عرض مشاركة واحدة
قديم 08-28-2011, 01:35 PM   #6
عضو نشيط


الصورة الرمزية تراب أقدام المهدي
تراب أقدام المهدي غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 250
 تاريخ التسجيل :  Aug 2011
 أخر زيارة : 08-18-2020 (04:52 PM)
 المشاركات : 34 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي



دلالَةُ حديث الولاية

أقول:(المَوْلَـى) هنا بمعنى الأَوْلَى بالتَّصَرُّف، ومِنْ ضِمْن مَا يَدُلُّ على ذلك قولُ النبي صلى الله عليه وآله: [أَوْلَى بالمؤمنين مِن أنفسهم]. ولا يمكن أنْ نَعْتَبِر (مَوْلَى كلِّ مؤمن) بمعنى ناصِر كلِّ مؤمنٍ ومُعِينه وغير ذلك مِن أمثال هذه المعاني -كما فَسَّرَه بعضُ مَنْ أَرَادَ صَرْفَ الولاية عن الإمام علي بن أبي طالب صلوات الله عليه- فالمعنى المُتَعَيِّن هو ما ذكرنا، والشَّاهِدُ والقَرِينَةُ هو تَعْبِيرُ النبي صلى الله عليه وآله بأنه أوْلَى بالمؤمنين مِن أنفسهم، أي أَوْلَى منهم في التصرف في أنفسهم، فلَه الولايَةُ المُطْلَقَة عليهم، وكذلك الإمام عليّ عليه الصلاة والسلام ، لأنَّ النبيَّ صلى الله عليه وآله رَتَّبَ إصْدَارَه أوْلَوِيَّةَ الإمام عليٍّ على كلِّ مؤمنٍ بإقْرَارِ أصحابه بأنه (ص) أولى بهم مِن أنفسهم، فَبِمَا أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وآله حكيمٌ بَلِيغٌ فَالمُنَاسِب أنْ تكون نتيجة (مَن كان النبيُّ مولاه فَعَلِيٌّ مولاه، ومعنى المَوْلَوِيَّة للإمام عليٍّ) أنْ تكون على طِبْقِ المُقَدّمات التي قَدَّمَها النبيُّ صلى الله عليه وآله،وهي (أوْلَوِيَّة النبي بالمؤمنين مِن أنفسهم). وتَعَدِّي الأَوْلَوِيَّةِ في كلام الرسول -صلى الله عليه وآله- بالباء (بالمؤمنين) يَدُلَّ على أنَّ معنى (المَوْلى) و (الوَلِي) هو (الأولى) لأنه هو الذي يَتَعَدَّى بالباء، وليس لَفْظ الناصر والمُعِين وغيرهما. إذن مولوية الإمامِ عليِّ بن أبي طالب على المؤمنين مِنْ سِنْخِ ونَوْعِ مولويةِ النبي صلى الله عليه وآله على المؤمنين.
هذا مضافًا إلى الكثير مِن الشَّوَاهِد والقَرَائن الحَالِيَّة و المَقَالِيَّة على أنَّ معنى (المَوْلَى) في هذ الأحاديث هو الأولَى بالتصرُّف، وبعبارة أخرى: هو الأولَى بِمَسْكِ زِمَام الرئاسة الدِّينية والدُّنْيَوِيَّة من غيره، بل أكثر مِن ذلك، فَلَه ولايةٌ عليكم مثل ولايتي عليكم، والنبيُّ صلى الله عليه وآله {ما ينطق عن الهوى* إن هو إلا وحي يوحى * عَلَّمَه شديدُ القوى} (النجم3-4-5).
ومِن هذه القرائن المَقَالِيَّة الدَّالَّة على أنَّ النبي صلى الله عليه وآله يُرِيد مِن كلامه هذا تَنْصِيبَ الإمام علِيّ بن أبي طالب خليفةً وأمِيرًا على المسلمين بعده:
تَحَدُّثُه قبل قَوْلِه [مَنْ كُنْتُ مولاه فعليٌّ مولاه] عن أنه كأنه دُعِيَ فأجَابَ، وإيصَاؤه بأنه مُخَلِّفٌ بعده الثَّقَلَيْـن كتابَ الله وعترتَه عليهم الصلاة والسلام، مِن الكلام الذي يَتَنَاسَب مع مَن يُرِيد أنْ يُوصِي بوصاياه.
نعم، فالحديثُ عن الوصية لِمَن بعده بالإمارة مِن أوْلَوِيَّـات العاقِل العَادِي فَضْلاً عن نبيِّ الأمَّة الذي كُلُّه عَقْلٌ وحكمةٌ ودِرَايَةٌ، فكيف يَعْلَم بأنه يمُوت قريبًا ولا يُوصِي ويُخَلِّف بعده، مع عِلْمِه بِشِدَّةِ الخطورة التي يعيشها الإسلامُ في وقتِ وفاتهِ صلى الله عليه وآله؟ فالكَذَّابُون والمُتَنَبِّئون(مُدَّعُو النُّبُوَّة)قد كَثُرُوا، وكسرى وقيصر يَتَرَبَّصانِ بالإسلام والمسلمين شَرًّا، واليهودُ الذين استعدُّوا لِمساعدة أيِّ حرَكَةٍ ضِدّ الإسلام، والمنافقـون الذين يُخْشَى على الإسلام منهم أكثر مِن غيرهم، وهو عالِمٌ بهم، وأدَلُّ دليلٍ على عِلْمِه بذلك أحاديثُه الكثيرة عن الفِتَن العظيمة، وقد ذكَرَ البخاري وغيرُه رواياتٍ مستفيضة عن ذلك، منها:
قال البخاري في صحيحه (ج8) مِن كتاب الفِتَن: عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال:أَشْرَفَ النبيُّ صلى الله عليه (وآله) وسلم على أطم مِن آطام المدينة فقال:
[هل تَرَوْن مَا أَرَى؟]قالوا:لا.قال:
[فإني لأرَى الفتنَ تَقَعُ خِلالَ بيوتكم كَوَقْعِ القَطْر].
