الشيخ عباس محمد
04-20-2016, 06:15 PM
- جمع أُبَي بن كعب:
أ- واقع الجمع: إنّ قيام أُبَي بن كعب بجمع القرآن ضمن مصحف خاصّ به من الأحداث التاريخية التي نقلها أصحاب السير والتاريخ والأثر، حيث جمعه بعد رحيل النبي صلى الله عليه وآله وسلم واشتهرت قراءته - آنذاك - بين أهل الشام1.
ب- خصائص الجمع:
- ترتيب سوره قريباً من ترتيب المصحف الموجود اليوم بين أيدينا2.
- عدد السور: قيل: مائة وستّ عشرة سورة، وقيل: مائة وخمس عشرة سورة, بجعل سورتَي الفيل وقريش سورة واحدة، وزيادة سورتَي الخَلْع والحفد3.
- افتتاح المصحف بسورة الحمد واختتامه بالمعوَّذتين4.
- زيادة سورَتين، هما: سورة الخلْع (بسم الله الرحمن الرحيم * اللّهمّ إنّا نستعين ونستغفرك ونُثني عليك الخير * ولا نكفرك * ونخلَع ونترك مَن يفجرك)، وسورة الحفْد (بسم الله الرحمن الرحيم * اللّهمّ إيّاك نعبد ولك نصلّي ونسجد * وإليك
161
نسعى ونحفد * نخشى عذابك ونرجورحمتك * إنّ عذابك بالكفّار ملحَق)، حيث كان أبي بن كعب يدعو بهما في قنوته5.
- إسقاط البسملة بين سورتَي الفيل وقريش, باعتبارهما سورة واحدة بلا فصل بينهما6.
- افتتاح الحواميم بسورة الزمَر، فيكون عدد الحواميم عنده ثمانية7.
- اشتماله على بعض القراءات الشاذّة، من قبيل: قرأ: "هبنا" بدل ﴿بَعَثَنَا﴾ في قوله تعالى: ﴿قَالُوا يَا وَيْلَنَا مَن بَعَثَنَا مِن مَّرْقَدِنَا﴾8(يس: 52). وقرأ: "مرّوا فيه" أو "سعوا فيه" بدل ﴿مَّشَوْاْ فِيهِ﴾ في قوله تعالى: ﴿كُلَّمَا أَضَاء لَهُم مَّشَوْاْ فِيهِ﴾9 (البقرة: 20)...
ج- مصير الجمع: روي عن محمد بن أُبَي بن كعب: أنّ أناساً من أهل العراق قدموا عليه، فقالوا: إنّا تحمّلنا إليك من العراق، فاخرج لنا مصحف أُبَي، فقال محمد: قد قبضه عثمان، قالوا: سبحان الله، أخرجه! قال: قد قبضه عثمان10. فلعلّ في كثرة إلحاحهم عليه ما يُحتمل معه علمهم بوجود مصحف أُبَي مع ابنه.
ونقل الطبري عن أبو كريب، عن يحيى بن عيسى، عن نصير بن أبي الأشعث، عن حبيب بن أبي ثابت، عن أبيه، قال: أعطاني ابن عبّاس مصحفاً، فقال: هذا على قراءة أُبَي. قال أبو كريب: قال يحيى: فرأيت المصحف عند نصير فيه: ﴿فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ﴾﴿أَجَلٌ مُّسَمًّى﴾11. الأمر الذي يدلّ على أنَّ هذا المصحف كان موجوداً
162
على أقلّ تقدير إلى القرن الثاني, لأنَّ يحيى بن عيسى الكوفي الفاخوري توفّي عام 201هـ12.
قال الفضل بن شاذان: أخبرنا الثقة من أصحابنا: كان تأليف السور في قراءة أبي بن كعب بالبصرة في قرية يقال لها قرية الأنصار، على رأس فرسخين عند محمد بن عبد الملك الأنصاري13، أخرج إلينا مصحفاً، وقال: هو مصحف أُبَي رويناه عن آبائنا، فنظرت فيه، فاستخرجت أوائل السور، وخواتيم الرسل. وعدد الآي: فأوله فاتحة الكتاب...14.
