عرض مشاركة واحدة
قديم 10-25-2015, 05:13 PM   #3
عضو مميز


الصورة الرمزية الشيخ عباس محمد
الشيخ عباس محمد غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 762
 تاريخ التسجيل :  May 2015
 أخر زيارة : 08-15-2017 (06:01 PM)
 المشاركات : 475 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي



51- النفوس المطمئنة!..
إن النفوس المطمئنة نفوس قليلة في عالم الوجود، كنفس الحسين (ع).. أما نفوسنا نحن، فهي نفوس أمارة أو لوامة.. لذا على المؤمن أن يتخذ ساعة من ليل أو نهار، فيتشبه بنبي الله يونس (ع) فيسجد ويقرأ آية: {لّا إِلَهَ إِلاَّ أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ}.. يكفي أن يقولها مرة واحدة، ولكن بانقطاع شديد إلى الله عز وجل.

52- اختلاق الجو المؤثر!..
ليحاول الإنسان أن يجعل لنفسه جواً مؤثراً، ويتفاعل لذكر الحسين (ع)، ولا يجعل ذلك وقفاً على المآتم والمجالس.. وهذه الأيام -بحمد لله- وسائل التأثر كثيرة، بإمكانه أن يسمع شريطاً، أو ينظر إلى فيلم، أو هو بنفسه يتمتم لوحده ببعض الأبيات، وإذا بالدموع تسيل على خديه.. إن هذه اللحظات من البكاء في الخلوات بفعل الإنسان، وبتذكره لمصائب الحسين (ع)، لا يقاس بهذه المجالس؛ لأن الجو الجماعي قد يكون هو المؤثر، ولعل الأنفاس القدسية للآخرين هي المؤثرة.. ولكن الإنسان عندما يكون في جو خالٍ، فالأمر يعود إليه، لا للجو، ولا للمأتم، ولا للخطيب، ولا للأجواء المباركة.. بل هو من تفاعل بنفسه، هنيئاً لمن كان كذلك!..

53- ثمرة المجالس!..
إن السعي بين الصفا والمروة من شعائر الله -عزّ وجلّ- فكيف بإحياء ذكرى الحسين الشهيد (صلوات الله عليه) الذي خرج في طلب إصلاح أمة جده (ص) (ومن يعظم شعائر الله؛ فإنها من تقوى القلوب)، القرآن يذهب يمينا وشمالاً ويرجع إلى القلوب، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}.. ثمرة الصيام التقوى، وثمرة إحياء مجالس أهل البيت (ع) أيضا تقوى القلب؛ أن يعيش الإنسان حالة من حالات المراقبة الباطنية.. إن الذي يريد أن يصلح جوارحه من دون حركةٍ جوانحية، هذا الإنسان سيخونه الأمر، ولا يمكنه أن يفلح في حياته.

54- جلب العناية الإلهية!..
إنَّ بعض الأولياء والصالحين ينتظرون هذه الليالي والأيام، لا لأجل إقامة عزاء الحسين فحسب!.. وإنما من أجل إصلاح أنفسهم، وجلب العناية الإلهية؛ لأن الرحمة الإلهية هذه الليالي والأيام رحمة غامرة.. في العشرة الأخيرة من شهر رمضان المبارك، الأجواء التوحيدية، والهبات الإلهية غامرة؛ وكذلك في هذه العشرة المباركة، بفضل التوسل بأهل بيت النبوة (ع)، أبواب السماء مفتوحة.. الإمام الرضا -عليه السلام- يقول: (إن يوم الحسين أقرح قلوبنا، إن يوم الحسين أدمى جفوننا، إن يوم الحسين أسبل دموعنا، وأورثنا الكرب والبلاء إلى يوم الانقضاء.. فعلى مثل الحسين فليبك الباكون؛ فان البكاء يحط الذنوب العظام)؛ الذين يعيشون حالات البعد عن الله -عزّ وجلّ- حالة من حالات القطيعة: ينظر إلى قلبه، فلا يجد نور الإيمان في قلبه.. وينظر إلى حياته الماضية، فلا يجد محطةً يعوّل عليها بينه وبين الله -عزّ وجلّ-.. لذا اغتنموا هذه العشرة!..

55- انتشار المذهب!..
إن مذهب أهل البيت (ع) هو الأشد انتشاراً، والسر في ذلك الانتشار؛ هو وجود شخصية كالإمام الحسين صلوات الله وسلامه عليه.

56- رد السلام!..
إن الإمام المعصوم (ع)، يرد السلام؛ لأنه سلام على حي، وهذا السلام يوجب الرد.. الإنسان الذي تحت قبة الحسين -عليه السلام- وفي جوار مرقده الشريف، ويقول: السلام عليك يا أبا عبد الله.. الشهداء أحياء يرزقون، فكيف بإمام الشهداء، وسيد الشهداء.. ما المانع أن يكون الجواب بحسب القواعد الفقهية واجباً، أو تفضلاً من المعصوم.

57- التميز في الإيمان!..
إن أصحاب الإمام الحسين (ع) لهم تميز في إيمانهم؟.. والسبب في ذلك، أنه علينا أن لا ننظر إلى الإمام الحسين -عليه السلام- بعد مرور أكثر من ألف عام.. نعم، نحن اليوم في حالة من حالات الوضوح الفكري، أما في تلك الأيام وقبل الإمام الحسين عليه السلام، كانت الدعايات والشائعات كثيرة في حق أخيه، وهناك من اتهموا أمير المؤمنين أنهُ كان لا يُصلي، واستغربوا عندما سمعوا باستشهادهِ في المحراب!.. فيخرج الإمام الحسين -عليه السلام- في هذا الجو المضلل.. وعليه، فإن تلك بطولة من هؤلاء، إذ ميزوا أن الحق مع الحسين عليه السلام.

58- ماذا بعد عاشوراء!..
إن هنالك سؤالا نطرحه بعد كلَّ موسم ماذا بعد عاشوراء الحسين (عليه السلام)؟..من الطبيعي أن المجالس بعد هذه الأيام وهذه الليالي، لا تقاس بالعشرة الأولى من شهر محرم والثانية.. والحال أنَّ مصيبة أهل البيت (ع) تبدأ بهذا اليوم وما بعده، إلى يوم الأربعين.. فإذن، ينبغي أن نحافظ على المجالس، وخاصةً أن هنالك الكثير من الكلمات والمواعظ؛ المستوحاة من الكتاب والسنة وتراث أهل البيت (ع).. نحن طوال السنة نمضي أوقاتنا في جلسات: بعضها جادة، وبعضها لاهية.. فبعد شهر محرم وصفر، هناك فرص كافية للجلوس مع الآخرين.

59- قطف الثمار!..
نحن لا نقطف ثمار عاشوراء والمجالس كما ينبغي.. مثل إنسان يزرع شجرة، يسقي الشجرة، ويعتني بها، وبالتالي تعطي الثمار اليانعة، ولا يقطفها إلى أن تذبل.. نحن في تعاملنا مع مجالس أهل البيت (ع) هكذا.. مجلس عقد باسم معصوم من أئمة أهل البيت (ع)، جلست ساعة أو ساعتين، فرحاً فرحت، حزناً حزنت، أجريت الدموع في مناسبتهم.. الآن تخرج، ولا تقطف الثمرة.. حاول أن تأخذ محطة خفيفة وأنت على الباب.. إذا كان في المسجد عليك بركعتين من الصلاة بين يدي الله عز وجل.. ركعتان مقتصدتان، فيهما توجه، فيهما إنابة، ولا زالت دموع البكاء على مولاك الحسين تجري على خديك.. قف بين يدي الله -عز وجل- وقفة خاشعة.. البعض -مع الأسف- يلتهي على الأبواب بالشراب والطعام وما شابه ذلك، ويضحك مع إخوانه.. والدموع لاتزال على خديه، وإذا به يدخل في عالم الغافلين.

60- تحويل الضيق!..
لطالما أراد الإنسان أن يسجد لله شكرا، وإذ بهذا الشكر يجره إلى المناجاة مع رب العالمين.. بعض العلماء يقول: ليس هناك مانع أبدا، أن تبكي على مشكلة من مصائب الدنيا، وبمجرد أن تدمع عيناك، ويرق قلبك؛ تحوّل الحالة إلى رب العالمين.. (تبكيك عيني لا لأجل مثوبة ولكن عيني لأجلك دامعة)، قال الرضا (ع): (... فعلى مثل الحسين فليبك الباكون، فإن البكاء عليه يحطّ الذنوب العظام).. هذا ليس فيه أي شك أو شبهة، ولا رياء.. بل العكس، يضيق صدر الإنسان من الدنيا، فيحول هذا الضيق للآخرة.. ولعل الله يبتلي المؤمن ببعض هذا الضيق حتى يذكره به!.. فإذن، إن المؤمن يشكر الله أن ابتلاه بهذه المصيبة، حتى يذكر ربه.

