رثاء بحق الامام الحسين (ع)
قَدِمتُ وَعَفْوَكَ عـن مَقدَمي * حَسيراً أسيراً كسيراً ظَمي
قدِمتُ لأُحرِمَ في رَحْبَـتَيْـك * سَـلامٌ لـِمَثواكَ من مـَحرَمِ
فَـمُذْ كنتُ طفلاً رأيتُ الحسين * مَـناراً إلى ضوئِـهِ أنـتَمـي
ومُـذْ كنتُ طفلاً وجَدتُ الحسين * مَـلاذاً بأسـوارِهِ أحـتَمـي
وَمُذْ كنتُ طفلاً عرَفتُ الحسـين * رِضاعاً، وللآن لم أُفـطَـمِ!
----------
سـلامٌ عليكَ فأنتَ السَّـلام * وإنْ كنتَ مُخْتَضِـباً بالـدَّمِ
وأنتَ الـدَّلـيلُ إلى الكبـرياء * بِما دِيسَ مِن صَدرِكَ الأكرَمِ
وإنـَّكَ مُعْـتَـصَمُ الـخـائفين * يا مَن مِن الـذَّبح ِ لم يُعصَمِ
لقـد قلـتَ للـنفسِ هذا طريقُكِ * لاقِي بِهِ الموتَ كي تَسـلَمي
وخُضْتَ وقد ضُفِرَ الموتُ ضَفْراً * فَما فيهِ للـرّوحِ مِن مـَخْرَمِ
وَما دارَ حَولَـكَ بَل أنتَ دُرتَ * على الموتِ في زَرَدٍ مُـحـكَمِ
من الرَّفْضِ والكبرياءِ العظيمةِ * حتى بَصُرتَ وحتى عـَمِـي
فَمَسَّـكَ من دونِ قَصدٍ فَمـات * وأبقاكَ نجمـاً من الأنـجُـمِ!
----------
ليـومِ القيامةِ يَـبقى السـؤال * هل المـوتُ في شَكلِهِ المُبْهـَمِ
هـوَ القـَدَرُ المـُبْرَمُ اللايـُرَدُّ * أم خادمُ القـَدَرِ الـمُـبْـرَمِ؟!
سـَلامٌ علـيكَ حَبيـبَ الـنَّبيِّ * وَبُرْعُمَهُ، طِبـْتَ من بـُرعُمِ
حَمَـلتَ أعَـزَّ صفـاتِ النَّـبيِّ * وفـُزْتَ بمـعيارِهِ الأقـوَمِ
دِلالـةَ أنـهمُ خَـيَّـروك * كمـا خَيـَّروهُ، فَلَم تُـثـلَمِ
بل اختَرتَ موتَكَ صَلْتَ الجبيـن* ولم تَتـلَـفَّتْ ولم تَنـدَمِ
وما دارت الأرضُ إلا وأنـتَ * لِلألائِهـا كـالأخِ التَّـوأمِ!
----------
سـلامٌ عـلى آلـِكَ الـحـوَّمِ * حـَوالَـْيكَ في ذلك المـَضرَمِ
وَهـُم يَدفعونَ بِعُـري الصدور * عن صـدرِكَ الـطاهرِ الأرحَمِ
ويَحـتـضنونَ بكِبْرِ النـَّبـِّيين * ما غـاصَ فيهم من الأسـهُمِ
سلامٌ عليهـم على راحَـتَيـن * كَشـَمسَين في فَلَكٍ أقْـتَـمِ
تَـشـعُّ بطـونُهُما بالـضـياء * وتَجري الـدِّمـاءُ من المِعصَمِ
سـلامٌ على هـالـَةٍ تـَرتَـقي * بلألائـِها مُـرتـَقى مـريَـمِ
طَهـورٍ مُـتَـوَّجـةٍ بالـجلال * مُـخَضَّبـَةٍ بالـدَّمِ الـعَنـدَمِ
تـَهاوَت فَـصاحةُ كلِّ الرجـال * أمامَ تـَفَجـُّعِهـا الـمُـلهَمِ
فَراحَـت تُزَعزِعُ عَرشَ الضَّلال * بـصوتٍ بأوجاعـِهِ مـُفعَـمِ
ولو كان للأرضِ بعضُ الحيـاء * لـَمادَت بأحـرُفِهـا الـيُتَّمِ
----------
سـلامٌ على الحُرِّ في سـاحَتَيك * ومَـقـحَـمِهِ جَـلَّ من مَقحَـمِ
سـلامٌ عليهِ بـحَجـمِ العَذاب * وحَجـمِ تَـمَزُّقِـهِ الأشْـهَـمِ
سلامٌ عليهِ.. وعَـتْـبٌ علـيـه* عَـتْـبَ الشـَّغوفِ بـهِ المُغرَمِ
فَكيفَ، وفي ألفِ سَـيفٍ لُجِمتَ * وعُـمرَكَ يا حُـرُّ لـم تـُلجَمِ؟!