2- جمع عبدالله بن مسعود:
أ- واقع الجمع: إنّ قيام عبدالله بن مسعود بجمع القرآن ضمن مصحف خاصّ به من الأحداث التاريخية التي نقلها أصحاب السير والتاريخ والأثر، حيث جمعه بعد رحيل النبي صلى الله عليه وآله وسلم واشتهرت قراءته - آنذاك - بين أهل الكوفة15.
ب- خصائص الجمع:
- الجمع وفْق الترتيب التالي: السبع الطوال، المِئين، المثاني، الحواميم، المُمتحنات، المفصَّلات16.
- إسقاط سورة الفاتحة من الجمع, ليس اعتقاداً بعدم قرآنيّتها، بل لأنّ الجمع سبب الحفظ عن الضياع، وسورة الفاتحة مأمونة عن الضياع, لكثرة قراءتها من
163
قِبَل المسلمين في صلواتهم اليومية17.
- إسقاط سورَتي المعوَّذتين "الفلَق" و"الناس", اعتقاداً منه أنَّهما ليستا من القرآن، بل هما للتعوّذ من العين والسحر18.
- عدد السور: مائة واثنتا عشرة سورة19.
- إثبات البسملة لسورة براءة20.
- التوسعة في قراءة ألفاظ القرآن، فكان ابن مسعود يجوِّز أن تُبدَّل كلمة إلى أُخرى مرادفتها، إذا كانت لتسهيل القراءة، ولا تضرّ بالمعنى القرآني، مثال: أقرأ ابن مسعود رجلاً: ﴿إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ * طَعَامُ الْأَثِيمِ﴾، فقال الرجل: طعام اليتيم، فردّها فلم يستقم بها لسانه، فقال: أتسطيع أن تقول طعام الفاجر، قال: نعم. قال: فافعل21.
- اشتماله على زيادات تفسيرية أُدرجت على النصّ القرآني, لغرض الإيضاح22.
ج- مصير الجمع: روي أنّه لمّا أُمِرَ بالمصاحف أن تغيّر - بعد توحيد المصاحف -، قال ابن مسعود: مَن استطاع أن يغلّ مصحفاً فليغلُل, فإنَّه مَن غلَّ يأت يوم القيامة23.
ونقل ابن النديم عن محمد بن إسحاق: رأيت عدّة مصاحف ذكر نسّاخها أنّها مصحف ابن مسعود، ليس فيها مصحفين متّفقين وأكثرها في رقّ كثير النسخ، وقد رأيت مصحفاً قد كتب منذ مائتي سنة فيه فاتحة الكتاب24.
164
3- مصاحف أُخرى:
أ- واقع هذه المصاحف: بعد رحيل النبي صلى الله عليه وآله وسلم, قامت جماعة من كبّار الصحابة بتأليف القرآن وجمع سوَره بين دفَّتين, بنَظمٍ وترتيب خاصّ، خوفاً على القرآن من الضياع، وأبرز هؤلاء الصحابة الذين اشتهروا بجمعهم مصاحف خاصّة بهم - غير ما سبق ذِكرهم -: أبو موسى الأشعري، حيث جمع مصحفاً سُمّي "لُباب القلوب"، واشتهرت قراءته بين أهل البصرة، والمقداد بن الأسود الذي اشتهرت قراءته بين أهل حمص ودمشق25.
ب- خصائص هذه المصاحف: الطابع العامّ لهذه المصاحف ترتيبها سورها وفق ما روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم, بتقديم السبع الطوال على المئين، ثمَّ المثاني، ثمَّ الحواميم، ثمَّ الممتحنات، ثمّ المفصَّلات، مع وجود بعض الاختلافات في ما بينها في تقديم بعض السور أو تأخيرها داخل المجموعة نفسها، أو نسبتها إلى مجموعة أخرى, وذلك باجتهاد من الصحابة أنفسهم26.
ج- مصير هذه المصاحف: تُلِفَت هذه المصاحف على عهد عثمان بعد قيامه بتوحيد المصاحف، حيث أرسل إلى كلّ أُفقٍ بمصحف ممّا نسخت لجنة توحيد المصاحف، وأمَر بما سواه من القرآن كان مجموعاً ضمن صحف أو ضمن مصحف جامع أن يُحرَق27.
