الموضوع: 40 درة في الحج
عرض مشاركة واحدة
قديم 09-25-2012, 08:29 AM   #2
المراقبين


الصورة الرمزية شجون الزهراء
شجون الزهراء غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 465
 تاريخ التسجيل :  Mar 2012
 أخر زيارة : يوم أمس (01:53 AM)
 المشاركات : 5,054 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي



- وسط بين مرحلتين!..
عندما يلبس الإنسان ثوبي الإحرام، فليتذكر الشبه الشديد بين ثيابٍ ثلاثٍ بيض.. حيث أن الإنسان له عهد بثلاثة أنواع من الثياب، في ثلاثة مراحل من حياته: عندما يلد الطفل، فإنه يلف في الثوب كما يلف المحرم.. وكذلك الميت، حيث يلف في لباس الكفن.. فلباس الإحرام يذكرنا بساعة الولادة، ويذكرنا أيضاً بساعة الممات؛ أي أن الإنسان في حال الإحرام، يتذكر البداية ويتذكر النهاية.. فإذن، هو في حال الإحرام وسط بين مرحلتين: بين مرحلة الطفولة البريئة، وبين مرحلة الموت والانتقال إلى العالم الآخر.. وتذكرنا هذه القضية بهذه العبارة:
قم واغتنم الفرصة بين العدمين!.. أي أنت الآن لست وليداً: لا حول لك ولا قوة.. وأنت الآن في الميقات لست ميتاً، أنت برزخ بين الأمرين.. لا أنت وليد، مرفوع عنك القلم.. ولا أنت ميت، مرفوع عنك القلم.. أنت الآن حي ترزق، فاستأنف العمل، بعد أن علمت أن الحاج يرجع من الحج كيوم ولدته أمه، فاغتنم الفرصة بين العدمين!..
26- الاغتسال عملية رمزية!..
إن الاغتسال عملية رمزية ليقول العبد بلسان حاله: يارب!.. طهرت ظاهري بما أمكن من الماء القراح، فطهر باطني بماء التوبة الخالصة مصداقا لقولك:
{ثم تاب عليهم ليتوبوا}.. إذ أن توبة عبدك بين توبتين منك!.. ومن الملفت حقا أن العبد مأمور في الحج بأغسال عديدة منها: عند الإحرام والميقات، ودخول الحرم، ودخول المسجد الحرام.. وكأنه يريد بذلك أن يجدد توبة بعد توبة، ليلتقي أخيرا بمحبوبه خاليا من كل درن.

27- التلبية!..
عندما تلبي في الميقات مرة أو أكثر من مرة، حاول أن تتذكر كم من المرات قلت: لبيك!.. للعباد الصالحين منهم وغير الصالحين!.. أولا يكفي هذا التذكر أن تلبي في الميقات، وأنت خجل من كيفية تلبيتك لله رب العالمين؟!.. فلطالما لبيت نداء الآخرين بكل طواعية وإخلاص، وها أنت تلبي فى الميقات حريصا على أداء مخارج الحروف فحسب، من دون التفات إلى جوهر التلبية!.. فعلى العبد أن يخشى من أن يأتيه النداء عند التلبية من قبل الرب المتعال قائلا: لا لبيك ولا سعديك!.. وهذا الذي كان يجري مدامع المعصومين (ع) عندما كانوا يقفون في الميقات؛ ملبين برهبة ووجل

28- المعية الدائمة!..
إذا انتابت الإنسان حالة الرقة الشديدة في طواف، أو في عرفة، أو ...الخ؛ ليطلب من الله -عز وجل- المعية الدائمة.. فإن ثمرة الحج، بل ثمرة الحياة، وثمرة الطاعات، هو: الإحساس بالقرب الدائم.. هنيئاً لمن يعيش مشاعر الطواف وهو في وطنه!.. ليس بنفس الشدة، ولكن بشكل مقارب.. هنيئاً لمن يعيش شيئاً من مشاعر يوم عرفة بشكل دائم!.. إذا وجدت المعية مع العبد، فإن الحياة تكتسب حلاوة جديدة، ليس فيها وحشة، ولا غربة، ما الفرق بين الوطن وغير الوطن؟!.. ما الفرق بين البيت الخالي، وبين البيت الذي فيه أحد، إذا كان الإنسان يعيش المعية الإلهية؟!.. إذا كان يعيش حالة الوحشة، فهذه فضيحة!.. معنى ذلك أنه ما عاش المعية، وجعله أهون المراقبين، وأهون الناظرين!.. لو كان يعيش المعية، لما كان وجود بني آدم وعدم وجودهم، له دور كبير في مشاعره، أنساً ووحشةً.

