الموضوع
:
الخشوع لله والبكاء على الإمام الحسين عليه السلام
عرض مشاركة واحدة
12-09-2011, 08:08 PM
#
3
نـــائب المدير
بيانات اضافيه [
+
]
رقم العضوية :
118
تاريخ التسجيل :
May 2011
أخر زيارة :
10-30-2012 (10:36 PM)
المشاركات :
1,850 [
+
]
التقييم :
10
الجنس ~
لوني المفضل :
Cadetblue
العلاقة بين الخشوع لله والحزن لمصاب الحسين
العلاقة وطيدة بينهما جداً فإن الخشوع والخضوع والحزن والأسى ورقة القلب والبكاء لمصاب أبي عبد الله الحسين بن علي عليهما السلام راجع إلى ذكر الله والخشوع له وهو داخل في باب تعظيم الشعائر التي هي من تقوى القلوب (ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ
)
(32) سورة الحـج .
البكاء على الإمام الحسين
تضافرت الروايات عن النبي صلى الله عليه وآله وعن الأئمة عليهم السلام في الحث على البكاء والحزن والأسى على الإمام الحسين عليه السلام إلى حد الجزع ، فإن الجزع في المصاب وإن كان ممنوعاً على غيره من سائر الناس إلا أن الجزع عليه مستحسن وإليك جملة من هذه الروايات التي تناقلتها مدارس الحديث على مختلف مذاهبها ومشاربها .
1- جاء في الصحيح عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عليه السلام قَالَ كَانَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ عليه السلام يَقُولُ أَيُّمَا مُؤْمِنٍ دَمَعَتْ عَيْنَاهُ لِقَتْلِ الْحُسَيْنِ عليه السلام حَتَّى تَسِيلَ عَلَى خَدَّيْهِ بَوَّأَهُ اللَّهُ بِهَا غُرَفاً يَسْكُنُهَا أَحْقَاباً وَ أَيُّمَا مُؤْمِنٍ دَمَعَتْ عَيْنَاهُ حَتَّى تَسِيلَ عَلَى خَدِّهِ فِيمَا مَسَّنَا مِنَ الأَذَى مِنْ عَدُوِّنَا فِي الدُّنْيَا بَوَّأَهُ اللَّهُ مُبَوَّأَ صِدْقٍ وَ أَيُّمَا مُؤْمِنٍ مَسَّهُ أَذًى فِينَا فَدَمَعَتْ عَيْنَاهُ حَتَّى تَسِيلَ عَلَى خَدِّهِ مِنْ مَضَاضَةِ مَا أُوذِيَ فِينَا صَرَفَ اللَّهُ عَنْ وَجْهِهِ الأَذَى وَ آمَنَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ سَخَطِهِ وَ النَّارِ
[41]
2- و قَالَ الرِّضَا عليه السلام : مَنْ تَذَكَّرَ مُصَابَنَا فَبَكَى وَ أَبْكَى لَمْ تَبْكِ عَيْنُهُ يَوْمَ تَبْكِي الْعُيُونُ وَ مَنْ جَلَسَ مَجْلِساً يُحْيِا فِيهِ أَمْرُنَا لَمْ يَمُتْ قَلْبُهُ يَوْمَ تَمُوتُ الْقُلُوبُ ....... الْحَدِيثَ
[42]
3- وعَنِ الرَّيَّانِ بْنِ شَبِيبٍ عَنِ الرِّضَا ع فِي حَدِيثٍ أَنَّهُ قَالَ لَهُ يَا ابْنَ شَبِيبٍ إِنْ كُنْتَ بَاكِياً لِشَيْءٍ فَابْكِ لِلْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ عليه السلام فَإِنَّهُ ذُبِحَ كَمَا يُذْبَحُ الْكَبْشُ وَ قُتِلَ مَعَهُ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ رَجُلا مَا لَهُمْ فِي الْأَرْضِ شَبِيهُونَ وَ لَقَدْ بَكَتِ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَ الْأَرَضُونَ لِقَتْلِهِ إِلَى أَنْ قَالَ يَا ابْنَ شَبِيبٍ إِنْ بَكَيْتَ عَلَى الْحُسَيْنِ عليه السلام حَتَّى تَصِيرَ دُمُوعُكَ عَلَى خَدَّيْكَ غَفَرَ اللَّهُ لَكَ كُلَّ ذَنْبٍ أَذْنَبْتَهُ صَغِيراً كَانَ أَوْ كَبِيراً قَلِيلًا كَانَ أَوْ كَثِيراً يَا ابْنَ شَبِيبٍ إِنْ سَرَّكَ أَنْ تَلْقَى اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ وَ لَا ذَنْبَ عَلَيْكَ فَزُرِ الْحُسَيْنَ عليه السلام يَا ابْنَ شَبِيبٍ إِنْ سَرَّكَ أَنْ تَسْكُنَ الْغُرَفَ الْمَبْنِيَّةَ فِي الْجَنَّةِ مَعَ النَّبِيِّ وَ آلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِمْ فَالْعَنْ قَتَلَةَ الْحُسَيْنِ يَا ابْنَ شَبِيبٍ إِنْ سَرَّكَ أَنْ يَكُونَ لَكَ مِنَ الثَّوَابِ مِثْلُ مَا لِمَنِ اسْتُشْهِدَ مَعَ الْحُسَيْنِ فَقُلْ مَتَى مَا ذَكَرْتَهُ يَا لَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزاً عَظِيماً يَا ابْنَ شَبِيبٍ إِنْ سَرَّكَ أَنْ تَكُونَ مَعَنَا فِي الدَّرَجَاتِ الْعُلَى مِنَ الْجِنَانِ فَاحْزَنْ لِحُزْنِنَا وَ افْرَحْ لِفَرَحِنَا وَ عَلَيْكَ بِوَلَايَتِنَا فَلَوْ أَنَّ رَجُلًا أَحَبَّ حَجَراً لَحَشَرَهُ اللَّهُ مَعَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ
[43]
وقَالَ الرِّضَا عليه السلام فِي حَدِيثٍ فَعَلَى مِثْلِ الْحُسَيْنِ فَلْيَبْكِ الْبَاكُونَ فَإِنَّ الْبُكَاءَ عَلَيْهِ يَحُطُّ الذُّنُوبَ الْعِظَامَ .
ثُمَّ قَالَ عليه السلام كَانَ أَبِي عليه السلام إِذَا دَخَلَ شَهْرُ الْمُحَرَّمِ لَا يُرَى ضَاحِكاً وَ كَانَتِ الْكَآبَةُ تَغْلِبُ عَلَيْهِ حَتَّى تَمْضِيَ عَشَرَةُ أَيَّامٍ فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْعَاشِرِ كَانَ ذَلِكَ الْيَوْمُ يَوْمَ مُصِيبَتِهِ وَ حُزْنِهِ وَ بُكَائِهِ وَ يَقُولُ هُوَ الْيَوْمُ الَّذِي قُتِلَ فِيهِ الْحُسَيْنُ عليه السلام
[44]
4- وعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عُمَارَةَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عليه السلام قَالَ مَنْ دَمَعَتْ عَيْنَاهُ فِينَا دَمْعَةً لِدَمٍ سُفِكَ لَنَا أَوْ حَقٍّ لَنَا نُقِصْنَاهُ أَوْ عِرْضٍ انْتُهِكَ لَنَا أَوْ لِأَحَدٍ مِنْ شِيعَتِنَا بَوَّأَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِهَا فِي الْجَنَّةِ حُقُباً
[45]
5- وقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع فِي حَدِيثٍ وَ مَنْ ذُكِرَ الْحُسَيْنُ عِنْدَهُ فَخَرَجَ مِنْ عَيْنِهِ مِنَ الدُّمُوعِ مِقْدَارُ جَنَاحِ ذُبَابٍ كَانَ ثَوَابُهُ عَلَى اللَّهِ وَ لَمْ يَرْضَ لَهُ بِدُونِ الْجَنَّةِ
[46]