61- الحسين سفينة النجاة!..
إن الذين يحضرون مجالس أهل البيت (ع) ترق قلوبهم، وذلك لأنه من أعظم النعم علينا، هذه الأنوار المباركة (خلقكم الله أنواراً، فجعلكم بعرشه محدقين، حتى منَّ علينا بكم، فجعلكم في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه).. فنور سيد الشهداء (ع) كان في العرش، وهذه الأنوار القدسية كانت في العرش، ورب العالمين أنزلها للأرض، وإذا بهذا الحسين -صلوات الله عليه- يُفعل به يوم عاشوراء ما فُعل، حتى نرتقي عند الله عز وجل.. الحسين -عليه السلام- تحمل القتل، والسيدة زينب (ع) تحملت الأسر، وإمامنا زين العابدين (ع) تحمل الأغلال الجامعة؛ لأجلنا نحن.. ببركة هذا العذاب الذي نزل عليهم، ندخل الجنة إن شاء الله بغير حساب.. وبهذا الواقع ينبغي أن نشكر أصحاب هذه المصائب، لأن الله -عز وجل- جعلهم سببا لنجاتنا.. الحسين مصباح الهدى وسفينة النجاة، الحسين -صلوات الله عليه- بما جرى عليه، تحول إلى سفينة يركبها الكثيرون.. فالكل سفينة نجاة، لكن سفينة الحسين (ع) أسرع؛ لأنه وقع عليه ما لم يقع على أئمة الهدى (ع).

62- استغلال الرقة!..
إذا جاءت الرقة، خاصة بعد مجالس أهل البيت (ع) اغتنموا الفرصة، وحاولوا أن لا تقطعوا الجو الحسيني فجأة.. بل اخرج من المجلس وأنت في طريق العودة إلى المنزل، عش جو التفاعل.. وهذه أغنى فرصة للمناجاة مع رب العالمين، وكلنا يعرف حديث الإمام الرضا (ع): (فعلى مثل الحسين فليبك الباكون، فإنّ البكاء عليه يحط الذنوب العظام).. هنالك ترابط بين الإمام الحسين (ع) وبين الرحمة الإلهية، بين البكاء عليه وبين غفران الذنوب؛ لأن الله شاء أن يراه قتيلا.

63- العبودية المطلقة!..
إن مأساة الحسين (ع) بدءً من خروجه من المدينة، إلى عودة سباياه إلى المدينة مرة أخرى، وما بينهما من الأحداث الجسام، رغم تعدد ألوانها المأساوية، إلا أنها مصطبغة بلون واحد، وهو العنصر المميز لكل حركته.. ألا وهي العبودية المطلقة لله رب العالمين، وهي تتجلى تارة: في مناجاته مع رب العالمين في مقتله.. وتارة في صلاة أخته زينب (ع) في جوف ليلة الحادي عشر من محرم.. وتارة في مناجاة السجاد (ع) مع ربه والأغلال الجامعة في عنقه الشريف.

64- أبدية الحياة!..
إن من موجبات توسعة أفق النفس، والتي تستتبع بدورها قدرة مضاعفة للصمود أمام مختلف التقلبات هو: الاعتقاد بأبدية الحياة الإنسانية.. فإن البلاء المحدود في أيام محدودة، له من التعويض ما يتمنى العبد معه يوم القيامة، أن لو كان البلاء غير مرتحل عنه، بل يتمنى -كما في الروايات- أنه لم تستجب له دعوة واحدة.. وهاهم أصحاب الإمام الحسين (ع) تحملوا الكثير من الآلام العاجلة، طلبا لثمار لذيذة آجلة!..

65- الصبر!..
إن العبد يكتشف درجة عبوديته لربه من خلال: الصبر على مكروه القضاء، وخير من يمثل الصبر هم أصحاب الطف.. فإذا اعتقد العبد أن هنالك من هو أولى بتولي زمامه من نفسه، فهل يعيش حالة التبرم من تدبير الحكيم لأموره؟!.. والحال أنه لا موجود أرأف بالإنسان ممن خلقه، إلا أن يرتكب ما يخرجه من دائرة الالتفاتة الشفيقة، وذلك عندما يتمادى في تحدي من بيده سلطان السماوات والأرض.