بالله عليكم أيها المؤمنون هل يَتْرُك النبيُّ صلى الله عليه وآله الاسْتِخْلافَ و هو الذي يقول هذه الكلمات؟!
الفتنة تَنْزِل في بيوت المسلمين كَالمَطَر،ويَتْركهم يَتَنَاحَرُون؟!
كلا..كلا.. لا يفعلها رسولُ الله صلى الله عليه وآله،بل الأمْرُ إلى الله تبارك وتعالى وهو العالِمُ،وهو مَن عَلَّم رسولَه بذلك فكيف يُهْمِلهم بلا رَاعٍ؟! وهو الذي {كَتَبَ على نفسه الرَّحْمَة} ولا يَأمُر رسولَه بِنَصْبِ أميرٍ لهم حتى لا تَقَع هذه الفِتَنُ؟!
فالصحيحُ أنَّ الله الرحيمَ أمَرَ نبيَّه الكريمَ صلى الله عليه وآله بِنَصْب الإمام علي بن أبي طالب خليفةً بعده، وقد نَصَّبَ النبيُّ عليًّا أمِيرًا بعده،صلى الله عليهما وآلهما، وأمَّا مَا يَحْدُث بعده مِن تَطْبِيقٍ أو عَدَمِه فهذا راجِعٌ إلى المُكَلَّفِين، فالمُهم أنه أَقَامَ الحُجَّةَ عليهم.
وفي مسند أحمد بن حنبل(ج6)حديث أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه(وآله) وسلم:...عبد الله بن رافع قال: كانت أم سلمة تحدث أنها سمعت النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم يقول على المنبر-وهي تمتشط-:
[أيها الناس]،فقالت لماشطتها:لُفِّي رأسي،قالت:فقالت: فديتك، إنما يقول [أيها الناس]، قلتُ (أي: أم سلمة):
وَيْحَكِ أَوَلَسْنا مِن الناس، فلَفَّت رأسَها وقامت في حجرتها، فسمعته يقول:
[أيها الناس بينما أنا على الحوض جِيء بكم زُمَرًا فتفرّقت بكم الطرق فناديتُكم ألا هلمّوا إلى الطريق، فناداني منادٍ مِن بعدي، فقال: إنهم قد بدّلوا بَعْدَك، فقلتُ: ألا سُحْقًا ألا سحقًا].
ومِن القرائن الحَالِيَّة التي تدل على أنَّ معنى (المولى) هو الخليفة والأولى بالتصرف: ما يَنْقُلُه الكَثِيرُ مِن الصحابة والتابعين والمؤرِّخين في كيفية خطبة الغدير، فالجُمُوعُ الغفيرة التي تَعَدَّت المائة ألف حاجٍّ، وكان بعضهم قد سَلَكَ طَرِيقَ بَلَدِه مُبْتَعِدًا عن طريق المدينة المنورة، أهل العراق والشام وأهل مصر وأهل هجر، وغيرهم، وقد أمَرَ النبيُّ صلى الله عليه وآله بأنْ يُنَادَى على هؤلاء فَنُودِيَ عليهم ورجعوا وتجمَّعُوا في مَا يُسَمَّى بـ(غدير خم) بين مكة المكرمة والمدينة المنـورة، وكان الحَرُّ شديدًا حتى أنَّ بعضهم كان يَضع بَعضَ ردَائه تحته و بعضَه الآخر على رأسه، ونُصِبَ للنبي صلى الله عليه وآله مِنْبَرٌ تحت تلك الشجرات التي أَمَرَ بأن يُقَمَّ ويُكْنَس ما تحتها مِن أوساخ، وخَطَبَ تلك الخطبة العصماء وقال ما قال، ومع كلِّ ذلك يُقَال بأنَّ النبي صلى الله عليه وآله أرَادَ أنْ يُبَيِّن فَضْلَ الإمام عليٍّ لِخِدْمَتِه و دفاعه عن الإسلام! ألا يكفي النبيَّ صلى الله عليه وآله أنْ يَفْعَل ذلك في غير هذه الظروف الشديدة؟! ثم إنَّ كُلَّ المسلمين يعرفون مَن هو عليٌّ فلا حاجة إلى التعريف زيادةً فليس ذلك مِن الحكمة إلا أن يكون القَصْدُ هو تَنْصِيبه لمقام الخلافة، وقد تَمَّ وللهِ الحمدُ رب العالمين.
