عرض مشاركة واحدة
قديم 12-01-2012, 09:08 PM   #2
عضو مميز


الصورة الرمزية هامة التطبير
هامة التطبير غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 573
 تاريخ التسجيل :  Nov 2012
 أخر زيارة : 05-13-2013 (05:25 PM)
 المشاركات : 357 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي



أهل البيت يبكون دماً على الحسين (عليه السلام):

الثالث: صدور الإدماء بالفعل من قبل عدد من المعصومين (عليهم الصلاة والسلام) حزناً على الحسين (عليه السلام) ليس من الرأس بل من العين التي هي أخطر وأرق من الرأس...

ففي رواية رواها المجلسي في البحار وفي جلاء العيون:

(أن الإمام زين العابدين إذا أخذ إناءً ليشرب يبكي حتى يملأه دماً).

وفي الأمالي للصدوق الصفحة (78) عن إبراهيم بن محمود عن الإمام الرضا (عليه السلام) أنه قال: (... إن يوم الحسين أقرح جفوننا...) وفي زيارة الناحية يندب الإمام ولي العصر (عجل الله تعالى فرجه الشريف) جده الحسين بما هو أكبر وأعظم حتى من الإدماء حيث يقول (عليه السلام):

(ولئن أخرتني الدهور وعاقني نصرك المقدور ولم أكن لمن حاربك محارباً ولمن نصب لك العداوة مناصباً فلأندبنّك صباحاً ومساءً ولأبكينّ عليك بدل الدموع دماً حسرة عليك وتأسفاً على ما دهاك وتلهفاً حتى أموت بلوعة المصاب وغصة الاكتياب) (16).

وفي قوله (عجل الله تعالى فرجه): (ولأبكين عليك بدل الدموع دماً) تأكيد، لأن: (اللام) و(النون) مما يشير إلى شدة البكاء وكثرته ودوامه إن في الفعل المضارع (أبكين) دلالة على الدوام والاستمرار.. ومن الواضح أن من يستمر طول دهره يبكي دماً سينتابه من الآلام والأمراض ما قد يؤول به إلى الموت ومن هنا جعل الإمام (عجل الله فرجه الشريف) الموت غاية ينتهي بها بكاؤه (عليه السلام) فهو يبكي ويظل يبكي طول دهره وعمره الشريف حتى يموت أسىً ولوعة حيث قال (عليه السلام): (حتى أموت بلوعة المصاب وغصة الاكتياب).

كما أن في قول الرضا (عليه السلام): (إن يوم الحسين أقرح جفوننا) دلالة واضحة على استمرار بكاء أهل البيت (عليهم السلام) طول حياتهم، حيث أن القرح في العين لا يحصل إلا بعد كثرة البكاء وشدته في مدة طويلة كما يفصح به قوله (عليه السلام) في تتمة الحديث: (وأسبل دموعنا) والدمع يسبل إذا هطل كما لا يخفى.

وهذا طبعاً ليس مبالغة في الكلام من قبل المعصوم (عليه السلام) لعدم صحته على مذهبنا، ولأصالة حمل كلام المتكلم على الحقيقة، لأن المبالغة نوع من المجاز، والأصل عدم المجاز، ويؤيد هذا ما ورد في الأخبار أن هذا شأن الزهراء (عليها السلام) كل يوم، فإنها تشهق على ولدها حتى يسكتها أبوها (17) والشهيق له معان عديدة كلها تشترك في بيان عظم البكاء والحزن، منها ما جاء في تفسير الفخر الرازي لدى تفسير هذه الآية: (فأما الذين شقوا ففي النار لهم فيها زفير وشهيق):

الزفير: ما يجتمع في الصدر من النفس عند البكاء الشديد فينقطع النفس، والشهيق: هو الذي يظهر عند اشتداد الكربة والحزن وربما تبعها الغشية وربما حصل عقيبة الموت (18).

ومن هنا نعرف استحباب شدة البكاء على الحسين (عليه السلام) ولو استلزم قرح العين بل ولو استلزم حصول آفة في العين أو ذهاب نور البصر أو أذاها.. عند جماعة من الفقهاء كالعلامة الطباطبائي الحائري (قدس سره) والشيخ علي البحراني المتوفى سنة 1319 في رسالته المسماة (قامعة أهل الباطل) في الصفحة 20 – 27 (19).