29- التجرد من كل شيء!..
إن الإنسان في الميقات يتجرد عن كل المظاهر التي أكسبته وجاهة صورية لا واقع لها إلا الوهم والخيال، وذلك من أشكال الزينة في المظهر، والملبس.. أوليس من الحري بالحاج أن يتجرد بموازاة ذلك عن كل أشكال الوهم والخيال الفاسد في الباطن؛ كالخيلاء والعجب والرياء، والذي لا يعلمه إلا الله تعالى، وكذلك العبد الذي جعله الله -تعالى- بصيرا على نفسه ولو ألقى معاذيره.

0- مخالفة الهوى!..
إن تروك الإحرام تعليم للعبد على مخالفة هوى نفسه، وما هو المألوف في حياته كـ: التطيب، والتدهين، والاستمتاع بالنساء، والتوقي من حرارة الشمس، ودفع هوام البدن وغير ذلك.. ومن المعلوم أن الطريق الى الله -عز وجل- لا يسلكه العبد إلا بمخالفة مقتضيات طبعه، والخروج عن مألوف عامة الخلق.

31- الفرار إلى الله عز وجل!..
إن من مصاديق الفرار إلى الله تعالى فى قوله تعالى:
{ففروا إلى الله} هى الحركة الباطنية إليه، ولكن الحج حركة ظاهرية للفرار أيضا.. فإذا دخلت المسجد الحرام فتصور نفسك أنك عبد آبق ارتمى في أحضان مولاه داخل بيته، وخاصة عند الدخول الأول، وخاصة في الحجة الأولى؛ فإنها مشاعر لا تتكرر في أي بقعة من بقاع الأرض.. وعلى الحاج أن يعيش مشاعر متنوعة عندما يدخل المسجد الحرام.. منها: الإحساس بأن هذا بيت ربه الودود، ومنها أنه بيت أبيه، إذ جعل القرآن الكريم إبراهيم أبا لهذه الأمة، حيث قال تعالى: {ملة أبيكم إبراهيم}، ومنها أنه بيت الأمن والأمان حيث قال تعالى: {ومن دخله كان آمنا}، ومنها أنه بيت الحرية حيث أنه البيت العتيق، ومنها أنه بيت البركة حيث قال تعالى: {ببكة مباركا}.

32- الإكرام الخاص!..
من المعروف -وإن لم يكن من المأثور- أن للحاج في الحجة الأولى دعوات مستجابة.. وهذا الأمر ليس بغريب، إذ أن للضيف في أول ساعات الضيافة إكراما خاصا، لا يتكرر في الزيارات المقبلة، وذلك لأن عدم قيامه بلوازم الأدب في بيت المضيف في السفرات السابقة، قد يحرمه بعض العطاء في الزيارات اللاحقة.. بينما الضيف في زيارته الأولى، لم يرتكب أي تقصير في هذا المجال.

33- ضيوف الله عز وجل!..
إن الحاج ينظر إلى من حوله من حجاج بيت الله الحرام على أنهم ضيوف رب العالمين، والله -تعالى- سريع الانتقام لمن يخل بحقوق ضيوفه، مهما كانت عناوينهم السابقة من حيث المعصية.. إذ أن الحاج عندما يأتي للبيت العتيق يتجرد عن كل سوابقه، ليكتسب حصانة في تلك الديار الآمنة.. فلا تنظر إلى الحاج بمنظار الصداقة والقرابة، وإنما بمنظار الوفادة على الله تعالى.


34- الاشتغال عن وظائف العبودية!..
إن الهدية سنة حسنة، لو التزم بها وفاد بيته الحرام.. ولكن ليحذر الحاج من الإسراف والتبذير، والمباهاة في هذا المجال.. ولا ينبغي أن تكون هذه السنة المحبوبة لمولاه، شاغلة له عن وظائف العبودية في تلك اللحظات الحاسمة.. وكم من القبيح أن يشتغل العبد بذلك، والمنادي ينادي
(حي على الفلاح)!.. وهو في بلد الصلاح والفلاح!..

