شجون الزهراء
05-11-2013, 04:30 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله
السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركاته
الطواغیت یریدون قرآناً وفق هوی أنفسهم
إنّ هؤلإ يخسرون دوماً صفاتهم الإيجابيّة ، ويغيّرون الثروات والنعم الإلهيّة من العمر والحياة والعقل والقدرة ، ويستبدلونها بلذّات متغيّرة فانية ، فهم في حال هبوط دائميّ في درك النفس ونار جهنّم وعذاب الجحيم .
فأيّ حجابٍ أشدّ من هذا ؟ وأيّ سدّ وحاجزٍ أقوي وأكثر إحكاماً ؟
إنّهم يخافون كلمة اللهُ أَكْبَرُ وعبارة لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَهُ فيهربون منها ، لا نّهم يكرهون أن يصف النبيّ ربّه بالوحدانيّة ، وكلّما ورد في القرآن التوحيد فوصف الخالق به ، وبالتفرّد في الذات والصفة والفعل ، وقيل إنّ الامر والنهي ، والحكم والطاعة كلّها للّه ، ولّوا علی أدبارهم نفوراً من كلمات الحقّ الصادعة هذه . وذلك لا نّهم اتّخذوا أرباباً من دون الله من أب وأُمّ وشريك ورفيق ، وزوجة وابن ، وحاكم ومحكوم ، وراعٍ ورعيّة ، وثروة وتجارة وزراعة ، وحرفة وصنعة ، و ... كلّ هذه آلهتهم وأربابهم ، فكيف سيتأتّي لهم أن يعرضوا صفحاً عن آلهتهم هؤلاء ، وأن يسدلوا علیهم ستار النسيان ، ليؤمنوا بكلّ وجودهم بالله الواحد القهّار ؟!
كيف يمكنهم تجاهل نوازعهم النفسيّة ، وطموحاتهم اللا مشروعة ، وآمالهم المتعارضة مع الإنسانيّة ، الهادمة صرحها والمستأصلة جذورها ، لكي يصبحوا تابعين طيّعين يعملون طبقاً لتعإلیم القرآن الكريم بالعدل والقسط في المجالات الفرديّة والاجتماعيّة ؟
لكلّ هذا ، لم يكن هؤلاء ليقبلوا تعإلیم الإسلام القائمة علی أساس الوحدة التي لا تتساوق مع الحياة الشيطانيّة ، ولا تنسجم والقصور القائمة في دنيا الخيال والوهم وعشق المجاز .
فالقرآن كتاب حقّ ، يدعوهم إلی الحقّ ، وهم يصرّون علی الباطل ، بل يقولون جهاراً : بدّل قرآنك هذا ، أيّها النبيّ ، أوِ ائتنا بغيره ينسجم وهوي أنفسنا ، ويقرّنا علی تجاوزاتنا ، ويتركنا أحراراً مطلقي العنان في تحقيق رغباتنا .
ائتِ بقرآنٍ يقيم وزناً لوجهائنا وكبرائنا ويميّزهم ، ولا يجعل الغنيّ والفقير في المعاملة علی حدٍّ سواء .
ائت بقرآن يجعل الناس يهوون سجّداً علی أعتاب قصورنا ، يديم هيمنتنا وتسلّطنا علی رقاب الضعفاء .
ائت بقرآن لا يدعونا إلی الصلاة والتضرّع ، ولا يأمرنا بالصوم والحجّ والجهاد ، ولا يسألنا الإنفاق والإيثار وبذل الاموال ، بل يرخي لنا العنان في ركوب الشهوات ، والاعتداء علی أعراض الناس ونواميسهم ، واغتصاب حقّ ذوي الحقوق ، وسلب أتعاب الضعفاء والمساكين ، وفي معاقرة الخمرة والكذب والقمار والرشوة .
وباختصار ، فإنّنا نريد أن تأتينا بقرآن يكفل رغباتنا النفسيّة ، ويُشبع نوازعنا في الإسراف والتبذير ، لا أن يحدّ ويقيّد تبعيّتنا لاهوائنا النفسيّة ، أو يضع الحواجز الرادعة أمام ما ينتابنا من نوازع وهواجس .
وَإِذَا تُتْلَي' عَلَیْهِمْ ءَايَاتُنَا بَيِّنَـ'تٍ قَالَ الَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَآئَنَا ائْتِ بِقُرْءَانٍ غَيْرِ هَـ'ذَآ أَوْ بَدِّلْهُ [1] قُلْ مَا يَكُونُ لِي´ أَنْ أُبَدِّلَهُ و مِن تِلْقَآيءِ نَفْسِي´ إِن أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَي'´ إلَی إِنِّي´ أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ * قُلْ لَّوْ شَآءَ اللَهُ مَا تَلَوْتُهُ و عَلَیْكُمْ وَلاَ´ أَدْرَب'كُمْ بِهِ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُرًا مِّن قَبْلِهِ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ . [2]
قُل لهم أيّها النبيّ : إن القرآن كتاب التوحيد الذي جاء ليجتاز بكم مرحلة البهيميّة إلی أُفق الإنسانيّة المشرق الوضّاء ، وهو كتابٌ أرسله الله ، لم يكن من صنع يدي أو من بنات أفكاري ، لم أئت به من عند نفسي أو أنشأه وفق رغبتي كي أُغيّر فيه برأيي وذوقي ، بل إنّ قلبي كالمرآة مقابل أنوار الحقّ تعإلی ، يوحي إلیه ما يشاء ، ولو عنّ لي مخالفة ، مهما صغرت ، لمسّني في ذلك العذاب الإلیم . ودليلي الواضح علی صدق دعواي هذه عيشي فيكم أربعين سنة أُعاشركم وتعاشرونني ، لم تعهدوا عنّي طيلتها جملةً من كلامٍ كهذا . فاعلموا ، إذَن ، أنّ القرآن ليس من كلامي ، بل هو وحي الله الذي نزل وأُمرت بتلاوته علیكم وتبليغه لكم .
فَلاَ´ أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ * وَمَا لاَ تُبْصِرُونَ * إِنَّهُ و لَقُوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ * وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلاً مَّا تُؤْمِنُونَ * وَلاَ بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ * تَنزِيلٌ مِّن رَّبِّ الْعَـ'لَمِينَ * وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَیْنَا بَعْضَ الاْقَاوِيلِ * لاَخَذْنَا مِنْهُ بِإلیمِينِ * ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ * فَمَا مِنكُمْ مِّنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَـ'جِزِينَ * وَإِنَّهُ و لَتَذْكِرَةٌ لِّلْمُتَّقِينَ . [3]
والخلاصة فقد ظلّ عدّة لا يُقلعون عن متابعة هوي النفس الامّارة ، ولا ينقادون للآيات القرآنيّة الكريمة ، لتسلّط الغرائز الشيطانيّة والملكات ، الموروث منها والمكتسب بالتربية ، وهولاء وأمثالهم لا يزيدهم عرض القرآن علیهم إلاّ إصراراً علی الجحود والإنكار ممّايتمّ الحجّة علیهم ويعقبهم شقاءً وخسراناً ، وهو معني زيادة الخسران وَلاَ يَزِيدُ الظَّـ'لِمِينَ إِلاَّ خَسَارًا.
بَيدَ أنّ عدّة أُخري امتلكت الروح الطاهرة النزيهة ، والغرائز الرحمانيّة ، والملكات الحسنة الموروثة ، والتربية الصالحة ، فسمت فوق كلّ إنّيّاتها وشخصيّاتها ففدتها في طريق الحقّ ، مسلمة منقادة لاوامر الله في قرآنه الكريم ، أُولئك الذين تترك الآيات الإلهيّة في أنفسهم وأرواحهم دوماً بصماتها الإيجابيّة ، فيقوي بها الإيمان وتسعد بها الارواح ؛ وهذا هو معني الشفاء والرحمة الخاصّة بالمعتقدين بالقرآن :
-------------------
[1] ـ نورد هنا مطلباً نقله عن الشيخ محمّد عبده المرحوم الشيخ محمود أبو ريّة العالم المصريّ المنصف المتبصّر في كتابه النفيس : «أضواء علي السنّة المحمّديّة» ص 405 و 406، الطبعة الثالثة ، حيث يقول :
وقال الاُستاذ محمّد عبده رضي الله عنه : إنّ المسلمين ليس لهم إمام في هذا العصر غير القرآن ، وإنّ الإسلام الصحيح هو ما كان عليه الصدر الاوّل قبل ظهور الفتن .