6- وعَنِ الرَّبِيعِ بْنِ مُنْذِرٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ ع يَقُولُ مَنْ قَطَرَتْ عَيْنَاهُ أَوْ دَمَعَتْ عَيْنَاهُ فِينَا دَمْعَةً بَوَّأَهُ اللَّهُ بِهَا فِي الْجَنَّةِ غُرَفاً يَسْكُنُهَا أَحْقَاباً أَوْ حُقُباً
[47]
7- عَنِ ابْنِ بُكَيْرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام فِي حَدِيثٍ طَوِيلٍ يَذْكُرُ فِيهِ حَالَ الْحُسَيْنِ عليه السلام قَالَ وَ إِنَّهُ لَيَنْظُرُ إِلَى مَنْ يَبْكِيهِ فَيَسْتَغْفِرُ لَهُ وَ يَسْأَلُ أَبَاهُ الِاسْتِغْفَارَ لَهُ وَ يَقُولُ أَيُّهَا الْبَاكِي لَوْ عَلِمْتَ مَا أَعَدَّ اللَّهُ لَكَ لَفَرِحْتَ أَكْثَرَ مِمَّا حَزِنْتَ وَ إِنَّهُ لَيَسْتَغْفِرُ لَهُ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ وَ خَطِيئَةٍ
[48]
8- وعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عليه السلام قَالَ أَيُّمَا مُؤْمِنٍ دَمَعَتْ عَيْنَاهُ لِقَتْلِ الْحُسَيْنِ عليه السلام دَمْعَةً حَتَّى تَسِيلَ عَلَى خَدِّهِ بَوَّأَهُ اللَّهُ بِهَا فِي الْجَنَّةِ غُرَفاً يَسْكُنُهَا أَحْقَاباً
[49]
الجزع على الإمام الحسين
الجزع في المصاب محرم ما عدى مصاب الإمام الحسين عليه السلام فعَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ وَهْبٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام فِي حَدِيثٍ أَنَّهُ قَالَ لِشَيْخٍ أَيْنَ أَنْتَ عَنْ قَبْرِ جَدِّيَ الْمَظْلُومِ الْحُسَيْنِ قَالَ إِنِّي لَقَرِيبٌ مِنْهُ قَالَ كَيْفَ إِتْيَانُكَ لَهُ قَالَ إِنِّي لآَتِيهِ وَ أُكْثِرُ قَالَ ذَاكَ دَمٌ يَطْلُبُ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ ثُمَّ قَالَ كُلُّ الْجَزَعِ وَ الْبُكَاءِ مَكْرُوهٌ مَا خَلَا الْجَزَعَ وَ الْبُكَاءَ لِقَتْلِ الْحُسَيْنِ عليه السلام
[50]
عَنْ مِسْمَعِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ قَالَ قَالَ لِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام فِي حَدِيثٍ أَ مَا تَذْكُرُ مَا صُنِعَ بِهِ يَعْنِي بِالْحُسَيْنِ عليه السلام قُلْتُ بَلَى قَالَ أَ تَجْزَعُ قُلْتُ إِي وَ اللَّهِ وَ أَسْتَعْبِرُ بِذَلِكَ حَتَّى يَرَى أَهْلِي أَثَرَ ذَلِكَ عَلَيَّ فَأَمْتَنِعُ مِنَ الطَّعَامِ حَتَّى يَسْتَبِينَ ذَلِكَ فِي وَجْهِي فَقَالَ رَحِمَ اللَّهُ دَمْعَتَكَ أَمَا إِنَّكَ مِنَ الَّذِينَ يُعَدُّونَ مِنْ أَهْلِ الْجَزَعِ لَنَا وَ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ لِفَرَحِنَا وَ يَحْزَنُونَ لِحُزْنِنَا أَمَا إِنَّكَ سَتَرَى عِنْدَ مَوْتِكَ حُضُورَ آبَائِي لَكَ وَ وَصِيَّتَهُمْ مَلَكَ الْمَوْتِ بِكَ وَ مَا يَلْقَوْنَكَ بِهِ مِنَ الْبِشَارَةِ أَفْضَلُ وَ لَمَلَكُ الْمَوْتِ أَرَقُّ عَلَيْكَ وَ أَشَدُّ رَحْمَةً لَكَ مِنَ الأُمِّ الشَّفِيقَةِ عَلَى وَلَدِهَا إِلَى أَنْ قَالَ مَا بَكَى أَحَدٌ رَحْمَةً لَنَا وَ لِمَا لَقِينَا إِلَّا رَحِمَهُ اللَّهُ قَبْلَ أَنْ تَخْرُجَ الدَّمْعَةُ مِنْ عَيْنِهِ فَإِذَا سَالَ دُمُوعُهُ عَلَى خَدِّهِ فَلَوْ أَنَّ قَطْرَةً مِنْ دُمُوعِهِ سَقَطَتْ فِي جَهَنَّمَ لَأَطْفَأَتْ حَرَّهَا حَتَّى لَا يُوجَدَ لَهَا حَرٌّ وَ ذَكَرَ حَدِيثاً طَوِيلًا يَتَضَمَّنُ ثَوَاباً جَزِيلًا يَقُولُ فِيهِ وَ مَا مِنْ عَيْنٍ بَكَتْ لَنَا إِلَّا نُعِّمَتْ بِالنَّظَرِ إِلَى الْكَوْثَرِ وَ سُقِيَتْ مِنْهُ مَعَ مَنْ أَحَبَّنَا
[51]
وروى ابن قولويه بسنده عن الحسن بن علي بن أبي حمزة عن أبيه عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام قال سمعته يقول : إن البكاء والجزع مكروه للعبد في كل ما جزع ، ما خلا البكاء على الحسين بن علي عليهما السلام فإنه فيه مأجور
[52]
لماذا الحزن على الحسين دون غيره ؟
سؤال طرح قديما على أئمة أهل البيت الذين جاءوا بعد شهادة الإمام الحسين وكانوا يمارسون البكاء والحزن عليه في مختلف الأوقات وبالأخص في يوم عاشوراء لماذا هذا الاهتمام به دون غيره ممن تقدم عليه مثل جده وأبيه وأمه وأخيه خصوصاً أن فيهم من هو أفضل منه ؟
فجاء الجواب بما يتناسب مع المقام فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْفَضْلِ الْهَاشِمِيِّ قَالَ قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ كَيْفَ صَارَ يَوْمُ عَاشُورَاءَ يَوْمَ مُصِيبَةٍ وَ غَمٍّ وَ حُزْنٍ وَ بُكَاءٍ دُونَ الْيَوْمِ الَّذِي قُبِضَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ ص وَ الْيَوْمِ الَّذِي مَاتَتْ فِيهِ فَاطِمَةُ وَ الْيَوْمِ الَّذِي قُتِلَ فِيهِ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع وَ الْيَوْمِ الَّذِي قُتِلَ فِيهِ الْحَسَنُ بِالسَّمِّ فَقَالَ إِنَّ يَوْمَ الْحُسَيْنِ أَعْظَمُ مُصِيبَةً مِنْ جَمِيعِ سَائِرِ الْأَيَّامِ وَ ذَلِكَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكِسَاءِ الَّذِينَ كَانُوا أَكْرَمَ الْخَلْقِ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ كَانُوا خَمْسَةً فَلَمَّا مَضَى عَنْهُمُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله بَقِيَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ وَ فَاطِمَةُ وَ الْحَسَنُ وَ الْحُسَيْنُ فَكَانَ فِيهِمْ لِلنَّاسِ عَزَاءٌ وَ سَلْوَةٌ فَلَمَّا مَضَتْ فَاطِمَةُ كَانَ فِي أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَ الْحَسَنِ وَ الْحُسَيْنِ لِلنَّاسِ عَزَاءٌ وَ سَلْوَةٌ فَلَمَّا مَضَى أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع كَانَ لِلنَّاسِ فِي الْحَسَنِ وَ الْحُسَيْنِ عَزَاءٌ وَ سَلْوَةٌ فَلَمَّا مَضَى الْحَسَنُ كَانَ لِلنَّاسِ فِي الْحُسَيْنِ عَزَاءٌ وَ سَلْوَةٌ فَلَمَّا قُتِلَ الْحُسَيْنُ لَمْ يَكُنْ بَقِيَ مِنْ أَصْحَابِ الْكِسَاءِ أَحَدٌ لِلنَّاسِ فِيهِ بَعْدَهُ عَزَاءٌ وَ سَلْوَةٌ فَكَانَ ذَهَابُهُ كَذَهَابِ جَمِيعِهِمْ كَمَا كَانَ بَقَاؤُهُ كَبَقَاءِ جَمِيعِهِمْ فَلِذَلِكَ صَارَ يَوْمُهُ أَعْظَمَ الْأَيَّامِ مُصِيبَةً الْحَدِيثَ
[53]
بكاء الخلق على الإمام الحسين
استفاضت الأخبار عن أن الخلق كله بكى على سبط الرسول صلى الله عليه وآله وقرة عين البتول الحسين بن علي عليهم السلام فقد جاء عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ ثُوَيْرٍ عَنِ الصَّادِقِ ع قَالَ فِي حَدِيثٍ إِنَّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْنَ ع لَمَّا قَضَى بَكَتْ عَلَيْهِ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَ الْأَرَضُونَ السَّبْعُ وَ مَا فِيهِنَّ وَ مَا بَيْنَهُنَّ وَ مَنْ يَتَقَلَّبُ فِي الْجَنَّةِ وَ النَّارِ مِنْ خَلْقِ رَبِّنَا وَ مَا يُرَى وَ مَا لَا يُرَى
[54]
وروى ابن قولويه بسنده قالوا : سمعنا أبا عبد الله ( عليه السلام ) يقول : إن أبا عبد الله الحسين بن علي ( عليهما السلام ) لما مضى بكت عليه السماوات السبع والارضون السبع وما فيهن وما بينهن ومن ينقلب عليهن ، والجنة والنار ، وما خلق ربنا ، و ما يري وما لا يري (
[55]
) .
وقد بكى جميع ما خلق الله على الحسين بن علي ( عليهما السلام )
وعن أبي بصير ، عن أبي جعفر ( عليه السلام ) ، قال : بكت الإنس والجن والطير والوحش على الحسين ابن علي ( عليهما السلام ) حتى ذرفت دموعها (
[56]
) . أي سالت دموعها .
بكاء السماء والأرض
عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) ، قال : إن الحسين ( عليه السلام ) بكى لقتله السماء والأرض واحمرتا ، ولم تبكيا على أحد قط إلا على يحيى بن زكريا والحسين بن علي ( عليهما السلام ) (
[57]
) .
وعن عبد الله بن هلال ، قال : سمعت أبا عبد الله ( عليه السلام ) يقول : إن السماء بكت على الحسين بن علي ويحيى بن زكريا ، ولم تبك على أحد غيرهما ، قلت : وما بكاؤهما ، قال : مكثوا أربعين يوما تطلع الشمس بحمرة وتغرب بحمرة ، قلت : فذاك بكاؤهما ، قال : نعم (
[58]
) وذكر ابن قولويه 25 غير هاتين الروايتين في الباب 28 من كامل الزيارات .
بكاء رسول الله
عن عبد الله بن محمد الصنعاني ، عن ابي جعفر ( عليه السلام ) ، قال : كان رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) إذا دخل الحسين ( عليه السلام ) جذبه إليه ثم يقول لامير المؤمنين ( عليه السلام ) : امسكه ، ثم يقع عليه فيقبله ويبكي يقول : يا أبه لم تبكي ، فيقول : يا بني اقبل موضع السيوف منك وابكي
[59]
.
