اللوحة الجميلة

بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على محمد وآله الطاهرين
من منا جرب أن يرسم صورة جميلة لنفوس من يحيطون به مستخدماً ألواناً زاهية قد مزج فيها العتمة بجمالية المنظر ومؤطراً تلك اللوحة بزينة نفسه التي تبدي الخير الفضيلة فيمن تتعامل معهم من الأهل والأقارب والأصدقاء وتخفي الجانب السلبي من دون أن تمحيه
يا ترى ماهي النتائج التي يجنيها من لوحته هذه وهل ستلقى إقبالاً أم أنها سترمى بعد أن تكون وبالاً على راسمها ؟
نعم أحبتي إن هذه اللوحة التي لو رسمت من قبل أحدكم لا شك أنها ستكون محط إعجاب من يحملون السجايا الطيبة والأخلاق الفاضلة ليتخذوها صورة لجمال نفوسهم وزينة عقولهم
أما من يحمل العتمة في نفسه والدناءة في تعامله فهذا لا شك أنه سيحاول أن يظهر عيوباً فيها حتى يبعد الأنظار عنها لا لشيء إلا لحقد في نفسه وحسدٍ قد ملأ قلبه جعلاه أعور يرى بعين واحدة ومن جانب واحد تظهر له الماء سراباً والورد أشواكاً والخير شراً والأحياء أمواتاً وتُظهر له الناس وكأنهم وحوش جارحة قد خلت نفوسهم من كل ما هو جميل لا يوجد فيهم من يستحق التقدير والتبجيل
نعم أيها الأخوة
صحيح أن الناس ليسوا سواءاً منهم الطيب ومنهم الخبيث ومنهم البشوش ومنهم الكأيب ومنهم القوي ومنهم الضعيف ، ومنهم الرفيع ومنهم الوضيع ، ومنهم المتكبر ومنهم المتواضع ، ومنهم من يحمل كل صفات الخير ومنهم من لا تحوي نفسه إلا الشر
ومن هنا يجب على ذلك الرسام أن يُظهر زينة لوحته من خلال رسم لمسة الجمال الحاوية لضوء الشمس الصاخب ونور القمر الهادئ وحياة النهار وسكون الليل وجمال الطبيعة التي تحوي الخضرة والماء وحياة البهائم المقترنة بحياة الوحوش الجوارح التي تعيش بينهم ، ويُظهر جمال هروب البهيمة من أنياب الوحش وملاحقة ذلك الوحش لتلك البهيمة وكيف ينقض ذلك الوحش على تلك البهيمة من أجل أن يبقى حياً
هنا يكون ذلك الرسام قد مزج بين ما في الحياة من زهو المنظر وعتمته وأبدى في لوحته الذي تفنن في تنسيقها جمالية مزج ذلك المنظر الزاهي بتلك الصورة المعتمة لتبدو اللوحة جميلة يعشقها الكل من دون استثناء
نعم أعزائي لذا علينا نحن أن نغض الطرف عن الجوانب السلبية في إنسان عزيز علينا ونبدي في قلوبنا الجانب الإيجابي الذي تحمله نفسه بعد أن نمزج كلا الجانبين لنتعرف من خلال ذلك المزج على ذرة الخير التي يحملها ذلك الإنسان ونحاول أن نُنميها فيه ونتغاضى عن الكتلة السلبية في نفسه ونُحاول أن نُخفيها حتى لا تبدو كحجر عثرة في وسط طريق مُعبد لتكون هي المعيق لذلك الإنسان عن مواصلة الطريق
أوما سمعتم عن قصة ذلك الملك الأعرج والأعور والذي أراد أن تكون له صورة جميلة تُخفي هذين العيبين من دون أن تمحى فتصدى لذلك رسام حاذق أبدى في رسمته جمالية تلك الرجل العرجاء والعين العوراء من خلال تصوير الملك وهو لابس لبدلته العسكرية وبيده بندقية يصوب بها من خلال إغماض عينه العوراء وانفتاح العين السليمة كهيئة العسكري الذي زكر على الهدف من خلال إغماض إحدى عينيه وأبداه منحنياً على هيئة العسكري الذي أحنى إحدى رجليه لكي يكون تركيزه على الهدف بنسبة 100% لتكن تلك الرجل المنحنية هي الرجل العرجاء
لبدو اللوحة جميلة جداً ، فقد أظهرت ذلك الملك وكأنه محارباً أغمض عيناً وأحنى رجلاً مُصوباً بندقيته إلى حيث الهدف ولم يُظهر فيه عيباً يعيقه عن التصويب

صــ آل محمد ــداح