وقال رحمه الله : لا يمكن لهذه الاُمّة أن تقوم ما دامت هذه الكتب فيها (يعني الكتب التي تدرّس في الازهر وأمثالها) ولن تقوم إلاّ بالروح التي كانت في القرن الاوّل وهو «القرآن» وكلّ ما عداه فهو حجاب قائم بينه وبين العمل والعلم .
وقال رحمه الله في تفسير سورة الفاتحة : إذا وزنّا ما في أذمغتنا من الاعتقاد بكتاب الله تعالي من غير أن ندخلها أوّلاً فيه ، يظهر لنا كوننا مهتدين أو ضالّين ، وأمّا إذا أدخلنا ما في أدمغتنا في القرآن وحشرناها فيه أوّلاً ، فلا يمكننا أن نعرف الهداية من الضلال ، لاختلاط الموزون بالميزان فلا يدري ما هو الموزون من الموزون به أريد أن يكون القرآن أصلاً تحمل عليه المذاهب والآراء في الدين ، لا أن تكون المذاهب أصلاً والقرآن هو الذي يحمل عليها ، ويرجع بالتأويل أو التحريف إلیها ، كما جري عليه المخذلون ، وتاه فيه الضالّون انتهي .
[2] ـ الآيتان 15 و 16: من السورة 10: يونس .
[3] ـ الآيات 38 إلی 48، من السورة 69: الحاقّة .
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله
السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركاته
الطواغیت یریدون قرآناً وفق هوی أنفسهم
إنّ هؤلإ يخسرون دوماً صفاتهم الإيجابيّة ، ويغيّرون الثروات والنعم الإلهيّة من العمر والحياة والعقل والقدرة ، ويستبدلونها بلذّات متغيّرة فانية ، فهم في حال هبوط دائميّ في درك النفس ونار جهنّم وعذاب الجحيم .
فأيّ حجابٍ أشدّ من هذا ؟ وأيّ سدّ وحاجزٍ أقوي وأكثر إحكاماً ؟
إنّهم يخافون كلمة اللهُ أَكْبَرُ وعبارة لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَهُ فيهربون منها ، لا نّهم يكرهون أن يصف النبيّ ربّه بالوحدانيّة ، وكلّما ورد في القرآن التوحيد فوصف الخالق به ، وبالتفرّد في الذات والصفة والفعل ، وقيل إنّ الامر والنهي ، والحكم والطاعة كلّها للّه ، ولّوا علی أدبارهم نفوراً من كلمات الحقّ الصادعة هذه . وذلك لا نّهم اتّخذوا أرباباً من دون الله من أب وأُمّ وشريك ورفيق ، وزوجة وابن ، وحاكم ومحكوم ، وراعٍ ورعيّة ، وثروة وتجارة وزراعة ، وحرفة وصنعة ، و ... كلّ هذه آلهتهم وأربابهم ، فكيف سيتأتّي لهم أن يعرضوا صفحاً عن آلهتهم هؤلاء ، وأن يسدلوا علیهم ستار النسيان ، ليؤمنوا بكلّ وجودهم بالله الواحد القهّار ؟!