بكاء الملائكة على الحسين بن علي ( عليهما السلام )
جاء في الصحيح عن الفضيل بن يسار ، عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) ، قال : مالكم لا تأتونه - يعني قبر الحسين ( عليه السلام ) - فان أربعة آلاف ملك يبكون عند قبره إلى يوم القيامة (
[60]
) . وهناك 19رواية مؤيدة لهذا الخبر ذكرها ابن قولويه في الباب 27 من كامل الزيارات وبعضها صحيحة السند .
بكاء السجاد على أبيه
عن أبي داود المسترق عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله عليه السلام قال بكى علي بن الحسين على أبيه حسين بن علي صلى الله عليه وآله وسلم عشرين سنة أو أربعين سنة و ما وضع بين يديه طعاما إلا بكى على الحسين حتى قال له مولى له جعلت فداك يا ابن رسول الله إني أخاف عليك أن تكون من الهالكين قال إنما أشكو بثي و حزني إلى الله و أعلم من الله ما لا تعلمون إني لم أذكر مصرع بني فاطمة إلا خنقتني العبرة لذلك
[61]
البكاءون
و قال الصادق عليه السلام البكاءون خمسة :
آدم و يعقوب و يوسف و فاطمة و علي بن الحسين عليه السلام :
فأما آدم إنه بكى على الجنة حتى صار على خديه أمثال الأودية .
و بكى يعقوب على يوسف حتى ذهب بصره .
و بكى يوسف على يعقوب حتى تأذى منه أهل السجن فقالوا إما تبكي بالليل و تسكت بالنهار أو تسكت بالليل و تبكي بالنهار .
و بكت فاطمة عليها السلام على فراق رسول الله ص حتى تأذى أهل المدينة فكانت تخرج إلى البقيع فتبكي فيه .
و بكى علي بن الحسين عليه السلام عشرين سنة و ما رأوه على أكل و لا على شرب إلا و هو يبكي فلاموه في ذلك فقال إني لم أذكر مصارع أبي و أهل بيتي إلا و خنقتني العبرة
[62]
عبرة كل مؤمن
عن أبي يحيى الحذاء عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله عليه السلام قال نظر أمير المؤمنين عليه السلام إلى الحسين فقال يا عبرة كل مؤمن فقال أنا يا أبتاه قال نعم يا بني
[63]
عن أبي عمارة المنشد قال ما ذكر الحسين ع عند أبي عبد الله عليه السلام في يوم قط فرأى أبو عبد الله عليه السلام متبسما في ذلك اليوم إلى الليل و كان عليه السلام يقول الحسين عليه السلام عبرة كل مؤمن
[64]
عن أبي بصير قال قال أبو عبد الله ع قال الحسين بن علي ع أنا قتيل العبرة لا يذكرني مؤمن إلا استعبر
[65]
سيد الشهداء
جاء بسند صحيح : عن ربعي بن عبد الله قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام بالمدينة أين قبور الشهداء فقال أ ليس أفضل الشهداء عندكم ؟
و الذي نفسي بيده أن حوله أربعة آلاف ملك شعثا غبرا يبكونه إلى يوم القيامة
[66]
أسباب البكاء
إن البكاء على المصاب له أسباب عديدة قد تكون ظاهرة وقد لا تكون ظاهرة .
فأما الأسباب الظاهرة :
1- علاقة الأبوة بين الطرفين :
فإذا كان صاحب المصاب أب فمن حقه على ابنه أن يحزن عليه ويبكي وإلا عد مقصراً قال تعالى
:﴿وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا﴾
(23) سورة الإسراء.
ومن الإحسان إليه هو الحزن والبكاء عليه . ولا شك أن الإمام الحسين عليه السلام هو أبو هذه الأمة بعد جده وأبيه وأخيه عليهم أفضل الصلاة والسلام فمن واجبه عليهم الحزن والبكاء على مصابه.