قال الطريحي في المنتخب، المجلس الثامن من الجزء الثاني - الباب الأول - الصفحة: 395:

(فيا هذا... أيلام من شق الجيوب القلوب لا جيوب الثياب؟! أو يعنف من أجرى الدماء لا الدموع على هذا المصاب؟! كلا.. حاشا لله حقهم لا يقضى، وشكرهم لا يؤدى، لكن من بذل الاجتهاد كان جديراً أن يحصل المراد). وقال في الصفحة (70) أيضاً:

(فلعمري لو تضاعفت أحزاني وتزايدت أشجاني وأجريت عوض الدموع دماً وجعلت عمري كله مأتماً وبقيت من شدة الجزع والاكتياب كالحلال لم أوف ببعض ما يجب علي من حق الآل).

كما قال السيد محسن الأمين في المجالس السنية الجزء الرابع - المجلس الواحد الثلاثون بعد المائتين - الصفحة 260.

(قد قضى العقل والدين باحترام عظماء الرجال أحياء وأمواتاً وتجديد الذكرى لوفاتهم وإظهار الحزن عليهم لا سيما من بذل نفسه وجاهد حتى قتل لمقصد سام وغاية نبيلة، وقد جرت على ذلك الأمم في كل عصر وزمان وجعلته من أفضل أعمالها وأسنى مفاخرها، فحقيق بالمسلمين بل جميع الأمم أن يقيموا الذكرى للحسين (عليه السلام) فإنه من عظماء الرجال وأعاظمهم في نفسه ومن الطراز الأول... وحقيق بمن كان كذلك أن تقام له الذكرى في كل عام وتبكي له العيون دماً بدل الدموع وأي رجل في الكون قام بما قام به الحسين (عليه السلام)..)

وشبيه هذا الكلام ذكره المقرّم في المقتل (20) وكذلك أيضاً قول الحجة المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف): (ولأبكين عليك بدل الدموع دماً) ليس من قبيل المبالغة في التعبير وإنما من باب بيان ما يستحقه من إظهار التأسف والحسرة مقابل تلك المصائب كما هو المتعارف في التعبير عند البعض لدى إرادة الكشف عن أمر مهم، وذلك لما ثبت في محلة من أصول الدين من تنزيه كلام المعصوم (عليه السلام) عن المبالغات الكلامية التي لا واقعية لها، لاستلزامه الكذب أحياناً - والعياذ بالله - ومن ثم الإضلال في بيان الواقع مما قد يناقض وجودهم ودورهم في هذا الوجود (عليهم السلام).

ومن الثابت أن البكاء بدل الدمع دماً قسمان:

القسم الأول: أن تشتد حرارة الباكي وتتدفق دموعه حتى تمزق الشرايين الرقيقة في الأجفان فيهمي منها الدم.

والقسم الثاني: أن ينشج الباكي بالبكاء وتتدفق دموعه حتى لا تتاح الفرصة للدم حتى ينقلب دمعاً لأن الدمع هو بخار الدم فإذا قلّت الرطوبة وكثر البكاء أو أسرع البكاء من قابلية تبخر رطوبات الدم فإن الدم نفسه يجري في عروق الأجفان (21).

أقول: ومن كل ما تقدم يظهر جواز إسالة الدم من الرأس حزناً على سيد الشهداء (عليه السلام) في مواكب التطبير بشكل أولى، وذلك لأنه إذا جاز إدماء العيون التي هي من أهم وأرق أعضاء الإنسان، بل وصدر ذلك من الأئمة المعصومين (عليهم السلام) فقد جاز التطبير بطريق أولى، بل إذا كان الإمام صاحب العصر (عجل الله تعالى فرجه الشريف) يبكي الحسين دماً طول عمره الشريف حتى يموت ألماً وحسرة عليه، فكيف لا يجوز لشيعته الموالين أن يشقوا رؤوسهم ويجرون دماءهم يوم عاشوراء حزناً عليه وتلهفاً لما دهاه وأطفاله وعياله في وادي الكرب والبلاء.

ولعل من هذا ما ورد عن أبي ذر الغفاري (رضوان الله عليه) أنه قال لما ذكر بعض الناس مقتل الحسين، ما معناه: (لو علمتم بعظم تلك المصيبة لبكيتم حتى تزهق أنفسكم) (22).