*المستدرك (ج3) فضائل أمير المؤمنين علي: ...عن ابن عباس رضي الله عنهما أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وآله قال:[أيّكم يَتوَلانِي في الدنيا والآخرة؟]
فقال لكلِّ رَجلٍ منهم أيتولاني في الدنيا والآخرة، فقال(كلُّ رجلٍ):لا. حتى مَرَّ على أكثرهم، فقال عليٌّ:
أنا أتوَلاك في الدنيا والآخرة
فقال (النبيُّ صلى الله عليه وآله لِعليٍّ):
[أنتَ وَلِيِّي في الدنيا والآخرة].
أقول: لو كانت الولاية هنا بمعنى الحُبّ والنُّصْرَة أو غير ذلك لَقَبِلَها هؤلاء أو بعضُهم على الأقل، ولكن لَمَّا كانوا يَعْلمون بأنَّ الولايـة أكبر مِن هذا المعنى، وأنها مسؤولية جسيمة وخلافة عظيمة نَرَى أنهم أَبَوْا ولم يقبلوا بها، وقَبِلَها الإمامُ عليٌّ عليه الصلاة والسلام، ونالَها بتوفيق الله تبارك وتعالى.
قال ابنُ حجر العسقلاني صاحب كتاب (فتح الباري شرح صحيح البخاري) ج7ص61:
وأمَّا حديث[مَن كنتُ موْلاه فعَليٌّ موْلاه] فقد أَخْرَجَه الترمذيُّ والنسائيُّ وهو كثيرُ الطُّرُق جدًّا، وقد اسْتَوْعَبَها ابنُ عقدة في كتابٍ مُفْرَدٍ، وكثيرٌ مِن أَسانِيدِها صِحَاحٌ وحِسَانٌ.وقد رَوَيْنا عن الإمام أحمد(بن حنبل)قال:
مَا بَلَغَنا عن أَحَدٍ مِن الصحابةِ مَا بَلَغَنا عن عليِّ بن أبي طالب.

أقول: نتحدث عن واقعة الغدير مِن كتاب(الغدير) لِلشيخ الأميني(ج1) -رواها عن أكثر مِن مَصْدَرٍ مِن مصادر العامَّة-:
واقعة الغدير

أَجْمَعَ رسولُ الله صلى الله عليه وآله الخروجَ إلى الحَجِّ في سنة عشرٍ مِن مُهَاجرِه،وأَذَّنَ في الناس بذلك، فقَدِمَ المدينةَ خَلْقٌ كثيرٌ يَأْتَمُّون بهِ في حجَّتهِ تلك التي يُقال عليها حجَّة الوداع،وحجة الإسلام،وحجة البلاغ،وحجة الكمال، وحجة التمام، ولم يَحجَّ غيرَها مُنذ هَاجَرَ إلى أن توَفّاه اللهُ،فخَرَج صلى الله عليه وآله مِن المدينةِ مُغتسِلاً مُتَدَهِّنًا مُتَرَجِّلاً مُتَجَرِّدًا في ثوْبَيْن صحَارِيَّيْن إزَارٍ ورِدَاءٍ، وذلك يوْم السبت، لِخَمْسِ ليَالٍ أو سِتٍّ بَقِينَ مِن ذي القعدة، وأخْرَجَ معه نساءَه كلَّهن في الهَوَادِج، وسَارَ معه أهلُ بيْتهِ، وعامَّةُ المهاجرين والأنصار،ومَن شاء اللهُ مِن قبائل العرب وأفناء الناس.
وعند خُرُوجهِ صلى الله عليه وآله أَصَابَ الناسَ بالمدينةِ جُدَرِيٌّ (بِضَمّ الجيم وفتح الدال وبفتحِهما) أو حصْبَةٌ مَنَعَت كثيرًا مِن الناسِ مِن الحج معه صلى الله عليه وآله، ومع ذلك كان معه جُمُوعٌ لا يَعْلمُها إلا الله تعالى، وقد يُقال: خرَجَ معه تسعون ألفًا، ويُقال: مائة ألفٍ وأربعة عشر ألفًا وقِيل: مائة ألفٍ وعشرون ألفًا، وقِيل: مائة ألفٍ وأربعة وعشرون ألفًا، ويقال أكثر مِن ذلك، وهذه عِدَّة مَن خَرَجَ معه،وأمَّا الذين حَجُّوا معه فأكْثر مِن ذلك كالمُقِيمِين بمَكَّة والذين أَتَوْا مِن اليَمَن مع عَلِيٍّ (أمير المؤمنين) وأبي موسى.
