عرض مشاركة واحدة
#1  
قديم 09-27-2012, 02:13 PM
المراقبين
نورجهان غير متواجد حالياً
Saudi Arabia     Female
لوني المفضل Cadetblue
 رقم العضوية : 15
 تاريخ التسجيل : Apr 2011
 فترة الأقامة : 4805 يوم
 أخر زيارة : 04-23-2023 (08:33 PM)
 المشاركات : 4,993 [ + ]
 التقييم : 10
بيانات اضافيه [ + ]
افتراضي من وصية الإمام الخميني (قدس) إلى ابنه السيد أحمد (رح)




بسم الله الرحمن الرحيم
اللَهٌمَ صَل ِعَلى مُحَمْدٍ وَآل ِ مُحَمْدٍ الْطَيّبْينَ الْطَاهِرّيْنَ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته



بسمه تعالى
اللهم صل على محمد وآله الطاهرين وعجل فرجهم والعن عدوهم


(من وصيَّة الإمامُ المُقدَّس السيد روح الله الخميني رَفَعَ الله درجته إلى ابنه السيد أحمد رحمة الله عليه)

بني!
اعلم أن في الإنسان - إن لم نقل في كل موجود - حباً فطرياً للكمال المطلق وللوصول إلى الكمال المطلق، وهذا الحب مما يستحيل أن يفارق الإنسان تماماً، كما أن الكمال المطلق محال أن يتكرر أو أن يكون أثنين، فالكمال المطلق هو الحق جلّ وعلا، والجميع يبحثون عنه، وإليه تهفو قلوبهم ولا يعلمون، فهم محجوبون بحجب الظلمة النور. لذا فهم يتوهّمون أنهم يطلبون شيئاً آخر غيره، ولذا تراهم لا يقنعون بتحقيق أيّة مرتبة من الكمال، ولا بالحصول على أيّ جمالٍ أو قدرة أو مكانة. فهم يشعرون أنهم لا يجدون في كل ذلك ضالَّتهم المنشودة، فالمقتدرون ومن يمتلكون القدرة الكبرى، هم في سعيّ دائم للحصول على القدرة الأعلى مهما بلغوا من القدرة، وطلاب العلم يطلبون الدرجة الأعلى من العلم مهما بلغوا منه، وهم يشعرون دوماً أنهم لم يجدوا ضالّتهم، وفي الحقيقة إنهم غافلون عنها.
ولو أُعطي الساعون إلى القدرة والسلطة، التصرف في جميع العالم المادي من الأرضين والمنظومات الشمسية والمجرات، بل وكل ما هو فوقها، ثم قيل لهم: إن هناك قدرةً فوق هذه القدرة التي تملكونها، أو أن هناك عالماً أو عوالم أخرى فوق هذا العالم، فهل تريدون الوصول إليها ؟ فإنهم من المحال أن لا يتمنَّون ذلك، بل أنهم من المحتم أن يقولوا بلسان الفطرة : ليتنا بلغنا ذلك أيضاً !. وهكذا طالب العلم، فهو إن ظنّ إن هناك مرتبة أخرى - غير ما بلغه - فإن فطرته الباحثة عن المطلق ستقول : يا ليت لي هذه القدرة، أو يا ليت سعةً من العلم تشمل تلك المرتبة أيضاً!
وعليه فإن ما يُطمئِنُ النفس المنفلتة، ويهدّئ من لهيبها، ويحدّ من إلحاحها واستزادتها في الطلب، إنما هو الوصول إليه تعالى، والذكر الحقيقي له جل وعلا ؛ لأن الاستغراق في ذلك فقط، هو الذي يبعث الطمأنينة والهدوء، وكأنّ قوله تعالى {أَلاَ بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ}. هو نوع من الإعلان أن : انتبه ! انتبه ! عليك أن تلجأ إلى ذكره حتى تحصل على الطمأنينة لقلبك الحيران الذي يواصل القفز من جانب إلى جانب، والطيران من غصن إلى غصن.
إذن فما دام الله سيبعث في قلبك الطمأنينة بذكره، فاستمع يا ولدي العزيز لنصيحة أبٍ عانى من الحيرة والقلق، ولا تتعب نفسك بالانتقال من باب إلى باب، للوصول إلى هذا المنصب أو تلك الشهرة أو ما تشتهيه النفس، فأنت مهماً بلغت من مقام، فأنت سوف تتألم وتشتد حسرتك وعذاب روحك لعدم بلوغك ما فوق ذلك، وإن سألتني : لِم لَمْ تعمل أنت بهذه النصيحة ؟ أجبتك بالقول : انظر إلى ما قال، لا إلى من قال. في غرر الحكم ودرر الكلم لأمير المؤمنين ( صلوات الله عليه ) " انظر إلى ما قال ، ولا تنظر إلى من قال " فما قلتُه لك صحيح، حتى وإن صدر عن مجنون أو مفتون، يقول تعالى في محكم كتابه العزيز {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي أَنْفُسِكُمْ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ}. ثم يتبع ذلك بقوله {لِكَيْلاَ تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلاَ تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لاَ يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ}. فالإنسان في هذا العالم معرّض لأمور شتى، فهو عرضة أحياناً لأن تنزل به المصائب، كما أنه قد يلاقي إقبالاً من الدنيا، فيبلغ فيها المقام والجاه ويحصل على المال ويحقّق أمانيه وينال القدرة والنعمة، وكلا الحالين ليس بثابت، فلا ينبغي أن تحزنك المصائب والحرمان فتفقدك صبرك، لأنها قد تكون أحياناً في نفعك وصلاحك {وَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ}, كما لا ينبغي أن تدفعك الدنيا بإقبالها عليك وتحقيقها ما يُشبع شهواتك إلى أن تتكبر وتختال على عباد الله، فما أكثر ما تعدّه أنت خيراً، وهو شرٌ لك.


من كتاب: موعد اللقاء

تحياتي وخالص الدعاء
نــــــــــــــــــورجهـــــــــــان





 توقيع : نورجهان


رد مع اقتباس