كما وردت في خطبة للأمام السجاد (عليه الصلاة والسلام) عند رجوعه إلى المدينة بعد وقائع عاشوراء ومسيرة السبايا كلمات شجية أشارت إلى صحة تحمل الآلام والأضرار حتى بما هو أعظم وأشد من إسالة الدم على مصاب المولى سيد الشهداء (عليه السلام) حيث قال في ضمن ما قال:

(أيها الناس إي قلب لا ينصدع لقلته؟ أم أي فؤاد لا يحن إليه؟ أم أي سمع يسمع هذه الثلمة التي ثلمت في الإسلام ولا يصم؟!) (23) قال المرحوم السيد عبد الرزاق المقرم في المقتل:

(فمصابه يقل فيه البكاء ويعز عنه العزاء! فلو تطايرت شظايا القلوب وزهقت النفوس جزعاً لذلك الحادث الجلل لكان دون واجبه) (24).

خمش الوجوه:

الرابع: ورود الأدلة العديدة بجواز خمش الوجوه في مصيبة الإمام الحسين (عليه السلام) ومن الواضح إن خمش الوجه يلازم الإدماء عادة فإذا جاز خمش الوجه فقد جاز الإدماء أيضاً في الجملة، خصوصاً وأنه حاز على تقرير الإمام المعصوم (عليه الصلاة والسلام)، بما يجعله حجة شرعية، فقد روى السيد ابن طاووس في كتابه (اللهوف) ولما أخبر بشير بن حذلم أهل المدينة بمقتل الحسين (عليه السلام) ورجوع زين العابدين (... فما بقيت في المدينة مخدرة ولا محجبة إلا برزن من خدورهن مخمشة وجوههن ضاربات خدودهن يدعون بالويل والثبور) (25).

بل جاء في بعض الروايات خمش الوجه بصيغة الأمر، حيث ورد عن الإمام الصادق (عليه السلام) في حديث موثق أنه قال:

(على مثل الحسين فلتشق الجيوب ولتخمش الوجوه ولتلطم الخدود) (26).

وقد ثبت في محله من الأصول أن الأمر ظاهر الوجوب وتتأكد الدلالة في الوجوب إذا كان الأمر بصيغة المضارع كما في قوله (عليه السلام): (فلتشق ولتخمش) وإذا اتصل به لام الأمر، فيتضاعف تأكيد الوجوب أكثر ولعله بهذه التأكيدات (صيغة المضارع، واللام) المنضمة إلى ظهور الأمرية في الوجوب يمكن أن يستدل على وجوب خمش الوجه وليس جوازه فقط.. وإذا تنزلنا من الوجوب نحمله على الاستحباب، وبذلك يظهر أن خمش الوجه على الحسين (عليه السلام) مستحب أن لم يكن واجبا. وبما أن خمش الوجه يلازم الإدماء، يصبح الإدماء مستحباً أيضاً لأنه يلازم المستحب، بناء على أن اللازم يأخذ حكم ملزومه أيضا، أو يكون جائزا على الأقل، وإلا يلزم منه المحال إذ لا يعقل أن يكن خمش الوجه واجبا أو مستحبا أو حتى مباحا كما في الأدلة المتقدمة ولكن يكون حكم لازمه - وهو الإدماء - الحرمة، للزوم الخلف، ولعدم القدرة على الامتثال حينئذ (فتأمل).

ومن مجموع الأدلة المتقدمة يستفاد إباحة التطبير على الحسين (عليه الصلاة والسلام) وجوازه على أقل التقادير، ولكن هناك مجموعة من الأدلة الأخرى التي يمكن أن نستفيد منها استحبابه أيضا نذكر بعضها:

أدلة استحباب التطبير:

الأول: تحبيب الأئمة الطاهرين (عليهم السلام) الجزع على الحسين (عليه السلام) فقد روى الشيخ في المصابيح مسندا عن أبي جعفر (عليه السلام) فيمن يزور الحسين عن بعد في يوم عاشوراء...

(وليقم في داره المصيبة بإظهار الجزع عليه) (27).

وقد جزع الإمام السجاد (عليه السلام) يوم الحادي عشر من المحرم كما في الزيارات من قوله (عليه السلام) لعمته العقلية (كيف لا أجزع ولا أهلع وقد أرى أبي وعمومتي وولد عمي صرعى لا يوارون) (28).