أَصْبَح صلى الله عليه وآله يوْم الأحد بِـ(يَلَمْلَم)، ثم أراح فتعشى بِـ(شرف السيالة)وصَلَّى هناك المغربَ والعشاءَ،ثم صَلَّى الصبْحَ بِـ(عرق الظبية)،ثم نَزَلَ(الروحاء) ثم سَارَ مِن (الروحاء) فصَلَّى العصرَ بِـ(المنصرف)، وصَلَّى المغربَ والعشاءَ بِـ(المتعشى)وتَعَشّى به، وصلَّى الصبْحَ بِـ(الأثابة)، وأصبَحَ يوم الثلاثاء بِـ(العرج)واحْتَجَمَ بِـ(لحى جمل) -وهو عقبة الجحفة- ونَزَلَ (السقياء) يوم الأربعاء،وأَصْبَحَ بِـ(الأبواء)، وصلَّى هناك ثم رَاحَ مِن (الأبواء)، ونَزَلَ يوْم الجمعة (الجحفة)، ومِنها إلى (قديد)وسَبتَ فيه،وكان يوْم الأحد بِـ(عسفان)، ثم سَارَ فلما كان بِـ(الغميم) اعْتَرَضَ المُشَاةُ فَصَفُّوا صُفوفًا، فشَكَوْا إليه المَشْيَ، فقال: [اسْتَعِينُوا باليسلان] -وهو مَشْيٌ سَريعٌ دُونَ العَدْوِ- ففَعَلُوا فوَجَدُوا لذلك رَاحَةً وكان يوْم الاثنين بِـ(مر الظهران)، فلم يَبْرَح حتى أَمْسَى، وغَرُبَت له الشمسُ بِـ(سرف)فلم يُصَلِّ المغربَ حتى دَخَلَ (مَكّةَ)، ولمَّا انْتَهَى إلى (الثنيتين) بَاتَ بينهما، فدَخلَ (مكة) نهَارَ الثلاثاء. فلمَّا قضَى مَناسِكَه وانْصَرَفَ رَاجِعًا إلى(المدينة)ومعَه مَن كان مِن الجُمُوع المَذكُورَاتِ ووَصَلَ إلى (غَدِيرِ خُمٍّ) مِن الجحفة التي تَتَشَعَّبُ فيها طُرُق المَدَنِيِّين والمِصْـريِّين والعِـرَاقيّين، وذلك يوْم الخميس الثامِن عشر مِن ذي الحجة، نَزَلَ إِلَيْهِ جبرئيلُ الأمينُ عن الله بقوله: {يا أيها الرسول بَلِّغ مَا أُنْزِل إليك مِن ربِّك وإنْ لم تفعل فما بلَّغْتَ رسالته والله يعصمك من الناس إنّ الله لا يهدي القوم الكافرين}(المائدة67) وأَمَرَهُ أَنْ يُقِيمَ عَلِيًّا عَلَمًا لِلناسِ، ويُبَلِّغهم مَا نَزَلَ فِيه مِن الولاية وفَرْضِ الطاعَةِ على كلِّ أَحَدٍ، وكان أَوَائِلُ القوْم قريبًا مِن (الجحفة) فأَمَرَ رسولُ الله أن يُرَدَّ مَن تَقَدَّم منهم ويُحْبَس مَن تَأَخَّرَ عنهم في ذلك المكان، ونَهَى عن سمرات خمْسٍ مُتَقَارِبَاتٍ، دَوْحَاتٍ عِظَامٍ: أَنْ لا يَنْزلَ تحْتهنَّ أَحَدٌ، حتى إذا أَخَذَ القوْمُ مَنازلَهم، فَقُمَّ مَا تحْتهنَّ حتى إذا نُودِي بالصلاةِ صلاةِ الظهرِ عَمَدَ إِلَيْهِنَّ فصَلَّى بالناس تحْتهُنَّ، وكان يوْمًا هَاجِرًا، يَضَعُ الرَّجُلُ بعْضَ رِدَائه على رأْسهِ وبعْضَه تحْت قَدَمَيْهِ مِن شِدَّة الرَّمْضَاء، وظُلِّلَ لِرسول الله بِثَوْبٍ على شَجَرَةٍ سمرة مِن الشمس، فلمَّا انْصَرَف صلى الله عليه وآله مِن صلاته قَامَ خَطِيبًا وَسطَ القوْم، على أَقْتَاب الإبل، وَأَسْمَعَ الجميعَ، رافِعًا عَقِيرَتَه فقال:
[الحمد لله ونستعينه ونؤمن به، ونتوكل عليه، ونعوذ بالله مِن شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، الذي لاهاديَ لِمَن أَضلَّ، ولا مُضِلَّ لِمَن هدى، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا عبده ورسوله، أما بعد..
أيُّها الناس قد نَبَّأَنِي اللطيفُ الخبيرُ أنه لَمْ يُعَمَّر نبيُّ إلا مِثْل نصْفِ عُمْرِ الذي قبله، وإني أُوشَك أَنْ أُدْعَى فأجبت، وإني مسؤولٌ وأنتم مسؤولون، فمَاذا أنتم قائلون؟]
قالوا:نَشْهَد أنك قد بَلَّغتَ ونصَحْتَ وجهدت فجزاك اللهُ خيرًا، قال:
[أَلَسْتم تشهدون أن لا إله إلا الله،و أن محمدًا عبده ورسوله، وأن جنتَه حقٌّ ونارَه حقٌّ وأنَّ الموت حق وأن الساعة آتية لا ريب فيها وأن الله يبعث من في القبور؟]
قالوا:بلى نشهد بذلك، قال: [اللهم اشْهَد]، ثم قال: [أيها الناس أَلا تَسْمَعُون؟] قالوا: نعم. قال:[فإِنِّي فَرطٌ على الحوض، وأنتم وَارِدُون عَلَيَّ الحوضَ، وإنَّ عَرْضه ما بين صنعاء وبصرى،فِيه أقْدَاحٌ عَدَدَ النجوم، مِن فضة، فانْظُرُوا كيف تخلفوني في الثقلَيْن]