كيف يمكنهم تجاهل نوازعهم النفسيّة ، وطموحاتهم اللا مشروعة ، وآمالهم المتعارضة مع الإنسانيّة ، الهادمة صرحها والمستأصلة جذورها ، لكي يصبحوا تابعين طيّعين يعملون طبقاً لتعإلیم القرآن الكريم بالعدل والقسط في المجالات الفرديّة والاجتماعيّة ؟
لكلّ هذا ، لم يكن هؤلاء ليقبلوا تعإلیم الإسلام القائمة علی أساس الوحدة التي لا تتساوق مع الحياة الشيطانيّة ، ولا تنسجم والقصور القائمة في دنيا الخيال والوهم وعشق المجاز .
فالقرآن كتاب حقّ ، يدعوهم إلی الحقّ ، وهم يصرّون علی الباطل ، بل يقولون جهاراً : بدّل قرآنك هذا ، أيّها النبيّ ، أوِ ائتنا بغيره ينسجم وهوي أنفسنا ، ويقرّنا علی تجاوزاتنا ، ويتركنا أحراراً مطلقي العنان في تحقيق رغباتنا .
ائتِ بقرآنٍ يقيم وزناً لوجهائنا وكبرائنا ويميّزهم ، ولا يجعل الغنيّ والفقير في المعاملة علی حدٍّ سواء .
ائت بقرآن يجعل الناس يهوون سجّداً علی أعتاب قصورنا ، يديم هيمنتنا وتسلّطنا علی رقاب الضعفاء .
ائت بقرآن لا يدعونا إلی الصلاة والتضرّع ، ولا يأمرنا بالصوم والحجّ والجهاد ، ولا يسألنا الإنفاق والإيثار وبذل الاموال ، بل يرخي لنا العنان في ركوب الشهوات ، والاعتداء علی أعراض الناس ونواميسهم ، واغتصاب حقّ ذوي الحقوق ، وسلب أتعاب الضعفاء والمساكين ، وفي معاقرة الخمرة والكذب والقمار والرشوة .
وباختصار ، فإنّنا نريد أن تأتينا بقرآن يكفل رغباتنا النفسيّة ، ويُشبع نوازعنا في الإسراف والتبذير ، لا أن يحدّ ويقيّد تبعيّتنا لاهوائنا النفسيّة ، أو يضع الحواجز الرادعة أمام ما ينتابنا من نوازع وهواجس .
وَإِذَا تُتْلَي' عَلَیْهِمْ ءَايَاتُنَا بَيِّنَـ'تٍ قَالَ الَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَآئَنَا ائْتِ بِقُرْءَانٍ غَيْرِ هَـ'ذَآ أَوْ بَدِّلْهُ [1] قُلْ مَا يَكُونُ لِي´ أَنْ أُبَدِّلَهُ و مِن تِلْقَآيءِ نَفْسِي´ إِن أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَي'´ إلَی إِنِّي´ أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ * قُلْ لَّوْ شَآءَ اللَهُ مَا تَلَوْتُهُ و عَلَیْكُمْ وَلاَ´ أَدْرَب'كُمْ بِهِ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُرًا مِّن قَبْلِهِ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ . [2]
قُل لهم أيّها النبيّ : إن القرآن كتاب التوحيد الذي جاء ليجتاز بكم مرحلة البهيميّة إلی أُفق الإنسانيّة المشرق الوضّاء ، وهو كتابٌ أرسله الله ، لم يكن من صنع يدي أو من بنات أفكاري ، لم أئت به من عند نفسي أو أنشأه وفق رغبتي كي أُغيّر فيه برأيي وذوقي ، بل إنّ قلبي كالمرآة مقابل أنوار الحقّ تعإلی ، يوحي إلیه ما يشاء ، ولو عنّ لي مخالفة ، مهما صغرت ، لمسّني في ذلك العذاب الإلیم . ودليلي الواضح علی صدق دعواي هذه عيشي فيكم أربعين سنة أُعاشركم وتعاشرونني ، لم تعهدوا عنّي طيلتها جملةً من كلامٍ كهذا . فاعلموا ، إذَن ، أنّ القرآن ليس من كلامي ، بل هو وحي الله الذي نزل وأُمرت بتلاوته علیكم وتبليغه لكم .