يتبع
أ- واقع الجمع: إنّ قيام أُبَي بن كعب بجمع القرآن ضمن مصحف خاصّ به من الأحداث التاريخية التي نقلها أصحاب السير والتاريخ والأثر، حيث جمعه بعد رحيل النبي صلى الله عليه وآله وسلم واشتهرت قراءته - آنذاك - بين أهل الشام1.
ب- خصائص الجمع:
- ترتيب سوره قريباً من ترتيب المصحف الموجود اليوم بين أيدينا2.
- عدد السور: قيل: مائة وستّ عشرة سورة، وقيل: مائة وخمس عشرة سورة, بجعل سورتَي الفيل وقريش سورة واحدة، وزيادة سورتَي الخَلْع والحفد3.
- افتتاح المصحف بسورة الحمد واختتامه بالمعوَّذتين4.
- زيادة سورَتين، هما: سورة الخلْع (بسم الله الرحمن الرحيم * اللّهمّ إنّا نستعين ونستغفرك ونُثني عليك الخير * ولا نكفرك * ونخلَع ونترك مَن يفجرك)، وسورة الحفْد (بسم الله الرحمن الرحيم * اللّهمّ إيّاك نعبد ولك نصلّي ونسجد * وإليك
161
نسعى ونحفد * نخشى عذابك ونرجورحمتك * إنّ عذابك بالكفّار ملحَق)، حيث كان أبي بن كعب يدعو بهما في قنوته5.
- إسقاط البسملة بين سورتَي الفيل وقريش, باعتبارهما سورة واحدة بلا فصل بينهما6.
- افتتاح الحواميم بسورة الزمَر، فيكون عدد الحواميم عنده ثمانية7.
- اشتماله على بعض القراءات الشاذّة، من قبيل: قرأ: "هبنا" بدل ﴿بَعَثَنَا﴾ في قوله تعالى: ﴿قَالُوا يَا وَيْلَنَا مَن بَعَثَنَا مِن مَّرْقَدِنَا﴾8(يس: 52). وقرأ: "مرّوا فيه" أو "سعوا فيه" بدل ﴿مَّشَوْاْ فِيهِ﴾ في قوله تعالى: ﴿كُلَّمَا أَضَاء لَهُم مَّشَوْاْ فِيهِ﴾9 (البقرة: 20)...
ج- مصير الجمع: روي عن محمد بن أُبَي بن كعب: أنّ أناساً من أهل العراق قدموا عليه، فقالوا: إنّا تحمّلنا إليك من العراق، فاخرج لنا مصحف أُبَي، فقال محمد: قد قبضه عثمان، قالوا: سبحان الله، أخرجه! قال: قد قبضه عثمان10. فلعلّ في كثرة إلحاحهم عليه ما يُحتمل معه علمهم بوجود مصحف أُبَي مع ابنه.
ونقل الطبري عن أبو كريب، عن يحيى بن عيسى، عن نصير بن أبي الأشعث، عن حبيب بن أبي ثابت، عن أبيه، قال: أعطاني ابن عبّاس مصحفاً، فقال: هذا على قراءة أُبَي. قال أبو كريب: قال يحيى: فرأيت المصحف عند نصير فيه: ﴿فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ﴾﴿أَجَلٌ مُّسَمًّى﴾11. الأمر الذي يدلّ على أنَّ هذا المصحف كان موجوداً
162
على أقلّ تقدير إلى القرن الثاني, لأنَّ يحيى بن عيسى الكوفي الفاخوري توفّي عام 201هـ12.
قال الفضل بن شاذان: أخبرنا الثقة من أصحابنا: كان تأليف السور في قراءة أبي بن كعب بالبصرة في قرية يقال لها قرية الأنصار، على رأس فرسخين عند محمد بن عبد الملك الأنصاري13، أخرج إلينا مصحفاً، وقال: هو مصحف أُبَي رويناه عن آبائنا، فنظرت فيه، فاستخرجت أوائل السور، وخواتيم الرسل. وعدد الآي: فأوله فاتحة الكتاب...14.