35- المسلم مأمون الجانب!..
إن الحاج ممنوع من حمل السلاح في حال الاحرام، لئلا يكون وجوده وجودا مهيبا باعثا على الذعر والخوف.. ولكن البعض قد لا يحمل السلاح لا في الحج ولا في الوطن، ولكنه يبعث الذعر في النفوس -وخاصة في المستضعفين حوله من الأهل والولد- بتقاسيم وجهه، ونبرات صوته، والحال أن المسلم، من سلم المسلمون من يده ولسانه.

36- المقدر والممنوح!..
كما أن المال منه رزق مقدر من الله -تعالى- كعطاء خاص منه، ومنه مال ممنوح للعبد على حسب مقتضيات قواعد الكسب والتحصيل، وكذلك الحج: فمنه حج عطائي بدعوة خاصة من مالك المالك، ومنه حج يتحقق ببذل شيء من المال لأصحاب قوافل الحج، من دون أن يكون هناك نظرة خاصة لصاحب تلك الديار إليه!..


37- ولوه الحمام!..
إن من التعابير الرائعة عن الحج، ما ورد عن علي -عليه السلام- كما في نهج البلاغة:
(يألهون إليه ولوه الحمام).. أرأيت أسراب الحمام الظامئة، وهي تحط بجانب الغدير؟.. فكم يكون حرصها على التزود منها قبل أن تطير إلى القاحل من البقاع؟.. فعلى الحاج أن يرى نفسه كمثل هذا الحمام، الذي ساقه العطش إلى غدير الحرمين الشريفين، ليرجع بزاد العام كله، فهل كل الحجاج كذلك؟..

38- الإخلاص!..
إن إخلاص النية في العمل من مقومات القبول في فروع الدين جميعها.. إذ كيف يزكي رب العالمين ما لم يقصد وجهه الكريم؟.. أوليس من الخسران أن يشد أحدهم الرحال إلى ذلك البيت العتيق متجشما عناء الطريق، ليفوز بمتاع رخيص من متاع الحياة الدنيا؟!.. فقد روي عن السجاد (ع) أنه قال:
(من حج يريد به وجه الله، لا يريد به رياءً ولا سمعة؛ غفر الله له البتة).. ولكن ما أصعب مقياس القبول حيث فسر بأنه (العمل الخالص الذي لا تريد أن يحمدك عليه أحد إلا الله عز وجل).. وما أصعبه من مقياس!..

39- درس الطواف!..
إن الطواف درس بليغ من دروس الحياة، ففيه: حركة دائبة، وفيه اتجاه ثابت، وفيه مساحة محددة، وفيه محورية حول نقطة واحدة، وفيه معايشة ومعاشرة للخلق، وفيه ابتداء وانتهاء، وفيه صلاة متعقبة، وفيه طهارة للثوب، وفيه عدد لا ينبغي تجاوزه، وفيه شكوك مبطلة، وفيه منع للزيادة والنقيصة، وفيه اشتراط للطهارة من الحدث والخبث.. كل ذلك عناصر لابد من تواجدها في حركتنا في الحياة: سواء في تعاملنا مع الناس، أو مع الله رب العالمين.

40- تحطيم الأصنام الباطنية!..
كما أن إبراهيم الخليل (ع) أمر بتطهير البيت الحرام من الأصنام الظاهرية، فإننا مأمورون أيضا بتحطيم الأصنام الباطنية التي نتوجه إليها في الخفاء، وإن لم نعلن عبادتنا لها في الجلاء، ألا وهي الشهوات التي زينت لنا والتي ذكرها القرآن بأصنافها وأنواعها.. فلنتأمل في هذه المقولة لإمامنا الصادق (ع) التي تفتح آفاقا من المعرفة وهي:
(القلب حرم الله، فلا تسكن حرم الله غير الله).



 
 توقيع : شجون الزهراء

اِلـهي هَبْ لي كَمالَ الانْقِطاعِ اِلَيْكَ، وَاَنِرْ اَبْصارَ قُلُوبِنا بِضِياءِ نَظَرِها اِلَيْكَ، حَتّى تَخْرِقَ اَبْصارُ الْقُلُوبِ حُجُبَ النُّورِ فَتَصِلَ اِلى مَعْدِنِ الْعَظَمَةِ، وَتَصيرَ اَرْواحُنا مُعَلَّقَةً بِعِزِّ قُدْسِكَ. اِلـهي وَاْجَعَلْني مِمَّنْ نادَيْتَهُ فَاَجابَكَ، وَلاحَظْتَهُ فَصَعِقَ لِجَلالِكَ، فَناجَيْتَهُ سِرّاً وَعَمِلَ لَكَ جَهْراً.


رد مع اقتباس