فَلاَ´ أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ * وَمَا لاَ تُبْصِرُونَ * إِنَّهُ و لَقُوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ * وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلاً مَّا تُؤْمِنُونَ * وَلاَ بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ * تَنزِيلٌ مِّن رَّبِّ الْعَـ'لَمِينَ * وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَیْنَا بَعْضَ الاْقَاوِيلِ * لاَخَذْنَا مِنْهُ بِإلیمِينِ * ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ * فَمَا مِنكُمْ مِّنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَـ'جِزِينَ * وَإِنَّهُ و لَتَذْكِرَةٌ لِّلْمُتَّقِينَ . [3]
والخلاصة فقد ظلّ عدّة لا يُقلعون عن متابعة هوي النفس الامّارة ، ولا ينقادون للآيات القرآنيّة الكريمة ، لتسلّط الغرائز الشيطانيّة والملكات ، الموروث منها والمكتسب بالتربية ، وهولاء وأمثالهم لا يزيدهم عرض القرآن علیهم إلاّ إصراراً علی الجحود والإنكار ممّايتمّ الحجّة علیهم ويعقبهم شقاءً وخسراناً ، وهو معني زيادة الخسران وَلاَ يَزِيدُ الظَّـ'لِمِينَ إِلاَّ خَسَارًا.
بَيدَ أنّ عدّة أُخري امتلكت الروح الطاهرة النزيهة ، والغرائز الرحمانيّة ، والملكات الحسنة الموروثة ، والتربية الصالحة ، فسمت فوق كلّ إنّيّاتها وشخصيّاتها ففدتها في طريق الحقّ ، مسلمة منقادة لاوامر الله في قرآنه الكريم ، أُولئك الذين تترك الآيات الإلهيّة في أنفسهم وأرواحهم دوماً بصماتها الإيجابيّة ، فيقوي بها الإيمان وتسعد بها الارواح ؛ وهذا هو معني الشفاء والرحمة الخاصّة بالمعتقدين بالقرآن :
-------------------
[1] ـ نورد هنا مطلباً نقله عن الشيخ محمّد عبده المرحوم الشيخ محمود أبو ريّة العالم المصريّ المنصف المتبصّر في كتابه النفيس : «أضواء علي السنّة المحمّديّة» ص 405 و 406، الطبعة الثالثة ، حيث يقول :
وقال الاُستاذ محمّد عبده رضي الله عنه : إنّ المسلمين ليس لهم إمام في هذا العصر غير القرآن ، وإنّ الإسلام الصحيح هو ما كان عليه الصدر الاوّل قبل ظهور الفتن .
وقال رحمه الله : لا يمكن لهذه الاُمّة أن تقوم ما دامت هذه الكتب فيها (يعني الكتب التي تدرّس في الازهر وأمثالها) ولن تقوم إلاّ بالروح التي كانت في القرن الاوّل وهو «القرآن» وكلّ ما عداه فهو حجاب قائم بينه وبين العمل والعلم .
وقال رحمه الله في تفسير سورة الفاتحة : إذا وزنّا ما في أذمغتنا من الاعتقاد بكتاب الله تعالي من غير أن ندخلها أوّلاً فيه ، يظهر لنا كوننا مهتدين أو ضالّين ، وأمّا إذا أدخلنا ما في أدمغتنا في القرآن وحشرناها فيه أوّلاً ، فلا يمكننا أن نعرف الهداية من الضلال ، لاختلاط الموزون بالميزان فلا يدري ما هو الموزون من الموزون به أريد أن يكون القرآن أصلاً تحمل عليه المذاهب والآراء في الدين ، لا أن تكون المذاهب أصلاً والقرآن هو الذي يحمل عليها ، ويرجع بالتأويل أو التحريف إلیها ، كما جري عليه المخذلون ، وتاه فيه الضالّون انتهي .
[2] ـ الآيتان 15 و 16: من السورة 10: يونس .
[3] ـ الآيات 38 إلی 48، من السورة 69: الحاقّة .