بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على محمد وآله الطاهرين
حياة الإنسان سجلاً يُكتب في طيات صفحاته أحزانه وآلامه في سطور خطت بدماء قلبه النازف من جراحاته وبدموع عينيه الغاسلة لهمومه وأحزانه
لوحة فنية رسمها خالق الوجود في نفس الإنسان بتنسيق رباني عظيم لا يمكن لأحد من الخلق أن يتفنن في رسم مثيلاً لها
هل من فنان تمكن من رسم لوحته لتبدو بهذا التنسيق البديع لتبدو بهذا الجمال العظيم مع أنها قد مزجت بألوان الحزن الكاتمة وألوان الفرح الزاهية
قد نجد فناناً من الناس مزج لوحته بألوان الطبيعة الجميل الحاوي للبهجة وألوان الدماء النازفة من حيوان أليف قد غُرزت أنياب حيوان آخر مفترس في جسمه ليظهر للناظر بأنه متألماً قد استسلم للموت فتبدو له لوحة فنية رائعة الجمال ، لكن هل يا تُرى ستكون كرسم البديع الحكيم لتلك اللوحة المسماة بحياة الإنسان والتي طبعت فيها ألوان الحزن بكآبة علت صفحات محياه ، مبدية ما تحويه نفسه من هم وغم وعلة وبلاء لم يتمكن من إزالتها إلا بألوان شفافة كماء هاطل من السماء في صفائها وكماء البحر في ملوحتها ، فاضت من عيناه لتغسل تلك الهموم والأحزان ، وتُزيل تلك الكآبة وتُشفي علل النفس وما فيها من تراكمات البلاء ، لتعود تلك إلى الحياة متأملة بمستقبل زاهر يسوده التفاؤل فتسر وتبتهج فرحة ، قد نست الهموم وابتعدت عن الحزن فزهت وبدت بيضاء بعد أن انمحى عنها درن الشقاء ، وأوساخ الكربات
ما رأيكم أيها السادة بهذه اللوحة الرائعة ؟ أنستطيع نحن بعقولنا القاصرة أن نرسم لوحة منسقة قد حوت هذه الألوان كما هو البديع الحكيم جل ربي وعلا ؟ بالطبع لا ، فهذه اللوحة عظيمة وممتدة لسني أعمارنا في هذه الحياة تداخلت فيها ألوان الحزن بألوان الفرح وألوان الشقاء بألوان السعادة لتكون لوحة فريدة في محتواها راسمها من صور الإنسان وأحسن صورتها وخلقه بعظمة وإتقان ، فهو أحسن الخالقين تبارك وتعالى

صــ آل محمد ــداح