بل أن الإمام الصادق (عليه السلام) دعا بالرحمة لمن جزع على مصائب أهل البيت (عليهم السلام). ولم يكن الجزع محبوباً مرغوباً فيه في الشريعة السمحاء لما دعا الإمام (عليه السلام) للجازعين في رواية رواها المجلسي في مزار البحار باب (زيارة الحسين واجبة مفترضة) (29) عن ابن أبي عمير عن معاوية بن وهب قال:

دخلت على أبي عبد الله (عليه السلام) وهو في مصلاه فجلست حتى قضى صلاته فسمعته وهو يناجي ربه ويقول: يا من خصنا بالكرامة ووعدنا بالشفاعة وحمّلنا الرسالة وجعلنا ورثة الأنبياء وختم بنا الأمم السالفة وخصنا بالوصية وأعطانا علم ما مضى وعلم ما بقى وجعل أفئدة من الناس تهوي إلينا اغفر لي ولإخواني وزوار قبر أبي الحسين بن علي (صلوات الله عليهما) الذين أنفقوا أموالهم واشخصوا أبدانهم رغبة في برّنا...

اللهم ارحم تلك الوجوه التي غيّرتها الشمس وارحم تلك الخدود التي تقلبت على قبر أبي عبد الله (عليه السلام) وارحم تلك الأعين التي جرت دموعها رحمة لنا وارحم تلك القلوب التي جزعت واحترقت لنا... الخ.

وقد مدح الإمام الصادق (عليه السلام) مسمع كردين بقوله:

(أما انك من الذين يعدون من أهل الجزع لنا).

والرواية مفصلة رواها ابن قولوية في كامل الزيارات في الصفحة: (101)، أقول: ومعلوم أن الجزع في مقابل الصبر.. وليس التطبير وشج الرؤوس إلا من أهون معاني الجزع ومصاديقه.

ولعل من أجلى مصاديق الجزع على الحسين (عليه السلام) التي آلت إلى الموت والذي حظي بتقرير السجاد (عليه السلام) والعقيلة زينب (عليها السلام) هو موقف الرباب زوجة الحسين (عليه السلام).

فقد روى في الوافي عن الكافي (باب ما جاء في الحسين بن علي (عليهما السلام) الصفحة: 175) أنها بكت (رضوان الله عليها) على الحسين (عليه السلام) حتى جفت دموعها فأخبرتها بعض جواريها بأن السويق يسيل الدمعة فأمرت بذلك فصنع لها لاستدرار الدمع..

وواضح كم في البكاء حتى جفاف الدمع من الآلام والأوجاع.

وروي أنها ما استظلت من الشمس - حتى اقشعر جلدها وذاب لحمها وان الصديقة الصغرى (سلام الله عليها) كانت تسألها التحول من الشمس والجلوس مع النسوة في المأتم فكانت تأبى ذلك حتى لحقت بسيدها الحسين (عليه السلام).

وفي الكامل لابن الأثير الجزء الرابع (الصفحة 36):

(وبقيت بعده سنة لم يظلها سقف حتى بليت وماتت كمدا).

ومن كل هذا وذاك يعرف استحباب التطبير وإدماء الرؤوس والجبهات لأنها من معاني الجزع على شهيد كربلاء ومصاديقه.

التطبير نوع من الحجامة:

الثاني: وردت روايات عديدة في مصادرنا الروائية تؤكد على حجامة الرأس. وتجعلها من المستحبات الشرعية لما لها من الفوائد الصحية الجمة كوقاية من بعض الأمراض الخطرة أو كعلاج لبعضها الآخر، ننقل بعضها:

في الكافي عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: (الحجامة في الرأس هي المغيثة تنفع من كل داء إلا السام، وشبر من الحاجبين إلى حيث بلغ إبهامه ثم قال هاهنا) (30).

وعن رسول الله (صلى الله عليه وآله): (الحجامة في الرأس شفاء من كل داء) (31).

وعن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: الحجامة على الرأس على شبر من طرف الأنف وفتر من بين الحاجبين وكان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يسميها بالمنقذة) (32).

وفي حديث آخر كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يحتجم على الرأس ويسميه المغيثة أو المنقذة.

وعن زرارة قال سمعت أبا جعفر محمد بن علي الباقر (عليهم السلام) يقول: (قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) الحجامة في الرأس شفاء من كل داء إلا السام) (33).