2- علاقة الالتحام والجزئية :
ويوجد التحام ووئام بين الإمام الحسين عليه السلام وبين جميع المؤمنين وبالأخص شيعته وقد تعددت الروايات في هذا الجانب ؛ فعن الإمام الصادق عليه السلام أنه قال ( شيعتنا منا ، خلقوا من فاضل طينتنا )
[67]
وعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم : ..... يا علي أنت مني و أنا منك روحك من روحي و طينتك من طينتي و شيعتك خلقوا من فضل طينتنا و من أحبهم فقد أحبنا و من أبغضهم فقد أبغضنا و من عاداهم فقد عادانا ومن ودهم فقد ودنا ...
[68]
قال أمير المؤمنين عليه السلام إن الله تبارك و تعالى اطلع إلى الأرض فاختارنا و اختار لنا شيعة ينصروننا و يفرحون لفرحنا و يحزنون لحزننا و يبذلون أموالهم و أنفسهم فينا أولئك منا و إلينا
[69]
وعن أمير المؤمنين عليه السلام :
إن الله تبارك و تعالى اطلع إلى الأرض فاختارنا و اختار لنا شيعة ينصروننا و يفرحون لفرحنا و يحزنون لحزننا و يبذلون أموالهم و أنفسهم فينا أولئك منا و إلينا
[70]
3- إذا كان صاحب المصاب صاحب حق :
كحق الإسلام وهو ثابت لكل مسلم على مسلم فكيف بمن أحي الدين بدمه الشريف ولولا الحسين لانطمست معالم الإسلام ؛ فإنه عليه السلام لمّا رأى الدين في خطر عندما قام بنو أمية في نشر الفساد وأحلوا الحرام وحرموا الحلال باسم الدين فجعلوا سبَّ علي بن أبي طالب عليه السلام وصي رسول الله صلى الله عليه وآله جزءاً من الصلاة ، وأظهروا للناس أنهم أئمة الإسلام
فمن حق من كان سباً لهداية الأمة أن يبكى ويحزن عليه .
4- إذا كان صاحب المصاب كبيراً في قومه وفي عشيرته :
حتى ولو كان أجنبياً أو كافراً أو عدواً وأصابته مصيبة فإن القلب ينكسر عليه ويرق له وقد أثبت التاريخ لقادة الإسلام العظماء كيف أنهم عاملوا أعدائهم وكيف عفوا وصفحوا ورقت قلوبهم على غير المسلمين وحتى على أعدائهم الذين قاتلوهم ؟ وهاهو النبي صلى الله عليه وآله يرمي بردائه إلى عدي بن حاتم كما في الكافي وغيره :
فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ الْعَلَوِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام لَمَّا قَدِمَ عَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله وسلم أَدْخَلَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله وسلم بَيْتَهُ وَ لَمْ يَكُنْ فِي الْبَيْتِ غَيْرُ خَصَفَةٍ وَ وِسَادَةٍ مِنْ أَدَمٍ فَطَرَحَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم لِعَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ
[71]
ولما قتل الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام عمرو بن عبد ود تكرم عليه ولم يسلبه لامّة حربه كما روى الشيخ المفيد في الإرشاد قال :
و روى يونس بن بكير عن محمد بن إسحاق قال لما قتل علي بن أبي طالب ع عمرا أقبل نحو رسول الله ص و وجهه يتهلل فقال له عمر بن الخطاب هلا سلبته يا علي درعه فإنه ليس تكون للعرب درع مثلها فقال أمير المؤمنين ع إني استحيت أن أكشف عن سوءة ابن عمي
[72]
ولذلك جعل الإسلام كرامة لبنات الملوك المأسورات بعد استرقاقهن الخيار لهن في اختيار الشخص الذي تريده ولا يعرضن في الأسواق كما روى ذلك ابن شهر آشوب قال :
[ المناقب لابن شهرآشوب ] لما ورد بسبي الفرس إلى المدينة أراد عمر أن يبيع النساء و أن يجعل الرجال عبيد العرب و عزم على أن يحمل العليل و الضعيف و الشيخ الكبير في الطواف و حول البيت على ظهورهم فقال أمير المؤمنين عليه السلام إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال أكرموا كريم قوم و إن خالفوكم و هؤلاء الفرس حكماء كرماء فقد ألقوا إلينا السلام و رغبوا في الإسلام و قد أعتقت منهم لوجه الله حقي و حق بني هاشم فقالت المهاجرون و الأنصار قد وهبنا حقنا لك يا أخا رسول الله فقال اللهم فاشهد أنهم قد وهبوا و قبلت و أعتقت فقال عمر سبق إليها علي بن أبي طالب عليه السلام و نقض عزمتي في الأعاجم .