2- جمع عبدالله بن مسعود:
أ- واقع الجمع: إنّ قيام عبدالله بن مسعود بجمع القرآن ضمن مصحف خاصّ به من الأحداث التاريخية التي نقلها أصحاب السير والتاريخ والأثر، حيث جمعه بعد رحيل النبي صلى الله عليه وآله وسلم واشتهرت قراءته - آنذاك - بين أهل الكوفة15.
ب- خصائص الجمع:
- الجمع وفْق الترتيب التالي: السبع الطوال، المِئين، المثاني، الحواميم، المُمتحنات، المفصَّلات16.
- إسقاط سورة الفاتحة من الجمع, ليس اعتقاداً بعدم قرآنيّتها، بل لأنّ الجمع سبب الحفظ عن الضياع، وسورة الفاتحة مأمونة عن الضياع, لكثرة قراءتها من
163
قِبَل المسلمين في صلواتهم اليومية17.
- إسقاط سورَتي المعوَّذتين "الفلَق" و"الناس", اعتقاداً منه أنَّهما ليستا من القرآن، بل هما للتعوّذ من العين والسحر18.
- عدد السور: مائة واثنتا عشرة سورة19.
- إثبات البسملة لسورة براءة20.
- التوسعة في قراءة ألفاظ القرآن، فكان ابن مسعود يجوِّز أن تُبدَّل كلمة إلى أُخرى مرادفتها، إذا كانت لتسهيل القراءة، ولا تضرّ بالمعنى القرآني، مثال: أقرأ ابن مسعود رجلاً: ﴿إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ * طَعَامُ الْأَثِيمِ﴾، فقال الرجل: طعام اليتيم، فردّها فلم يستقم بها لسانه، فقال: أتسطيع أن تقول طعام الفاجر، قال: نعم. قال: فافعل21.
- اشتماله على زيادات تفسيرية أُدرجت على النصّ القرآني, لغرض الإيضاح22.
ج- مصير الجمع: روي أنّه لمّا أُمِرَ بالمصاحف أن تغيّر - بعد توحيد المصاحف -، قال ابن مسعود: مَن استطاع أن يغلّ مصحفاً فليغلُل, فإنَّه مَن غلَّ يأت يوم القيامة23.
ونقل ابن النديم عن محمد بن إسحاق: رأيت عدّة مصاحف ذكر نسّاخها أنّها مصحف ابن مسعود، ليس فيها مصحفين متّفقين وأكثرها في رقّ كثير النسخ، وقد رأيت مصحفاً قد كتب منذ مائتي سنة فيه فاتحة الكتاب24.
164
3- مصاحف أُخرى:
أ- واقع هذه المصاحف: بعد رحيل النبي صلى الله عليه وآله وسلم, قامت جماعة من كبّار الصحابة بتأليف القرآن وجمع سوَره بين دفَّتين, بنَظمٍ وترتيب خاصّ، خوفاً على القرآن من الضياع، وأبرز هؤلاء الصحابة الذين اشتهروا بجمعهم مصاحف خاصّة بهم - غير ما سبق ذِكرهم -: أبو موسى الأشعري، حيث جمع مصحفاً سُمّي "لُباب القلوب"، واشتهرت قراءته بين أهل البصرة، والمقداد بن الأسود الذي اشتهرت قراءته بين أهل حمص ودمشق25.
ب- خصائص هذه المصاحف: الطابع العامّ لهذه المصاحف ترتيبها سورها وفق ما روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم, بتقديم السبع الطوال على المئين، ثمَّ المثاني، ثمَّ الحواميم، ثمَّ الممتحنات، ثمّ المفصَّلات، مع وجود بعض الاختلافات في ما بينها في تقديم بعض السور أو تأخيرها داخل المجموعة نفسها، أو نسبتها إلى مجموعة أخرى, وذلك باجتهاد من الصحابة أنفسهم26.
ج- مصير هذه المصاحف: تُلِفَت هذه المصاحف على عهد عثمان بعد قيامه بتوحيد المصاحف، حيث أرسل إلى كلّ أُفقٍ بمصحف ممّا نسخت لجنة توحيد المصاحف، وأمَر بما سواه من القرآن كان مجموعاً ضمن صحف أو ضمن مصحف جامع أن يُحرَق27.
يتبع