فنادَى مُنادٍ: ومَا الثقلان يا رسول الله؟ قال:
[الثقلُ الأكبر كتابُ الله، طَرَفٌ بِيَدِ الله عز وجل و طَرَفٌ بِأَيْدِيكم، فتَمَسَّكُوا به لا تضلوا، والآخَرُ الأصغر عِتْرَتِي، وإنَّ اللطيف الخبير نَبَّأَنِي أنهما لَنْ يَتَفَرَّقا حتى يَرِدَا عَلَيَّ الحوضَ، فسألتُ ذلك لهما رَبِّي، فلا تَقْدَمُوهُمَا فتَهْلَكُوا، ولا تَقْصُرُوا عنهما فتَهْلَكُوا]
ثم أَخَذَ بِيَدِ عَلِيٍّ فرَفَعَها حتى رُؤِيَ بَياضُ آبَاطِهما، وعَرَفَه القوْمُ أَجْمَعُون، فقال:
[أيها الناس مَنْ أَوْلَى الناس بالمؤمنين مِن أنفسهم؟]
قالوا: اللهُ ورسولُه أَعْلَم،قال:
[إنَّ اللهَ مَوْلاي، وأنا مَوْلَى المؤمنين، وأَنَا أَوْلَى بهم مِن أَنفسِهم فمَن كنتُ مَوْلاه فعَلِيٌّ موْلاه]
يَقُولُها ثلاث مرّات،وفي لَفْظِ أحْمد إمام الحنابلة:أرْبع مرات،ثم قال:
[اللهم وَالِ مَن وَالاه، وعَادِ مَن عَادَاه، وأَحِبَّ مَن أَحَبَّه، وأَبْغِض مَن أَبْغَضَه وانْصُرْ مَن نصَرَه، واخْذُلْ مَن خَذَلَه، وأَدِر الحَقَّ معه حيْث دَارَ، ألا فَلْيُبَلِّغ الشاهِدُ الغايبَ]
ثم لمْ يَتَفَرَّقُوا حتَّى نَزَلَ أمينُ وحْيِ اللهِ بقوله:
{اليوْم أكملتُ لكم دِينَكم وأَتْمَمْتُ عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلامَ دِينًا}.
فقال رسولُ الله صلى الله عليه وآله:
[اللهُ أكْبَر على إِكمال الدِّين، وإتمام النعمة، ورِضَى الرَّبِّ بِرِسَالتِي، والولايةِ لِعَلِيٍّ مِن بعدي]
ثم طَفِقَ القوْمُ يُهَنِّئُون أميرَ المؤمنين صلوات الله عليه، ومِمَّن هَنَّأَهُ في مُقَدَّم الصحابة: الشَّيْخان أبو بكر وعمر، كلٌّ يقول:
بَخٍ بَخٍ لك يـا بن أبي طالب:أَصْبَحْتَ وأَمْسَيْتَ مَوْلاي ومَوْلى كلِّ مؤمنٍ ومؤمنةٍ، وقال ابنُ عباس: وَجَبَت واللهِ في أَعْنَاقِ القوْم، فقال حسَّان: ائْذَنْ لِي يا رسول الله أَنْ أَقُولَ في عليٍّ أبياتًا تَسْمَعْهُنَّ، فقال: [قُلْ على بَرَكَةِ الله]، فقامَ حسانُ فقال: يا مَعْشَرَ مَشْيَخَةِ قريش أُتْبِعُها قوْلي بِشهادةٍ مِن رسول الله في الولايةِ مَاضِيَةٍ ثم قال:
يُنَادِ بهم يوْمَ الغديرِ نبيُّهم*بِخُمٍّ،فأَسْمِع بالرسول مُنادِيا... .
العناية بحديث الغدير

كان للمولى سبحانه مَزِيدُ عِنَايَةٍ بِإِشْهَارِ هذا الحديث، لِتَتَدَاوَلَه الأَلْسُنُ وتَلُوكُه أَشْدَاقُ الرُّوَاة، حتى يكون حُجَّة قائِمَةً لِحَامِيَةِ دِينهِ الإمامِ المُقْتَدَى صلوات الله عليه،ولِذلك أَنْجَزَ الأَمْرَ بالتَّبْلِيغ في حِينِ مُزْدَحَمِ الجماهير عند مُنْصَرَفِ نبيِّهِ صلى الله عليه وآله مِن الحج الأكبر، فنَهَضَ بالدعْوَةِ وكَرَادِيسُ الناس وزُرَافاتُهم مِن مُختلَفِ الديَار مُحْتَفَّةٌ بهِ، فرَدَّ المُتقدِّمَ، وجَعْجَعَ بالمُتأخِّر، وأَسْمَعَ الجميعَ وأَمَرَ بتَبْلِيغِ الشاهِدِ الغايبَ، لِيَكُونُوا كلُّهم رُوَاةَ هذا الحديث، وهم يَرْبُون على مائةِ ألْفٍ ولم يَكْتَفِ سبحانه بذلك كلِّه حتى أَنْزَلَ في أَمْرهِ الآياتِ الكريمةَ تَتَلامَعُ مَرَّ الجَدِيدَيْن بُكْرَةً وعشيًّا، لِيكُون المسلمون على ذِكْرٍ مِن هذه القضِيَّة في كلِّ حِينٍ، ولِيَعْرِفوا رُشْدَهم، والمَرْجِعَ الذي يَجِب عليهم أنْ يَأْخُذُوا عنه مَعَالِمَ دِينِهم. ولم يَزَلْ مِثْلُ هذه العِنَايَةِ لِنبيِّنا الأعظم صلى الله عليه وآله حيْث اسْتَنْفَرَ أُمَمَ الناس لِلْحَج في سَنَتهِ تلْك فالْتَحَقُوا به ثبًّا ثبًّا، وكراديسَ كراديسَ، وهو صلى الله عليه وآله يَعْلَم أنه سوْف يُبَلِّغهم في مُنْتهَى سَفَرِه نَبَأً عظيمًا، يُقامُ به صَرْحُ الدِّين ويُشَادُ عَلالِيه، وتَسُود بهِ أُمَّتُه الأُمَمَ، ويَدُبُّ مُلْكُها بيْن المشرق