66- محبة البلاء!..
إن العبد يترقى في درجات العبودية إلى أن يصل إلى درجة، هي أرقى من صبر العوام من أهل البلاء.. الكثيرون من متوسطي الإيمان، يصبرون على البلاء من منطلق: أنه لا حيلة لهم سوى الصبر، وأن الواقع المحتوم لا يتغير.. إلا أن هناك قوما بلغوا درجة من الإيمان، جعلتهم يرضون، بل يحبون ما أجرى له ربهم من البلاء، الذي لم يكونوا هم سببا فيه، إذ أن البلاء المتسبب من فعل العبد لا يؤجر عليه صاحبه، إلا أن يتغمده الله -تعالى- برحمة منه وفضل.. فها هي السيدة زينب (ع) عندما سئلت: كيف رأيت فعل الله بأهل بيتك؟.. فقالت: ما رأيت إلا جميلا!..

67- الفكرة والعاطفة والعمل!..
إن هناك تفاعلات غير مرئية بين عالم الفكر، وبين عالم العاطفة، وبين عالم العمل.. فالفكر والعاطفة كالزوجين؛ إذا تزوجا فإن الولد الناتج من هذا الزواج؛ هو العمل.. إذا كان الإنسان لا يعتقد بالدين، ولا يعتقد بأهل البيت (ع)؛ هل يرجى منه الاستقامة؟.. وإذا كان يعتقد بهم اعتقادا نظريا، فلا يتفاعل مع ذكرياتهم: لا يفرح لفرحهم، ولا يحزن لحزنهم؛ فإنه لا يرجى من هذه العقيدة، أن تكون دافعا له في الحياة.. فالفكرة الصائبة، بالإضافة إلى العاطفة الجياشة، إذا اجتمعا في إنسان؛ نتج منه العمل بشكل طبيعي.. إن المحب لمن يحب مطيع!..

68- أساليب عملية للتفاعل!..
هنالك أساليب عدة عملية للتفاعل مع ذكر سيد الشهداء (ع)، خارج مجالس العزاء الحسيني، منها: استغلال الساعات الضائعة في السيارة، في الاستماع إلى شيء من عبرهم (ع).. وأيضاً التدبر في كلماتهم الجميلة، فمثلاً هذه الكلمة للإمام (ع): (إني لا أرى الموت إلا سعادة).. إن الموت في نظر الناس عبارة عن فناء وحرمان من متع الحياة الدنيا، ولكن هنا الإمام (ع) جعل السعادة مرتبطة بالموت في سبيل الله؛ وهذا مفهوم جديد للسعادة.. وكذلك التدبر في المضامين التوحيدية لدعاء الحسين (ع) يوم عرفة، وقراءة كل ما كتب عن الحسين (ع) في هذا المجال.

69- الحومان حول الحسين (ع)!..
ورد في رواية: (الظالم يحوم حوم نفسه، والمقتصد يحوم حوم قلبه، والسابق بالخيرات يحوم حوم ربه).. المؤمن يحوم حول الحسين (ع)، لاستمداد الفيض الإلهي في تربية النفس، وبناء الشخصية والأجيال.. والحومان حول الحسين (ع)، بمعنى الحومان حول شخصية الإمام (ع)، وحول مبادئه، وفكره.. لا بمعنى الحومان حول الذات بما هي ذات، أو الجسد بما هو جسد وقعت عليه الجراحات.. فالإمام (ع) حتى وهو في لحظاته الأخيرة، لم يذهل عن ذكر الله عز وجل، بل كان يلهج: (رضاً بقضائك، وتسليماً لأمرك، لا معبود سواك).

70- ترقب دخول وقت الصلاة!..
إن مما يؤسف حقاً ما يُرى عند البعض، من الانشغال ببعض الأمور عن أداء الصلاة، بعذر أنهم يقيمون عزاء الحسين (ع).. والحال بأن صاحب المناسبة (ع) كان يترقب دخول وقت الصلاة، وقد دعا (ع) لذلك المقاتل الذي ذكّره بالصلاة يوم العاشر، بأن يجعله الله من الذاكرين.. وعليه، فإنه ينبغي الاهتمام بموضوع الصلاة خصوصاً في أيام عاشوراء، وفي الأزمات.. فالإمام (ع) له مقام الجامعية، أي أنه مأمور بتفقد أحوال أهله وأصحابه، ولكن عندما يقف بين يدي الله -عز وجل- ينقطع عن كل شيء، كجده المصطفى (ص).. إن أم المؤمنين عائشة تنقل عن النبي (ص) فتقول: (بأنه كان يحدثنا ونحدثه، فإذا دخل وقت الصلاة؛ فكأننا لا نعرفه ولا يعرفنا).. وكذلك كانت مولاتنا زينب (ع) ليلة الحادي عشر من شهر محرم، وهي مثخنة بهذه الجراح الباطنية، وفي تلك الليلة الموحشة بجوار الجثث، صلت صلاتها من جلوس.

يتبع



 

رد مع اقتباس