و رغب جماعة في بنات الملوك أن يستنكحوهن فقال أمير المؤمنين تخيرهن و لا تكرههن فأشار أكبرهم إلى تخيير شهربانويه بنت يزدجرد فحجبت و أبت فقيل لها أيا كريمة قومها من تختارين من خطابك و هل أنت راضية بالبعل فسكتت فقال أمير المؤمنين قد رضيت و بقي الاختيار بعد سكوتها إقرارها فأعادوا القول في التخيير فقالت لست ممن يعدل عن النور الساطع و الشهاب اللامع الحسين إن كنت مخيرة فقال أمير المؤمنين لمن تختارين أن يكون وليك فقالت أنت فأمر أمير المؤمنين حذيفة بن اليمان أن يخطب فخطب و زوجت من الحسين
[73]
عليه السلام .
5- البكاء على صاحب الصفات الحميدة :
فإن من أسباب البكاء على صاحب المصاب إذا كان عنده صفات حميدة فإن الناس يأسفون لفقده سواء كان شجاعاً أو كريماً أو وخدوماً للمجتمع أو لملازمته لذكر الله أو لجماله أو كماله ، والصفات الحميدة كثيرة وكثيرة جداً وكلها قد اجتمعت في الحسين بن علي عليه السلام فهو أشجع أهل زمانه وأكرمهم وأعطفهم على الفقراء والمساكين وأذكرهم لله ، والحاصل ، أن الناس تعلموا منه معالم دينهم ومكارم الأخلاق والتضحية والفداء .
فهل من سقى ألف فارس من أعدائه مع خيولهم حتى رشفوها ترشيفاً ؟
وكان يقوم هو بنفسه يباشر السقي عليه السلام ولو أراد أن يقتلهم بأكملهم لمنعهم الماء فقط . ولكن أبت نفسه الطاهرة إلا أن يكون كريما عطوفاً في وقت الشدة نعم هل يستحق من هؤلاء الأجلاف أن يقتلوه شر قتلة ؟ ألا يستحق أن يبكي عليه .
6- البكاء للتبعية :
من المألوف أن الإنسان إذا رأى شخصاً يبكى عليه تأثر هو تبعاً لهم وبكى وقد تضافرت الروايات بل تواترت في البكاء على الحسين بن علي عليه السلام فقد بكى عليه جده رسول الله صلى الله عليه وآله وأبوه أمير المؤمنين عليه السلام وأمه الزهراء البتول عليها السلام ومن جاء بعده من الأئمة والصالحين والمؤمنين بل كما تقدم بكى جميع الخلق حتى الحجر فهل يكون الحجر أقل قسوة من قلب الإنسان
. ( ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُم مِّن بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاء وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللّهِ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ ﴾
(74) سورة البقرة . هذا في بعض أسباب البكاء الظاهري ، وأما بعض أسباب البكاء غير الظاهري فنؤجله إلى حديث آخر .
والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين وأصحابه المنتجبين .
فترة الأقامة :
5142 يوم
زيارات الملف الشخصي :
167795
إحصائية مشاركات »
المواضيـع
الــــــردود
[
+
]
[
+
]
بمـــعــدل :
0.36 يوميا
المعارف
مشاهدة ملفه الشخصي
إرسال رسالة خاصة إلى المعارف
البحث عن المشاركات التي كتبها المعارف