الصديق النصوح

بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على محمد وآله الطاهرين
تقبل الله منكم صالح العمل وهنأكم الله بهذه الأيام الطيبة بما تحوي من جود وكرم المنعم والمتفضل علينا بعظيم العطايا لنكون في عداد المرحومين والمحبوبين والمقربين منه جل وعلا ، فهنيئاً لنا جميعاً هذه الهدايا في هذه الأيام العظيمة بتعظيم العظيم والعمل بطاعته واجتناب ما فيه سخطه
يطيب لي أن أتوقف معكم وهذ القصة القصيرة التي صغتها في لحظة تفكير فيمن أغضب الله بفعلٍ قبيح .. أُظهر من خلالها كيف يكون اللجوء للغفور الرحيم عند الندم على فعل ذلك القبيح الموجب لسخط العزيزي الحكيم
القصة
ارتكب فلانٌ من الناس جريمة الزنا ولما انتهى من فعله تنبه إلى فضاعة الجرم الذي ارتكبه ، فصار في اضطراب دام طويلاً حوى البكاء والنحيب والتحسر على المصير الذي ينتظره في أُخراه من جراء قبح الجرم الذي ارتكبه .. لم يجد سبيلاً يتخلص فيه من هذا الإضطراب النفسي إلا بالإتصال بأحد أصدقائه المقربين .. التصل به قائلاً السلام عليكم وبعد أن رد عليه التحية قال له: عزيزي أريدك أن تزورني حالاً فأنا بأمس الحاجة إليك أنا في أزمة ، وأريد منك أن تساعدني على الخلاص منها لأرتاح وأهنأ .. جاء صديقه إليه مسرعاً فرآه في حال يرثى له .. سأله مابك ؟ بالأمس كانت حالتك جيدة .. مالذي جرى وقلب حالك ؟ قال له: أريدك أن تُطهر نفسي وتُنظف بيتي .. استغرب صديقه من كلامه ثم سأله: ومم أُطهر نفسك وأنظف بيتك ؟ إني أرى بيتك نظيفاً وخالياً من الأوساخ ، أما نفسك وكما يظهر لي فهي زاكية وطاهرة بإيمانها بالله عز وجل .. قال له: أنت لا تعرف شيئاً .. ولو علمت لقاطعتني على ما ارتكبت من جرم أسخط ربي وزلزل إيماني .. في إحدى زوايا بيتي آثار الرجس الذي مس نفسي وآذاني في دنياي قبل آخرتي .. عزيزي تعال معي علك تستطيع أن تُنظف بيتي من هذا الوسخ الذي علق به وتُطهر نفسي من الرجس الذي مسها .. جاء به إلى غرفة النوم ليُريه أثر فعله ، فما إن فتح باب الغرفة وإذا بصديقه يرى إمرأة عارية نائمة على سريره .. أعرض بوجهه عنها ثم التفت إلى صاحبه قائلاً: لم أكن أتصور أن تفعل هذا الفعل الشنيع المزلزل لعرش الجبار ، أين أنت عن ذكر الله .. قال له لقد صار اللي صار بغفلة أعانني عليها الشيطان أعوذ بالله منه .. والآن أُريدك أن تساعدني في تنظيف بيتي من هذا الوسخ ، وتطهير نفسي من هذا الرجس ، قال له: لا يا صاحبي لا تطلب مني ذلك فأنا الآن خائف من أن يعلق شيء من هذا الوسخ في بدني فأذهب به إلى بيتي فيتسخ ، وكذا نفسي أخاف أن يمسها الرجس الذي مس نفسك حينها لا أعرف كيف أُطهرها ، اعذرني يا صديقي لأني لا أُريد أن يمسني البأس الذي مسك ، لذا قررت أن أتركك وأعود لبيتي طاهر النفس نظيف الثياب .. لكني قبل أن أرحل أنصحك فحقك علي النصيحة .. أنصحك أن تكنس بيتك من هذا الوسخ ومن ثم تتوجه بالتوبة النصوح إلى التواب الرحيم رافعاً بيد الضراعة إليه خاشعاً منكسراً مستغفراً منيباً مقراً مذعناً معترفا حينها ستجد نفسك قد طهرت بذكر الله وتعطرت بوده لك ، فتمحى بذلك ذنوبك وتستبدل بالحسنات المضاعفة فالله كريم وفضله علينا عظيم .. نعم: توجه إلى الله واعلم بأنك ستُقبل على أرحم الراحمين وأكرم الأكرمين الذي يُعطي من لم يسأله فكيف بمن سأله خاضعاً خاشعاً وتوجه إليه مستغفراً .. قال له: لقد قلتُ بأنك ستكون لي عوناً على تنظيف بيتي من الأوساخ وتطهير نفسي من الأرجاس وها أنت ذا فعلت ذلك .. أشكرك يا صاحبي على هذه النصيحة الرائعة وأحمد الله الذي وفقتي لصداقتك وصحبتك فأنت خير صديق دفعتني بطيب ما تحمل من خلق وإيمان إلى التوبة والإنابة لمن فتح أبواب رحمته للتائبين وبعد أن غادر صديقه البيت قام بطرد تلك المرأة من حياته قبل أن يطردها من بيته ثم اغتسل ليبدو نظيف الجسم طاهر النفس قد تهيأ للقاء الله بقلبٍ طاهر وبجسم نظيف ومن ثم فرش مصلاه وأخذ يصلي لله ويدعوه بخشوع وخضوع راغباً في رحمته منيباً إليه تئباً من ذنبه بدموعٍ هاطلة من عينيه قد بللت سطح خديه ليقضي ليلته متوجهاً إلى الله ومتوسلاً بخيرة خلقه وبينما هو هائماً في مناجاة الله إذ سمع المؤذن ينادي لصلاة الفجر جدد وضوءه وتوجه إلى المسجد وأدى الصلاة جماعة ثم أتبع ما بدأ به خطاب جميل مع الله بتلاوة ما تيسر له من آيات الله البينات إلى أن بدا شعاع الشمس حينها استسلم للنوم وهو على يقين بأن الله قد غفر له ذلك الذنب ليستمتع بعد ذاك بنومٍ هانئ بعيداً عن الكوابيس المزعجة وهواجس الشيطان الرجيم

صــ آل محمد ــداح