![]() |
افتحوا نوافذ النور على الخلق
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على محمّد وآله الطيبين الطاهرين واللعن الدائم على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين ” قد جاءكم بصائر من ربكم فمن أبصر فلنفسه و من عمي فعليها و ما أنا عليكم بحفيظ” ( سورة الأنعام – آية 104 ) ليس لرسول الله عمل سوى تبليغ الحق و دعوة الناس إلى الله . انه يعمل بجناحي التبشير و الإنذار في الخلق فإذا أتم رسالته فلا يبقى لأحد عذرٌ و لا حجة على الله و الرسول . و في هذه الآية الكريمة يعبر الله عن العلم و الحق بالنور و عن الجهل و الظلمة بالعمى و هذا إستعمال مجازي . يريد أن يقول تعالى للناس : أولئك الذين يتلقون الحق بهذه الدلائل و الإشارات و العلائم فإنهم يفيدون أنفسهم قبل أن يفيدوا غيرهم و أما الذين يبقون في جهلهم و عنادهم و بطلانهم رغم كل هذه العلائم البينة و الدلائل الواضحة فإنهم يخسرون أنفسهم و لا يضرون أحدا بمقدار ما يضروا أنفسهم . بصائر : الدلائل و العلائم التي يمكن عن طريقها الوصول الى الحق و تجنب الباطل . و يمكن أن يكون المراد من البصائر كل وسائل التقدم الفكري و العلمي التي جهز الله أنبياءه بها و طلب من عباده أن ينظروا فيها و في كل كتب الهداية و كتب الخلقة بنظرة التبصر و التعمق حتى تتفتح أمامهم آفاق العلم و المعرفة الروحية و المعنوية و تسوقهم إلى صراط الله المستقيم ، صراط عباده الذين أنعم عليهم بنعمة الهداية و الصلاح و أخرجهم من ظلمات الغي و الضلال لا صراط المغضوب عليهم و لا صراط الضالين . و بذلك يتبين لنا أن الجزء الأكبر من رسالة الأنبياء هو الأخذ بالإنسان نحو السمو و التعالي و التقدم الفكري و المعنوي ، حتى تقرر شخصيته الإنسانية و في ضوء عمله المستمر و سعيه الدؤوب يصل إلى أعلى مراتب الرقي و أنبل درجات السعادة في الدنيا و الآخرة . و لاتظنن يا أعزائي أن السعادة تأتي بالمال و الجاه في الدنيا إنما السعادة كلها مجتمعة في التقوى فبالتقوى يصل الإنسان – دون ريب – إلى مدارج الرفعة الروحية و يرتفع في سماء المعرفة حيث تنفجر ينابيع الحكمة من قلبه و يسمو تدريجيا إلى حيث الكمال البشري حيث يتسابق مع ملائكة الرحمن في القرب إلى رب العباد . و هكذا أيها الأعزاء يعلن القرآن أنك أيها الإنسان إذا فتحت نوافذ الحق على قلبك و نظرت بعين البصيرة إلى الأشياء ، كل الأشياء فإنك أنت الرابح و الفائز و إن أغلقت أبواب الحق على نفسك و امتنعت عن النظر الحق إلى الأشياء فإنك أنت الخاسر النادم لأنك سرت كالعميان في آفاق الحياة و معترك الحق و الباطل و بالتالي ضللت طريق الهداية ” فإنها لا تعمى الأبصار و لكن تعمى القلوب التي في الصدور ” فالإنسان إنسان الفكر و الحركة لا إنسان الجمود و المادة . و هكذا يدعو الأنبياء بني الإنسان بالدعوة القلبية و بالرفعة الروحية نحو الحق لا بإقرار القانون و التوسل بالقوة .. و إنها هي الوسيلة المعنوية الغيبية التي يتغافل عنها بل و يجهلها الماديون و التجريبيون ، و إنهم لفي جهلهم يعمهون . و لذلك يقر رسول الرحمة على لسان الوحي بأنه ” ما أنا عليكم بحفيظ ” فوظيفته التبليغ و الأرشاد فحسب و إنما أنت أيها الإنسان ممن يتبع الرسول فيهتدي أو ينحرف عنه فيضل و يشقى . و سلام على المرسلين |
الساعة الآن 01:12 PM |
Powered by vBulletin™ Version 3.8.7
Copyright © 2025 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved.
Support : Bwabanoor.Com
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010