وأحجَمتَ كيف، وفي ألفِ سيف؟ * ولو كنـتُ وَحـديَ لـم أُحجـِمِ
ولم أنتظرْهـُم إلى أن تَـدور * علـيـكَ دوائـرُهُـم يا دمـي
لَكنـتُ انتَـزَعتُ حدودَ العراق * ولو أنَّ أرسـانـَهُـم في فـَمي
لَغـَيَّرتُ تاريخَ هـذا التـراب * فما نـالَ منـهُ بَـنو مـُلـجَمِ!
سلامٌ على الحرِّ وَعْـياً أضـاء * وزرقـاء من لـيلهـا المُـظلِمِ
أطَـلَّت على ألفِ جيـلٍ يجيء * وغـاصَت إلى الأقـدَمِ الأقـدَمِ
فأدرَكَت الصّوت.. صوتَ النّـبوّةِ * وهـو علـى موتـِهِ يـَرتَـمي
فما سـاوَمَت نفسَها في الخَسار * وَلا سـاوَمَتْهـا عـلى المَغـنَمِ
ولكنْ جـثَـتْ وجفونُ الحسـين * تَـرفُّ عـلى ذلـك المَـجـثَمِ
----------
ويا سـيّدي يـا أعَـزَّ الرجـال * يا مُشـرَعاً قـَطُّ لـم يُعـجَـمِ
ويابـنَ الذي سـيفُهُ ما يـَزال * إذا قيـلَ يـا ذا الفَـقارِ احسِـمِ
تُحِـسُّ مروءَةَ ملـيونِ سـيفٍ * سَرَتْ بيـن كَـفِّـكَ والمَحْـزَمِ
وتُوشِـكُ أن.. ثمَّ تـُرخي يَدَيـك * وتُـنكرُ زَعـمَكَ مـن مَـزْعَـمِ
فأينَ سـيوفُـكَ من ذي الفَـقـار * وأيـنَـكَ من ذلـكَ الضَّـيغَـمِ؟!
----------
علـيُّ.. عليَّ الهُـدى والجهـاد * عَـظُـمتَ لـدى اللهِ من مُسـلمِ
وَيا أكـرَمَ النـاسِ بَعـدَ النـَّبيّ * وَجهـاً، وأغـنى امريءٍ مُعـدَمِ
مَلَكـتَ الحياتَيـن دُنـيا وأُخرى * وليـسَ بـِبَـيـتِـكَ من درهـمِ
فـِدىً لِـخشوعِـكَ من ناطـقٍ * فِـداءٌ لِـجوعِـكَ من أبـْكَـمِ!
----------
قَـدِمتُ وعفـوَكَ عن مَقـدَمي * مـَزيجاً من الـدّمّ والـعَـلـقَـمِ
وَبـي غَضَـبٌ جَـلَّ أن أدَّريـه * ونـَفسٌ أبَـتْ أن أقـولَ اكـظِمي
كأنـَّكَ أيقَـظـتَ جرحَ العـراق * فَـتَـيَّـارُهُ كـلّـُهُ فـي دَمـي
ألَسـتَ الذي قـالَ لـلـبـاترات * خُذيني، وللـنَّـفـسِ لا تُهـزَمي؟
وطـافَ بـأولادِهِ والـسـيـوف * علـيهـم سـوارٌ على مِعـصَـمِ
فَضَجَّـتْ بأضْـلُعِـهِ الكبريـاء * وصـاحَ عـلى مـوتِـهِ: أقـدِمِ!
كـذا نحنُ يا سـيّدي يا حُسَـين * شِـدادٌ عـلى الـقـَهرِ لم نُشـكَمِ
كـذا نحنُ يـا آيـةَ الرافدَيـن * سـَواتـِرُنا قـَطُّ لم تـُهْـدَمِ
لَئِن ضـَجَّ من حولكَ الظالمون * فإنـّا وُكِـلنـا إلـى الأظـلَمِ
وإن خـانَكَ الصَّحبُ والأصفياء * فقـد خـانـَنا مَن لـهُ نـَنتَمي!
بَـنو عَمـِّنا أهـلُـنا الأقرَبون * واحِـدُهُم صـارَ كـالأرْقَـمِ!
تـَدورُ عـلينا عـيونُ الـذِّئاب * فـَنَحتـارُ من أيـِّها نـَحتَمي
لهذا وَقفنـا عـُراةَ الـجـراح * كـباراً علـى لـؤمِـهـا الألأمِ
فَـيا سـيّدي يـا سَـنا كربلاء * يُـلألـئ في الـحَلَكِ الأقـتَمِ
تـَشعُّ مـَنائـرُهُ بالـضّيــاء * وتـَزفُـرُ بالـوَجَـعِ الـمُلـهَمِ
ويا عَـطَشاً كلُّ جَدْبِ العصور * سـَيَشـربُ من وِرْدِهِ الـزَّمـزَمِ
سأطبَعُ ثَغـري على مـَوطِئَيك * سـلامٌ لأرضـِكَ من مَـلْـثَمِ
|