والمغرب، لو عَقلَت صالِحَها، وأَبْصَرَت طريقَ رُشْدِها، ولِهذه الغايَةِ بِعَيْنِها لم يَبْرَح أَئِمَّةُ الدِّين سلام الله عليهم يَهْتُفُون بهذه الواقعة، ويَحْتَجُّون بها لإِمَامَةِ سَلَفِهم الطَّاهِر كمَا لم يَفْتَأ أميرُ المؤمنين صلوات الله عليه بِنَفسِه يَحْتَجّ بِهَا طِيلَةَ حياته الكريمة ويَسْتَنْشِد السامِعِين لَها -مِن الصحابة الحضُورِ في حجَّة الوداع- في المُنْتَدَيَاتِ ومُجْتَمَعَاتِ لَفَائِفِ الناس كلُّ ذلك لِتَبْقَى غَضَّةً طَرِيَّة، بِالرّغمِ مِن تَعَاوُر الحِقَبِ والأعْوَامِ، ولِذلك أَمَرُوا شِيعَتَهم بالتَّعَيُّدِ في يوْم الغدير والاجتماعِ وتَبَادُلِ التَّهَانِي والبَشَائِر، إِعَادَةً لِجِدَّةِ هاتِيكَ الواقعة ... وأمَّا كُتُبُ الإمامية في الحديث والتفسير والتاريخ وعِلْمِ الكَلامِ فضَعْ يَدَك على أَيٍّ منها تَجِدْه مُفْعَمًا بِإِثْبَاتِ قِصَّةِ الغدير والاحْتِجَاج بِمُؤَدَّاها، فمِن مَسانِيدَ عَنْعَنَتْها الرُّواةُ إلى مُنْبَثَق أَنْوَار النبُوّة، و(مِن) مَرَاسِيلَ أَرْسَلَها المُؤَلِّفُون إِرْسَالَ المُسَلَّم، حَذَفُوا أَسَانِيدَها لِتَسَالُم فِرَقِ المسلمين عليْها(الخ).
وقال العلامةُ الأميني(قده)قبْل ذلك مباشرة:
أهمية الغدير في التاريخ

لا يَسْتَرِيب أَيُّ ذِي مسكة فِي أنَّ شَرَفَ الشَّيْءِ بِشَرَفِ غَايَتهِ، فعَلَيهِ إِنَّ أَوَّلَ مَا تُكْسِبُه الغاياتُ أهميةً كبرى مَن مواضيع التاريخ هو مَا أُسِّسَ عليه دِينٌ، أو جَرَت به نِحْلَةٌ، واعْتَلَت عليه دَعَايمُ مَذهَبٍ، فدَانَت بهِ أُمَمٌ، وقامَت به دُوَلٌ، وجَرَى بهِ ذِكْرٌ مع الأَبَد، ولِذلك تَجِد أَئِمَّةَ التاريخ يَتَهالَكُون في ضَبْطِ مَبادِئ الأدْيان وتعاليمها وتَقْيِيدِ مَا يَتْبَعُها مِن دِعَايَاتٍ،وحروبٍ وحكوماتٍ،وولاياتٍ التي عليها نَسَلَت الحِقَبُ والأعْوَامُ، و مَضَت القرونُ الخالية {سُنَّةَ الله في الذين خَلَوْا ولَنْ تَجِد لِسُنـةِ الله تبديـلاً} وإذا أَهْمَلَ المُؤَرِّخُ شيئًا مِن ذلك فقد أَوْجَدَ في صحيفته فراغًا لا تَسُدُّه أَيَّةُ مُهِمَّة، وجَاءَ فيها بأَمْرٍ خَدَاجٍ، بُتِرَ أَوَّلُه، ولا يُعْلَم مَبْدَؤه،وعسى أن يُوجِب ذلك جهلاً للقارئ في مَصِير الأمْر ومُنتهاه.إنَّ واقعة(غدير خم)هي مِن أَهَمِّ تلك القضايـا، لِمَا ابْتَنَى عليها وعلى كثيرٍ مِن الحجَج الدامِغَة، مَذْهَبُ المُقْتَصِّين أَثَرَ آلِ الرسول صلوات الله عليه وعليهم، وهم مَعْدُودون بالمـلايين وفيهم العلم والسؤدد، والحكماء، والعلماء، والأماثل، ونوابغ في علوم الأوايل والأواخر، والملوك، والساسة، والأمراء، والقادة، والأدب الجم، والفضل الكثار، وكتب قيمة في كلِّ فنٍّ، فإنْ يَكُن المُؤَرِّخُ منهم فمِن وَاجِبهِ أنْ يُفِيض على أُمَّتهِ نَبَأَ بدْءِ دعْوَتهِ، وإنْ يكن مِن غيرهم فلا يَعْدُوه أنْ يَذكُرَها بَسِيطةً عندما يَسْرِد تاريخَ أُمَّةٍ كبيرة كهذه،أو يَشْفَعُها بِمَا يَرْتَئِيه حوْل القضيةِ مِن غَمِيزة فِي الدّلالَةِ، إِنْ كان مَزِيجَ نفْسِه النزُولُ على حُكْم العاطفة، ومَا هنالك مِن نَعَرَاتِ طائِفتِه، على حِينِ أَنه لا يَتَسَنَّى له غَمْزٌ في سَنَدِها، فإنَّ مَا نَاءَ بهِ نبيُّ الإسلام يوْم الغدير مِن الدعوة إلى مَفَادِ حَدِيثهِ لم يَخْتَلِف فِيه اثنان، وإن اخْتَلَفُوا في مُؤَدَّاه لأَغْرَاض وشَوَائِب غير خَافِيَة على النَّابهِ البَصِـيرِ، فذَكَرَها مِن أَئِمَّةِ المُؤَرِّخِين البلاذري المتوفى سنة (279) في (أنساب الأشراف)، وابن قتيبة المتوفى (276) في (المعارف)، و(الإمامة والسياسة)، والطبري المتوفى (310) في كتابٍ مُفْرَدٍ، وابن زولاق الليثي المصري المتوفى (287) في تأليفه، والخطيب