخول في أي وظيفة من وظيفة الجهاز الحاكم تعتبر إثماً كبيراً وهدماً للدين سواء أكانت على مستوى المراكز الكبيرة أو الصغيرة، سواء أكانت في الجيش أو الشرطة أو جهاز المخابرات أو الدرك أو ما إليها من الوظائف التي تؤمن للظالم كرسيّه واستمرارية حكمه، وقد جاء أحد أصحاب الإمام الصادق (عليه السلام) وكان يخيط الثياب للجائرين فقال: يا بن رسول الله - عندما كان الإمام يحدّث عن عظمة ذنب أعوان الظلمة - أنا أخيط لهم الثياب فهل أعتبر من أعوانهم فقال الإمام: الذي يبيعك الإبر والخيوط من أعوان الظلمة أمّا أنت فمن الظلمة أنفسهم. وقصة الإمام الكاظم مع صفوان الجمّال الذي كان عنده قوافل كبيرة يكريها لهارون على طريق الحج، فقد قال له الإمام موسى كل شيء منك جميل ما عدا إكراءك الجمال من هذا الرجل: قال يا بن رسول الله لم أكره أشراً ولا بطراً فلم يذهب إلى اللهو أو إلى الطرب مثلاً وإنّما أكريته للحج. فقال الإمام أتحب بقاءهم حتى يتم كراؤك عليهم قال نعم: قال من أحبّ بقاءهم فهو منهم!!. وهكذا يقف أهل البيت من الظلمة هذا الموقف العنيد فلا يتعاونون معهم حتى ولو ذهبوا إلى الحج. والموقف السلبي يعتبر أفضل وأنجح وسيلة لضرب الجهاز الحاكم لأنّه حتى يتمكن من السيطرة التامّة على جميع المرافق الحيوية، لا بدّ له من جنود وأعوان كثيرين فإذا أعرض الشعب عن التعاون معه سوف يسقط في مدّة وجيزة لا تتجاوز الأسبوع كما حصل في كثير من البلدان. نعم كان الأئمة من أهل البيت يجيزون أحياناً لبعض المخلصين القادرين على الأسلوب المرن الذي يستطيعون بواسطته إرضاء الحاكم وقضاء حوائج المؤمنين من موالي أهل البيت بل كانوا لا يسمحون أحياناً له بترك الوظيفة كما حصل لعلي بن يقطين مع الإمام موسى بن جعفر الذي طلب إليه مراراً بالاستقالة من هذا المنصب الخطير. والإمام يرفض قبول الاستقالة لأنّ الإمام يعتبر أنّ وجوده في هذا المنصب يريح كثيراً المؤمنين ويقضي حوائجهم. وإمامنا الإمام الرضا (عليه السلام) سار على هذه الوتيرة عندما رأى أنّه عاجز عن القيام بثورة مسلحة تهدم عروش الظلمة، فاستعمل أسلوب الإعراض عنهم وعدم التعاون معهم وأوعز إلى كل مواليه وشيعته بعدم شرعية الولاية في هذه الدولة الظالمة. وقد كان الحسن بن الحسين الأنباري من مواليه ومحبّيه وقد طلب إليه أن يكون والياً من قبل الحكومة العباسية الظالمة فتريّث قليلاً يتأمل وبعث للإمام يستأذن في الولاية فلم يأذن له الإمام وبقي في كل سنة يكتب للإمام طيلة أربعة عشر سنة وفي آخر السنين كتب إليه: إنّي أخاف على خيط عنقي وأن السلطان يقول: إنّك رافضي ولسنا نشكّ أنّك تركت العمل للسلطان للرفض. فكتب إليه أبو الحسن الرضا: قد فهمت كتابك وما ذكرت فيه من الخوف على نفسك فإن كنت تعلم أنّك إذا وليّت عملت في عملك بما أمر به رسول الله (صلى الله عليه وآله) ثم يصير أعوانك وكتابك وأهل ملّتك، فإذا صار إليك شيء واسيت به فقراء المؤمنين حتى تكون واحداً منهم كان ذا وإلاّ فلا. هكذا كان موقف الإمام الرضا من الجور موقفاً صريحاً لا لبس فيه ولا غموض. إنّهم تنكّروا لحكم الله وحرّفوا كتاب الله وعملوا بما تشتهيه نفوسهم من الملذّات والشهوات وصوروا الواقع الإسلامي المقدس إلى واقع لا يمت إلى الإسلام بصلة وأنزلوا جلال الخلافة عن المكان اللائق في الاحترام والاحتشام إلى المكان الذليل المهان. فبدل أن يكون الخليفة إنساناً ورعاً خائفاً لله عاملاً بمرضاته متجنباً لسخطه وإذا به يعلن فحشه وفجوره ويعصي ربّه علناً في شرب الخمور وهتك الأعراض وسماع الغناء والالتذاذ بالفواحش ويأمر الناس بفعلها ويدعو إلى انتشارها مما تكون نهايته أسوأ عاقبة على الدين من ألف عدو وعدو خارجي. فهل يليق بالإمام وهو الأسوة الحسنة للمسلمين بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله)، أن يتعاون مع هؤلاء أو هل يخيط لهم ثوباً أو يكري لهم جملاً أو يوكئ لهم وكاءً أو يوظّف عندهم رجلاً يستفيدون من خبرته ويركبون على ظهره للوصول إلى ملذّاتهم القذرة؟ كان موقع الإمام من رسول الله (صلى الله عليه وآله) قرابة وموقعه من الإسلام قيادة أن يعيش هذا اللون من السلوك لينبّه الناس إلى عظيم ما ارتكبه هؤلاء الظلمة في حقّ الشعوب الكسيرة والإنسانية المعذّبة وليفتح من جانب آخر عيون الأمّة على السلوك الإسلامي الصحيح لتتمكن الأمّة بعد ذلك من رصّ صفوفها وتوحيد كلمتها وتقوية أصالتها وارتباطها بخالقها لتسحق بعد ذلك فلول الظلمة وأتباعهم سحقاً كبيراً. أتمنى للجميع الموفقية تحياتي لكم جميعا نورجهان

اللهم اجعلني مظلوم ولا ظالم

يارب
ربي ايبارك بجهودكم ويعافيكم

نور جهان


لكم منا دعاء بالعافيه

والتوفيق في خدمة الزهراء وبنيها ع

احسنتم واحسن الله اليكم

احسنتم كثيراً وربي يتقبل منكم هذا الجهد الموفق

وشكرا عالطرح الرائع المميز

وننتظر منك كل جديد من المواضيع الهادفة والولائية
تقبلو تحياتي وخالص التقدير والاحترام