وعن الصادق (عليه السلام): (الحجامة في الرأس شفاء من سبع من الجنون والجذام والبرص والنعاس ووجع الضرس وظلمة العين والصداع) (34).

ومن جملة هذه الروايات المتقدمة نستفيد أمورا:

الأول: إن فعل النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله) للحجامة واحتجامه برأسه وحده كاف للدلالة على استحبابها كما ورد في الرواية انه (صلى الله عليه وآله) - بناء على أن أفعال الأنبياء لا تخرج عن الواجبات والمستحبات - كان يحتجم ويسميها المنقذة.

الثاني: كون الحجامة منقذة ومغيثة وشفاء من كل داء ونحو ذلك يؤكد استحباب فعلها حتى وان أصيب صاحبها ببعض الألم أو بعض الأضرار من قبيل الجروح وإسالة الدم ونحو ذلك، ولهذا أفتى جماعة من الفقهاء المتقدمين فضلا عن المتأخرين باستحباب حجامة الرأس (35).

منهم الشهيد الأول (قدس سره) في السرائر حيث قال: (يستحب الحجامة في الرأس فإن فيها شفاء من كل داء).

ومنهم العلامة المجلسي (قدس سره): حيث قال:

(فضل حجامة الرأس ومنافعها وردت في روايات الخاصة والعامة وقال بعض الأطباء الحجامة وسط الرأس نافعة جداً وقد روي أن النبي (صلى الله عليه وآله) فعلها).

ويفهم من كلام المجلسي (قدس سره) أيضا إن استحباب الحجامة في الرأس لا يقول به الشيعة فقط بل هناك روايات عند العامة أيضا تؤكد استحبابها.

الثالث: بعض الروايات المتقدمة عينت موقع حجامة الرأس منه وهي عادة في الربع الأول من قمة الرأس أي في مسافة فتر تقريبا ما بين رأس الأنف إلى نهاية ما يصل إليه الإبهام.. وواضح أن محل التطبير وضرب القامات والسيوف على الرأس يأتي في نفس هذا الموضع لمن أراد أن يعتني ويدقق في عمله..

وبهذا يمكن أن يكون التطبير نوعا من الحجامة فيكون مستحبا في نفسه لأن الحجامة مستحبة وان لم نقصد فيه أي عنوان آخر، وواضح أن استحباب التطبير يتأكد إذا أنضم إليه عنوان مستحب جديد وهو عنوان التأسي برسول الله (صلى الله عليه وآله) واتباع سنته في حجامة الرأس كما تقدمت الروايات في ذلك فإنه سوف ينطبق عليه عنوان الاقتداء والتأسي فضلا عن الاحتجام..

وقد ذكر الفقهاء انه إذا وجب شيء بالنص ثم انطبق عليه عنوان واجب آخر فإن هذا الوجوب يتأكد، فمثلا: لو نذر الإنسان إقامة الصلاة اليومية الواجبة، فإن وجوبها يتأكد بالنذر بمعنى تداخل الواجبين في وجوب واحد.

وهكذا إذا كان الشيء مستحبا في نفسه مثل الحجامة ثم انطبق عليه عنوان مستحب آخر وهو العمل بسنة رسول الله (صلى الله عليه وآله) والاقتداء به فإن الاستحباب يتأكد.

أقول: فكيف بشيعة علي والحسين سددهم الله تعالى إذا جمعوا في التطبير عناوين ثلاثة مستحبة وليس عنوانين وهي:

1- الحجامة.

2- التأسي برسول الله (صلى الله عليه وآله).

3- تعظيم الشعائر.

وقد قال الفقهاء إن تعظيم الشعائر وخاصة الشعائر الحسينية من المستحبات الشرعية (36) قال تعالى (ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب) (37).

ومن مجموع هذه المستحبات الثلاثة يتأكد استحباب التطبير ويصبح كله مستحبا في مستحب، بل إذا قلنا بتداخل المستحبات فربما يتاخم الوجوب، ولعل من هنا أفتى جماعة من فقهاء السلف بوجوبه - أي التطبير - العيني كما سيأتي، وبعض الفقهاء المعاصرين بوجوبه الكفائي كما أخبرني بعض الثقاة أن بعض أعلام الأساتذة في الحوزة سأل في أحد المجالس عن رأيه في التطبير فأجاب أنه يرى أنه واجب عيني تخييري وستمر عليك بعض الإشارات إلى ذلك فانتظر.


 

رد مع اقتباس