الامام الحُسين والخلود
بنفسي قتيلاً تحدّى الردى * وما زال حياً برغم العدا
أرادوا له الموتَ تعساً لهم * وكيف لعمري يموت الهدى
فهذا حسينٌ قرينُ الخلود * وذاك العدوُّ بذلٍّ غدا
لقد حسِبوا الموتَ في قتلهِ * فماتوا ولكنه خُلًدا
فتلك أمانيُّهم أصبحت * هباءً مع الريح تمضي سُدى
ولم يحصدوا غير ذلً وعارٍ * سيلقون شرَّ عذابٍ غدا
وهذا حسينُ الإبا صوتُهُ * يَصُكُّ المسامعَ منهُ الصدى
وهاتيكَ لاءاتُهُ لم تزلْ * لكلً ذوي عزةٍ مورِدا
سيبقى شواظاً يصبُّ الجحيمَ * على كلً طاغٍ بغى واعتدى
فها هو يهدي الورى نهجُهُ * برفضٍ وإصلاحِ ما أُفسِدا
وها هو بين الورى رايةٌ * بها يشمخُ العزُّ طولَ المدى
بنفسي شهيداً دعاه الإله * لنصرته فأجابَ النّدا
فراح يضحي أعزَّ البنين * وللحق يُرخِصُ أغلى الفدا
فأيُّ الضحايا كمثل الرضيع * بطلعته قد حكى أحمدا
فداهُ الحسينُ لدين الإله * بأطفالنا قلَّ أن يُفتدى
كأنًّ لمنحرِهِ والردى * على صدرِ والدِهِ موعدا
ومِن عجبٍ ما وعته العقول * ولا في خيالِ امرئٍ قد بدا
رضيعٌ أخو المهدِ ذو ستةٍ * فلا رجلَ تسعى لهُ أو يدا
تُسام براءتُهُ قسوةً * ويُعدا عليهِ بسهمِ الردى
لقد كانَ من غُلَةٍ قلبُهُ * كأنَ ضِراماً به مُوقَدا
فلم تروِ من قطرةٍ قلبُهُ * وروَّتْ دِماهُ سهامَ العدا
فلو مسَّ بعضُ لهيبِ الظما * بمهجتهِ ذوَّبَ الجلْمدا
فتباً لقومٍ شروا دينَهم * بدنيا يزيدٍ فضلّوا الهدى
لقد جعلوا المصطفى خصمَهُم * بقتلهمُ سبطَهُ الأمْجدا
|