البغدادي المتوفى (463) في تاريخه، وابن عبد البر المتوفى (463) في (الاستيعاب)، والشهرستاني المتوفى(548)في(الملل والنحل)، وابن عساكر المتوفى (571) في تاريخه، وياقوت الحموي في (معجم الأدباء) ج18ص84 مِن الطبعة الأخيرة، وابنُ الأثير المتوفى (630) في (أسد الغابة)، وابنُ أبي الحديد المتوفى (656) في (شرح نهج البلاغة)، وابن خلكان المتوفى (681) في تاريخه، واليافعي المتوفى (768) في (مرآة الجنان)، وابنُ الشيخ البلوي في (ألف باء)، وابنُ كثير الشامي المتوفى (774) في (البداية والنهاية)، وابنُ خلدون المتوفى (808) في (مقدمة تاريخه)، وشمسُ الدين الذهبي في (تذكرة الحفاظ)، والنويري المتوفى حدود(833)في (نهاية الإرب في فنون الأدب) وابنُ حجر العسقلاني المتوفى (852) في (الإصابة) و (تهذيب التهذيب)، وابنُ الصباغ المالكي المتوفى (855) في (الفصول المهمة)، والمقريزي المتوفى (845) في (الخطط) وجلالُ الدين السيوطي المتوفى (910) في غيرِ واحدٍ مِن كتبـهِ، والقرماني الدمشقي المتوفى (1019) في (أخبار الدول) ونورُ الدين الحلبي المتوفى (1044) في (السيرة الحلبية)، وغيرُهم.
وهذا الشأنُ في علْم التاريخ لا يَقِلّ عنه الشأْنُ في فنِّ الحديث، فإنَّ المُحَدِّثَ إلى أيِّ شَطْرٍ وَلَّى وَجْهَه مِن فضَاءِ فنِّهِ الوَاسِع، يَجِد عنده صِحَاحًا ومسانيدَ تُثْبِت هذه المَأْثَرَةَ لِوَلِيِّ أَمْرِ الدِّينِ عليه السلام، ولم يَزَل الخَلَفُ يَتَلَقَّاه مِن سَلَفِهِ حتى يَنْتَهِي الدَّوْرُ إلى جِيلِ الصحابةِ الوُعَاةِ لِلْخَبَر، ويَجِد لها مع تَعَاقُبِ الطبَقَاتِ بَلَجًا ونُورًا يُذْهِب بالأَبْصار، فإنْ أَغْفَلَ المُحدِّثُ عمَّا هذا شَأْنُه فقد بَخَسَ لِلأُمَّةِ حقًّا، وحَرَمَها عن الكثير الطيِّب مِمَّا أَسْدَى إليها نبيُّها نبيُّ الرحمة مِن بِرِّهِ الواسع، و هِدَايَتهِ لها إلى الطريقةِ المُثْلَى، فذكَرَها مِن أئمـَّة الحديث إمامُ الشافعية أبو عبد الله محمد بن إدريس الشافعي المتوفى سنة (204) كمَا في (نهاية ابن الأثير)، وإمامُ الحنابلة أحمدُ بن حنبل المتوفى(241) في (مُسْنَدِه) و (مَنَاقِبِهِ)، وابنُ ماجة المتوفى (273) في(سُنَنهِ)، والترمذيُّ المتوفى (276) في (صحيحه)، والنسائيُّ المتوفى (303) في (الخَصَايص)، وأبو يعلى الموصلي المتوفى (307) في (مسنده)، والبغويُّ المتوفى (317) في (السنن)، والدولابي المتوفى (320) في (الكنى والأسماء) والطحاويُّ المتوفى (321) في (مشكل الآثار)، والحاكمُ المتوفى (405) فـي (المستدرك)، وابنُ المغازلي الشافعي المتوفى (483) في (المناقب)، وابنُ مندة الأصبهاني المتوفى (512) بِعِدَّةِ طُرُقٍ في (تأليفه)، والخطيب الخوارزمي المتوفى (568) في (المناقب) و (مقتل الإمام السبط عليه السلام)، والكنجيُّ المتوفى (658) في (كفاية الطالب)، ومحبُّ الدين الطبري المتوفى (694) في (الرياض النضرة)، و (ذخاير العقبى)، والحمويني المتوفى (722) في (فرايد السمطين) والهيثميُّ المتوفى (807) في (مجمع الزوايد)، والذهبيُّ المتوفى (748) في (التلخيص)، والجزريُّ المتوفى (830) في (أسنى المطالب)،وأبو العباس القسطلاني المتوفى (923) في (المواهب اللدنية)، والمتقي الهندي المتوفى (975) في (كنز العمال)، والهروي القاري المتوفى (1014) في (المرقاة في شرح المشكاة) وتاجُ الدين المناوي المتوفى (1031) في (كنوز الحقايق في حديث خير الخلايق) و (فيض القدير)، والشيخاني القادري في (الصراط السوي في مناقب آل النبي)، وباكثير المكي المتوفى (1047) في (وسيلة الآمال في مناقب الآل)، وأبو عبد الله الزرقاني المالكي المتوفى (1122) في (شرح المواهب) وابنُ حمزة الدمشقي الحنفي في (كتاب البيان والتعريف)، وغيرُهم.
كمَا أنَّ المُفَسِّر نُصْبَ عَيْنَيْهِ آيٌ مِن القرآن الكريم نازِلَةٌ في هذه المسألة يَرَى مِن واجبهِ الإِفاضَةَ بِمَا جاءَ في نُزُولِها وتفسِيرها، ولا يَرْضَى لِنَفسِه أنْ يَكُون عمَلُه مَبْتُورًا، وسَعْيُه مُخْدَجًا، فذَكَرَها مِن أئمَّةِ التفسيرِ الطبريُّ المتوفى (310) في (تفسيره)، والثعلبيُّ المتوفى (427/437) في (تفسيره)، والواحديُّ المتوفى (468) في (أسباب النزول)، والقرطبيُّ المتوفى (567) في (تفسيره) وأبو السعود في (تفسيره)، والفخرُ الرازي المتوفى (606) في (تفسيره الكبير)، وابنُ كثير الشامي المتوفى (774) في (تفسيره)، والنيشابوري المتوفى في القرن الثامن في (تفسيره)، وجلالُ الدين السيوطي في (تفسيره)، والخطيبُ الشربيني في (تفسيره)، والآلوسي البغدادي المتوفى (1270) في (تفسيره)، وغيرُهم.
والمُتَكَلِّمُ حين يُقِيم البراهينَ في كلِّ مسألةٍ مِن مسائل علْم الكلام، إذا انْتَهَى بهِ السَّيْرُ إلى مسألة (الإِمَـامَة) فلا مُنْتَدَحَ (مَفَرّ) له مِن التَّعرض لِحديثِ الغدير حُجَّةً على المُدَّعَى أو نَقْلاً لِحُجَّةِ الخَصْمِ، وإنْ أَرْدَفَه بالمناقشةِ في الحِسَابِ عند الدِّلالَـةِ كالقاضي أبي بكر الباقلاني البصري المتوفى سنة (403) في (التمهيد)، والقاضـي عبدالرحمن الإيجي الشافعي المتوفى (756) في (المواقف)، والسيد الشريـف الجرجاني المتوفى (816) في (شرح المواقف)، والبيضاوي المتوفى (685) في (طوالع الأنوار)، وشمس الدين الأصفهاني في (مطالع الأنظار)، والتفتازاني المتوفى (792) في (شرح المقاصد)، والقوشجي المولى علاء الدين المتوفى (879) في (شرح التجريد)،وهذا لَفْظُهم:
إنَّ النبي صلى الله عليه وآله قد جَمَعَ الناسَ يوْمَ (غدير خم) مَوْضِعٍ بيْن مَكّةَ والمدينة بِالْجُحْفَة وذلك بعْد رُجُوعهِ مِن حجة الوداع، وكان يومًا صائفًا حتى أنَّ الرجلَ لَيَضَع رداءَه تحْت قدَمَيْه مِن شدة الحر،وجَمَع الرجالَ،وصَعَد عليها وقال مخاطبًا:
[مَعَاشِرَ المسلمين..أَلَسْتُ أوْلى بكم مِن أنفسكم؟]
قالوا:اللهم بلى،قال:
[مَن كنتُ موْلاه فعليٌّ موْلاه، اللهم والِ مَن وَالاه، وعَاد مَن عَاداه، وانْصُرْ مَن نَصَرَه، واخْذُل مَن خَذَله].
ومِن المُتَكَلِّمِين القاضي النجم محمد الشافعي المتوفى (876) في(بديع المعاني)وجلال الدين السيوطي في(أربعينه)،ومفتي الشام حامد بن علي العمادي في (الصلاة الفاخرة بالأحاديث المتواترة)، والآلوسي البغدادي المتوفى (1324) في (نثر اللئالي)، وغيرهم.
واللُّغَوِيُّ لا يَجِد مُنْتَدَحًا مِن الإِيعَاز (الإشارة) إلى حديث الغدير عند إِفَاضَةِ القوْلِ في معنى (المولى) أو (الخم) أو (الغدير) أو(الولي)،كابن دريد محمد بن الحسن المتوفى(321)في (جمهرته) ج1ص 71، وابن الأثير في (النهاية)، والحموي في (معجم البلدان) في (خم)، والزبيدي الحنفي في (تاج العروس)، والنبهاني في (المجموعة النبهانية). انتهى كلام العلامة (قده).


 

رد مع اقتباس